تسريبات البنتاغون: مَن يقف وراءها وهل ستؤثر على حلفاء أمريكا العرب؟

تسريبات البنتاغون: مَن يقف وراءها وهل ستؤثر على حلفاء أمريكا العرب؟

تسريبات البنتاغون: مَن يقف وراءها وهل ستؤثر على حلفاء أمريكا العرب؟

 

نداء بوست- آلاء عوض

في يوم السبت كان المسؤولون الأمريكيون وحلفاؤهم الأجانب يتسابقون لفهم كيف أصبحت العشرات من الوثائق الاستخباراتية السرية منشورة على الإنترنت. وكانوا مندهشين، وأحياناً غاضبين، من التفاصيل الهائلة التي كشفتها هذه الوثائق عن كيفية تجسُّس الولايات المتحدة على أصدقائها وأعدائها على حد سواء.

ويبذل المسؤولون الأمريكيون جهوداً حثيثة لتحديد مصدر تسريب وثائق عسكرية ومخابراتية شديدة السرية، التي تم نشرها على الإنترنت وتضمنت معلومات حول الدفاعات الجوية الأوكرانية وجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد). وتشتبه السلطات في أن شخصاً من الولايات المتحدة قد يكون وراء التسريب. وَفْق وكالة "رويترز".

وتحمل إحدى الوثائق ختم "سري للغاية" وتأتي من إفادة للمخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه)، وتشير إلى دعم جهاز المخابرات الإسرائيلي للاحتجاجات المناهضة لخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإحكام السيطرة على المحكمة العليا.

وبحسب وكالة "رويترز" كشفت وثيقة أخرى تفاصيل متعلقة بمناقشات خاصة دارت بين كبار المسؤولين الكوريين الجنوبيين حول الضغط الأمريكي على الحليف الآسيوي للمساعدة في إمداد أوكرانيا بالأسلحة، وسياسة "سيئول" القائمة على ألا تفعل ذلك.

وقد نفى مكتب نتنياهو صحة الوثيقة المتعلقة بجهاز المخابرات الإسرائيلي، وأشار مسؤولون أمريكيون إلى أن الوثائق لم تقدم سوى لمحة جزئية عن الحرب في أوكرانيا وتعود لشهر مضى.

ويُجري المسؤولون الأمريكيون تحقيقات لمعرفة مصدر التسريبات، ويرجحون أن يكون المسرب شخصاً من الولايات المتحدة. وتقوم وزارة العدل بالتحقيق في الأمر، فيما يبحث المسؤولون في عملياتهما لمعرفة إلى أي مدى تمت مشاركة المعلومات المخابراتية داخلياً. ويتمثل أحد الاحتمالات التي يدرسها المسؤولون في أن يكون الشخص الذي نشر هذه الوثائق أحد الموظفين الساخطين على الوضع أو أحد المسؤولين في الداخل الذين يسعون للإضرار بمصالح الأمن القومي الأمريكي بحسب صحيفة "واشنطن بوست".

https://twitter.com/AricToler/status/1644388335840788494?t=hN5SZhTlq_fODbxeFNHvqg&s=19

تسريبات البنتاغون وحرب أوكرانيا

وتحتوي وثائق جاءت من البنتاغون ومصنفة بما يسمى "سري للغاية"، على معلومات تكتيكية عن الحرب في أوكرانيا، بما في ذلك قدرات القتال في البلاد. وفقاً لمسؤول دفاعي تحدث لـ "واشنطن بوست": يبدو أن العديد من الوثائق قد أُعدت في فصل الشتاء للجنرال مارك أيه ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، وكبار المسؤولين العسكريين الآخرين، ولكنها كانت متاحة للموظفين الأمريكيين الآخرين والموظفين المتعاقدين الذين يمتلكون التصاريح الأمنية اللازمة.

تتضمن الوثائق الأخرى تحليلاً من وكالات المخابرات الأمريكية حول روسيا وعدة دول أخرى، وذلك استناداً إلى معلومات مستخلصة من مصادر سرية. تفتح هذه السلسلة من الملخصات والتقارير نافذة نادرة على عمليات التجسس الأمريكية الداخلية. ومن بين الأسرار الأخرى التي تبدو مكشوفة هي مكان تجنيد وكالة الاستخبارات المركزية لعملاء على دراية بالمحادثات الخاصة لقادة العالم ونوع الصور الفضائية التي تستخدمها الولايات المتحدة لتتبُّع القوات الروسية، بما في ذلك تقنية متطورة لم يتم الإعلان عنها علناً.

