تذبذب الليرة التركية وانخفاض فرص العمل يزيد من معاناة العمال شمال سوريا
نداء بوست-إدلب-خاص
يشكو عبد الله الأحمد من انخفاض أجره اليومي خلال عمله في مواد البناء ضمن أحد الورش العمالية في منطقة الدانا بالقرب من الحدود التركية شمال سوريا.
يتقاضى الأحمد مبلغاً قدره 75 ليرة تركية أقل من 3 دولارات مقابل عمله من الساعة 7 صباحاً حتى الساعة 7 مساءاً، معتبراً أن عدم وجود بديل يفرض عليه هذا العمل الشاق.
وفي حديث لموقع نداء بوست يؤكد الأحمد أنه رغم تذبذب سعر صرف الليرة التركية ووصولها إلى 27 ليرة مقابل الدولار الأمريكي فإنه أجره اليومي لم يرتفع مشيراً إلى أن صاحب العمل هددهم بالطرد بعد مطالبتهم بزيادة الأجور.
وأضاف في حديثه أن معظم العمال غير قادرين على جلب حاجياتهم اليومية، وكذلك لم يتمكنوا من إدخال أبنائهم المدارس لأن معظمها مأجور وتحتاج مبالغاً غير قادرين على دفعها.
مع ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً، وانخفاض قيمة الليرة التركية بشكل كبير ازدادت أعباء المعيشة على المدنيين في منطقة شمال غربي سورية، وارتفعت تكاليفها بينما انتشرت حالات الفقر المدقع بين فئات مختلفة.
وأصدر فريق منسقو استجابة سورية، تقريراً كشف فيه عن ارتفاع مؤشر حد الجوع والفقر والكلف الاقتصادية للعائلات في شمال غربي سورية.
حد الفقر
وأشار الفريق إلى أن الكلفة المعيشية لأسرة مكونة من أربعة أفراد ضمن الحدود الدنيا دون الاعتماد على المساعدات الإنسانية هي 3165 ليرة تركية.
وتحتاج العائلة لمادة الخبز وتختلف من أسرة لأخرى لكن تحتاج العائلة وسطياً ثلاث ربطات يومياً بسعر 5 ليرة تركية ما مجموعه 450 ليرة تركية شهرياً.
سامر العبد، وهو نازح في مخيمات أطمة يعمل في محل لبيع الملابس يتقاضى يومياً مبلغاً وقدره 100 ليرة تركية، وذلك لقاء عمله الذي يمتد منذ العاشرة صباحاً حتى الثامنة مساءً.
يؤكد أبو عمار في حديثه لـ”نداء بوست” أن هذا المبلغ يؤمن القليل من الخبز والخضار وبعض المواد الغذائية لأسرته بينما معظم مصاريف الدواء وغيرها لا يستطيع تأمينها ويقوم بالاستدانة لأن الأسعار ارتفعت عدة أضعاف.
كما أشار في حديث لموقع نداء بوست أن “الأولاد يحتاجون إلى مدارس ووضع الطفل في المدرسة الخاصة يكلف 25 دولاراً شهرياً أي الأجر الشهري الذي يحصل عليه لا يكفي سوى لوضع طفلين كل الشهر بدون صرف أي مبلغ أخر على المعيشة”.
من جانبه، يقول عكل العكل وهو صاحب محل لبيع الخضار والفواكة إن الإقبال على الشراء انخفض عن العام الماضي بما يقارب 70 بالمئة بسبب الفقر وعدم قدرة الأهالي على شراء الفواكة بأسعار مرتفعة.
وأضاف في حديث لموقع نداء بوست أن اللحوم والدجاج والفواكة أصبحت من الرفاهيات وبات شراءها فقط محصور بالطبقة الغنية وهي لا تشكل 10 بالمئة بين السكان في شمال غربي سورية.
ويقول فريق منسقو الاستجابة أن الأسرة لتعبئة مياه الشرب أربع مرات شهرياً بكلفة 150 ليرة تركية، وأسطوانة غاز مرة واحدة شهرياً بسعر 215 ليرة تركية، و100 ليرة تركية اشتراك الاتصالات والإنترنت.
غلاء المعيشة
كذلك تحتاج 550 ليرة تركية لشراء خضار بالحد الأدنى، و850 ليرة تركية مواد بقالية، و250 ليرة تركية لشراء اللحوم مرتين شهرياً، و150 ليرة تركية مصاريف العلاج والأدوية، و200 ليرة تركية مصاريف الأطفال في المدارس.
وبناء على ذلك فإن الكلفة الكلية لتأمين المعيشة ضمن الحدود الدنيا دون الاعتماد على المساعدات الإنسانية هي 3165 ليرة تركية، وفقاً للفريق.
ويعتبر الحد الأدنى للأجور في عمال المياومة (على اعتبار أن نسبة 85% من العاملين في شمال غربي سورية هم من الفئة المذكورة) هي 45 ليرة تركية.
وعلى افتراض وجود شخصين ضمن العائلة يقومان بالعمل فإن كلفة الدخل الوارد للعائلة الواحدة مع احتساب العطل هي 2340 ليرة تركية.
وبحسب التصنيفات الدولية لحد الفقر والتي تبلغ 1.9 دولار أمريكي لكل شخص، فإن حد الفقر للعائلة الواحدة هو 228 دولار أمريكي ما يعادل 3740 ليرة تركية بحسب سعر الصرف الحالي.
وأما حد الفقر المدقع المتعارف عليه عالمياً، فيحسب كنسبة 60% من حد الفقر أو في حال استيفاء العائلة عدد من الشروط وتعادل تقريباً 2245 ليرة تركية.
وخلص الفريق إلى أن نسبة العائلات الواقعة تحت حد الفقر تبلغ 84% وفقاً للأسعار الأساسية وموارد الدخل، فيما تبلغ نسبة العائلات الواقعة تحت حد الجوع 36% من إجمالي العائلات الواقعة تحت خط الفقر وذلك لعدة اعتبارات أهمها (عدد أفراد العائلة العاملين وأسعار الصرف المتغيرة وعوامل اخرى).
حدود الجوع
وأشار الفريق إلى أن كافة القاطنين ضمن المخيمات المنتشرة في المنطقة، يصنفون تحت خط الفقر بشكل كامل، كما يصنف 18% من نازحي المخيمات ضمن حدود الجوع.
الخبير الاقتصادي أسامة الكامل أكد أن مناطق شمال غرب سوريا تعاني من التضخم بشكل كبير وكذلك البطالة جراء وفرة اليد العاملة وعدم وجود مصانع ومعامل ورؤوس تفتح مشاريع لاستيعابهم.
وأضاف في حديث لموقع نداء بوست أن الحل هو جذب المستثمرين إلى الشمال السوري وافتتاح مشاريع تجارية تمكن من استيعاب آلاف الشبان كذلك يجب رفع الأجور لتناسب الأوضاع المعيشية شمال البلاد".
جدير بالذكر أن منطقة شمال غربي سورية تشهد أزمة إنسانية كبيرة كونها تضم أكثر من خمسة ملايين نسمة معظمهم من النازحين والمهجرين قسرياً، ويعتمد القسم الأكبر منهم على المساعدات الإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة عبر الحدود مع تركيا.