النظام السوري يبحث مع تونس رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي.. التسلل الزمني للعلاقات منذ عام 2011
أجرى وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية التونسي نبيل عمار، مساء اليوم السبت، تناول تعزيز العلاقات بين الجانبين.
وذكرت وزارة الخارجية التونسية في بيان إن عمار تلقى اتصالاً هاتفياً من المقداد نقل خلاله تحيات رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى الرئيس التونسي قيس سعيد، وأثنى على وقوف تونس إلى جانب النظام عقب الزلزال.
وأضافت الوزارة في بيان: "مثلت هذه المحادثة مناسبة جدد فيها الوزيران الرغبة في عودة العلاقات الثنائية الأخوية بين تونس وسورية إلى مسارها الطبيعي، ولا سيما من خلال رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي وتبادل زيارات مسؤولي البلدين".
تونس ونظام الأسد بعد الثورة السورية
شهدت السنوات التي أعقبت الثورة السورية في آذار/ مارس 2011، تقلباً في موقف الحكومات التونسية المتعاقبة من النظام السوري، حيث دعمت تونس الحراك الشعبي في بادئ الأمر، ومن ثم أخذت سياساتها بالتبدل إلى أن وصلت لمرحلة دعم التطبيع مع الأسد.
وخلال الأشهر الأولى للثورة، أعلن الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي دعمه للحراك الشعبي في سورية، كما احتضنت تونس في كانون الأول/ ديسمبر 2011 اجتماعات للمجلس الوطني السوري.
وفي الرابع من شباط/ فبراير 2012 قرر المرزوقي طرد سفير النظام السوري وسحب الاعتراف بالأخير، بسبب ارتفاع عدد القتلى المدنيين على يد قواته.
كما احتضنت تونس في 24 شباط/ فبراير عام 2012 الاجتماع الأول لـ”المؤتمر الدولي لأصدقاء الشعب السوري”.
واستمرت تونس في موقفها الداعم للثورة السورية إلى أن وصل الرئيس السابق الباجي قايد السبسي إلى سدة الحكم، الذي تعهد خلال حملته الانتخابية الرئاسية عام 2014 بمراجعة قرار قطع العلاقات فور وصوله للحكم، لكنه أكد في ذات الوقت أنه بالرغم من أن قطع العلاقات "خطأ يجب تصحيحه" فإن إعادتها يحتاج إلى وقت.
السبسي قال في تصريح أطلقه في أيار/ مايو 2015 أن التطبيع مع النظام السوري وإعادة السفير التونسي إلى دمشق رهن القرارات العربية الموحدة، مضيفاً: "ليس من مصلحة تونس حالياً إرجاع السفير السوري إلى تونس"، كما أنه نفى أن تكون بلاده تعرضت لضغوط بهذا الخصوص.
بعد ذلك قررت تونس فتح مكتب قنصلي في دمشق لخدمة الجالية التونسية في سورية، كما أعلن وزير الخارجية التونسي الطيب البكوش في نيسان/ إبريل 2016 أن بلاده قررت استئناف تمثيلها الدبلوماسي في دمشق، ورحب بعودة السفير السوري إلى تونس.
وفي نيسان/ إبريل عام 2017 زار وفد برلماني تونسي دمشق والتقى بشار الأسد، وعقب أسبوع من تلك الزيارة التقى الوفد السبسي وطالبه بالتدخل وإحياء العلاقات المقطوعة مع النظام السوري، وبحسب النائب عبد العزيز القطي -الذي كان ضمن الوفد- فإن الرئيس التونسي كان "متجاوباً" مع طلبهم بضرورة تصحيح مسار العلاقات مع النظام بأسرع وقت، وأعلمهم بأنه ضد قطع هذه العلاقات وطرد السفير عقب تنظيم "مؤتمر أصدقاء سورية" بتونس.
ومطلع عام 2019 اعتبر وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أن "سورية دولة عربية ومكانها الطبيعي هو داخل الجامعة العربية".
وقال حينها: "بالنسبة إلى سورية، القرار يعود إلى وزراء الخارجية العرب الذين لهم أن يقرروا ما يمكن أن يفعلوه، على اعتبار أن قرار عودتها إلى الجامعة العربية ليس بقرار وطني تونسي".
وبعد وفاة السبسي في تموز/ يوليو 2019 نعاه بشار الأسد وأرسل برقية تعزية وصفه فيها بأنه "قضى حياته في العمل الوطني وخدمة بلاده"، كما أعرب النظام السوري في تموز/ يوليو 2021 دعمه للقرارات التي اتخذها قيس سعيد، التي نصت على تجميد البرلمان، وإقالة رئيس الحكومة، ورفع الحصانة عن النواب، وتولى السلطات التنفيذية بنفسه.
وفي 25 آب/ أغسطس التقى وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي، وزير خارجية النظام السوري، في أول لقاء رفيع منذ قطع العلاقات عام 2012، كما التقى قيس سعيد مع المقداد في 5 تموز/ يوليو 2022 على هامش الاحتفال بالذكرى الستين لاستقلال الجزائر.
وفي العاشر من شباط/ فبراير الماضي، أعلنت الرئاسة التونسية أن سعيّد قرر رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي في دمشق، معتبراً أن "قضية النظام السوري هي شأن داخلي يخص السوريين بمفردهم، وأن السفير يعتمد لدى الدولة وليس لدى النظام".