بلا مساعدات أو مأوى.. مخيمات شمال سورية تستقبل رمضان بأوضاع إنسانية صعبة
وسط غلاء وارتفاع غير مسبوق في الأسعار، أقبل رمضان جديد على مئات آلاف النازحين في منطقة إدلب شمال غربي سورية، بعيداً عن مناطقهم بعدما أُجبروا على مغادرتها قسراً تحت وطأة هجمات قوات النظام وداعميه من الميليشيات الأجنبية المدعومة إيرانياً.
ورغم تأقلم النازحين مع حياة الخيم والمخيمات التي اضطروا إليها؛ إلا أن الغلاء والعجز المالي أثقل كاهلهم خاصة مع إقبال الشهر الفضيل الذي يأتي مصطحباً معه بعض الضروريات الأساسية من المؤن والغذاء التي يحتاجها الصائم ليسند به صحته.
خيمة باردة في الشتاء وحارة في الصيف
محمد فيصل نازح سوري ضرير وأب لخمسة أولاد، يقطن مع عائلته في خيمة بدائية بريف إدلب، الذي نزح إليه من محافظة حلب المجاورة مرغماً بفعل هجمات قوات النظام الكثيفة.
قال فيصل المقيم في مخيم الأندلس بقرية زردنا شمالي إدلب إن "الظروف المعيشية في المخيمات سيئة للغاية، ولا أستطيع تلبية احتياجات أطفالي كما أن المخيمات باردة جداً في الشتاء وحارّة جداً في الصيف".
وأشار في حديث لـ"الأناضول" إلى أنه لا يستطيع إعداد وجبة الإفطار بسبب الفقر، مضيفاً: "معظم الأشخاص الذين يعيشون في المخيم هم من النساء الوحيدات والأيتام والمعوقين، الجميع هنا يعاني كثيراً".
وأضاف فيصل: "رغم أن شهر رمضان يجب أن يكون ميموناً ومثمراً ومفعماً بالعبادة والسعادة، إلا أننا نقضيه في كابوس؛ لأنني لا أستطيع حتى إطعام أطفالي".
لا نرى اللحم إلا في عيد الأضحى
بدوره قال أحمد إسماعيل وهو من سكان مخيم الأندلس أيضاً، إنه حضر بعض الأشياء المتواضعة لاستقبال رمضان، بسبب غلاء أسعار المواد الغذائية غير المتناسب مع الدخل اليومي.
وأضاف: "كنا نشتري الدجاج للأطفال كل أسبوع، أما الآن فلا نستطيع شراءه، حتى أننا لا نرى اللحوم إلا في عيد الأضحى".
خيم مهترئة وانقطاع المساعدات الإنسانية
من جانبه، أكد عبد العزيز خلف أحد سكان المخيم، أن المساعدات الإنسانية لم تصل إلى مخيمهم منذ 8 أشهر.
وأوضح خلف أن مخيم الأندلس يفتقر إلى كافة الخدمات الأساسية وخاصة المياه، مضيفا "الخيام مهترئة، والمواد التموينية لا تأتي، والظروف المعيشية سيئة".
ومعرباً عن العجز الذي يقبع فيه سكان المخيم النازحون، قال: "حقيقة لا نعرف ماذا نفعل!؟".
أما رمضان الذي فضل عدم الكشف عن لقب عائلته، قال إنه يقطن مع أطفاله التسعة في خيمة واحدة، مؤيداً كلام جاره عبد العزيز بأزمة المياه في المخيم.
وشدد على أن الغلاء الكبير غير المسبوق هو ما يميز بين رمضان الحالي وشهر الصوم في العام الماضي، مؤكداً افتقار سكان المخيم لأبسط الاحتياجات الأساسية من مسكن صالح للعيش إلى المواد الغذائية الضرورية لإدامة حياة الإنسان.
ويعيش مئات الآلاف من النازحين والمهجرين من قِبل النظام السوري في مخيمات بإدلب وشمال سورية، وسط ظروف معيشية صعبة، وتزداد معاناتهم سنوياً في الشتاء وعند هطول الثلوج، في ظل شح الوقود وغلاء الأسعار، وانعدام مقومات الحياة.
وتشهد مناطق شمال غربي سورية، عجزاً هائلاً في عمليات الاستجابة الإنسانية، الأمر الذي يُظهر النتائج الكارثية المتوقعة على المدنيين عموماً، والنازحين ضمن المخيمات بشكل خاص خلال فصل الشتاء الحالي.
وبين 2017 و2020، بلغ عدد الفارّين من هجمات النظام السوري نحو مليونَيْ مدني نزحوا إلى الأماكن القريبة من الحدود التركية.
وفي أيلول/ سبتمبر 2018، أبرمت تركيا وروسيا مذكرة تفاهم لتعزيز وقف إطلاق النار في مناطق خفض التصعيد، التي تشمل إدلب وأجزاء من محافظة حلب، إلا أن النظام كثف هجماته على المنطقة في 2019.
وفي 5 آذار/ مارس 2020، توصلت تركيا وروسيا إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في إدلب، إلا أن قوات النظام وداعميه يخرقونه بين الحين والآخر.