وتمت مشاركة صور لعدة عشرات من صفحات الوثائق السرية على Discord في 28 فبراير و2 مارس، وهي منصة دردشة معروفة.

وأعلن قادة البنتاغون يوم الجمعة تقييد تدفُّق المعلومات الاستخباراتية رداً على هذه التسريبات. ووصف أحد المسؤولين الأمريكيين هذا القيود بأنها غير عادية وأنها كشفت عن مستوى عالٍ من الذعر بين قادة البنتاغون بحسب الصحيفة.

يشعر مسؤول استخباراتي أوروبي بالقلق من أنه إذا قيدت واشنطن الدخول الخاص لحلفائها إلى تقارير الاستخبارات في المستقبل، فقد يتركهم ذلك بلا معلومات. ويحمل العديد من الوثائق المسربة علامة "NOFORN"، مما يعني أنها لا يمكن إرسالها إلى الأجانب وتحتوي بعض الوثائق على معلومات استخباراتية حول الأنشطة البريطانية والكندية، مما يشير إلى أن الآثار الناجمة عن التسريبات لن تقتصر على الولايات المتحدة فقط.

تأثُّر الشرق الأوسط بالوثائق المسربة

حول هذا الموضوع قال وائل علوان الباحث في مركز "جسور للدراسات": المعطيات الأولى تشير إلى تعمُّد تسريب هذه الوثائق من قِبل الإدارة الأمريكية كما نقلت وكالة "رويترز"، لكن لا بدّ في البداية من التحقّق من صحتها مضيفاً أنها إنْ كانت فعلاً صحيحة فإنها "ستؤدي إلى المزيد من خلط الأوراق ليس فقط على مستوى الحرب الأوكرانية وإنما على صعيد مختلف الملفات في العالم".

ولفت علوان إلى أن الوثائق قد تحتوي على الكثير من المعلومات المهمة في ما يخص الشرق الأوسط والدول العربية، إضافة إلى ما نُشر حول احتوائها بشكل أساسي على معلومات متعلقة بالحرب الأوكرانية وبالقضايا الداخلية والخارجية في إسرائيل مضيفاً لـ "نداء بوست": ما يزال هنالك المزيد من الوثائق التي يتمّ الاطّلاع عليها والتي قد تتضمن موضوعات متعددة، وبالتأكيد سيكون هنالك المزيد من المعلومات، ويُكتشف المزيد من التوجهات الأمريكية حيال الاصطفافات للدول الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية، بالتوازي مع الصراع العالمي البارد الجديد ما بين أقطاب متعددة، وأبرزها الصين وروسيا مقابل الغرب الذي تقوده أمريكا".

المدى الكامل للتسريب غير واضح. وقال المسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية: إن ما ظهر على الإنترنت ربما كان نتيجة إفشاء واحد من جزء من الوثائق، ولكن المسؤولين لم يكونوا متأكدين بعد من ذلك. وشملت 50 صفحة تمت مراجعتها من قِبل صحيفة "واشنطن بوست" وكانت بالفعل كل زاوية من الجهاز الاستخباراتي الأمريكي. تصف الوثائق أنشطة الاستخبارات في وكالة الأمن القومي ووكالة المخابرات المركزية ووكالة المخابرات الدفاعية ووكالات إنفاذ القانون والمكتب الوطني للاستطلاع (NRO) - وهي ربما أكثر وكالة استخباراتية سرية في الحكومة، والمسؤولة عن مجموعة الأقمار الصناعية التجسسية.

ومن المرجَّح أن تؤثر هذه الوثائق المسربة على العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وبعض حلفائها، خاصة إذا تم إثبات أن هناك أحد حلفائها قد نشر المعلومات. ويمكن أن تؤدي هذه التسريبات إلى تقليص نطاق المعلومات المُشارَكة بين الحلفاء في المستقبل، مما يعرض الجميع لخطر الجهل بالتهديدات المشتركة. وَفْقَ الصحيفة.

وحول احتمالية أن يدفع تسريب وثائق تخصّ التجسس على السعودية ودول الخليج هذه الدول باتجاه الصين أكثر أكّد علوان أن "الولايات المتحدة تراقب اليوم بحَذَر التحالفات العالمية الجديدة خاصة بعد المواجهات السياسية الروسية الغربية والصينية الغربية، لكنها ما تزال تمتلك الكثير من أوراق الضغط على حلفائها، والأدوات التي ربما تكشف عنها هذه الوثائق، ومن الممكن أن تحقّق المزيد من عدم قدرة الحلفاء على كسر هذه العلاقة بشكل كامل والانحياز إلى تحالُفات جديدة".

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد