المجلس الأطلسي: الأسد يتبع إستراتيجية جديدة للإفلات من العقوبات
أكد "المجلس الأطلسي"، وهو مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، أن رئيس النظام السوري بشار الأسد، يتبع إستراتيجية جديدة للإفلات من العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على نظامه.
وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على النظام السوري، بسبب قمعه للثورة وارتكابه انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.
ونصت العقوبات على تجميد أرصدة عدد من المسؤولين والضباط ومنعهم من دخول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلا أن ذلك لم يوقف الانتهاكات، ولم يدفع النظام نحو الحل السياسي.
بشار الأسد وسياسة الالتفاف على العقوبات
رغم أن العقوبات فشلت في تحقيق أهدافها، ولم تردع الدول العربية في التطبيع مع الأسد، إلا أن النظام السوري يسعى إلى الإفلات منها وتجاوُزها، كما فعل حين استغل كارثة الزلزال.
ومن ضِمن الوسائل التي يتبعها بشار الأسد للتهرب من العقوبات، إحداث تغييرات في الجيش، كإحالة ضباط مُعاقَبين إلى التقاعد، وتعيين أسماء جديدة بديلة عنهم.
ومثال على ذلك النشرة التي صدرت مطلع العام الحالي وتضمنت التعيينات والترقيات لضباط النظام، فمن بين الثلاثين ضابطاً في مناصب قيادية، هناك اثنان فقط -اللواء سهيل الحسن واللواء صالح العبد الله- مدرجان على القائمة السوداء الغربية.
وكذلك، في نهاية شهر نيسان/ إبريل 2022، عين بشار الأسد اللواء علي عبد الكريم إبراهيم رئيساً للأركان العامة، وهو منصب كان شاغراً منذ بداية عام 2018، وعين اللواء علي محمود عباس وزيراً للدفاع، ولم يتم إدراج أي منهما في أي قوائم عقوبات غربية.
لماذا يتأخر صدور العقوبات؟
أشار التقرير إلى أن العقوبات التي يتم فرضها على مسؤولي النظام، غالباً ما تأتي متأخرة، حيث سبق أن انتظرت الولايات المتحدة حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2022 لوضع قائمة سوداء بثلاثة ضباط متورطين في الهجوم الكيماوي على الغوطة الشرقية في آب/أغسطس 2013.
وتشير هذه الردود المتأخرة إلى عدم وجود دافع من قِبل الولايات المتحدة وشركائها الغربيين لمعاقبة ضباط النظام بنفس الوتيرة والحماس كما كان من قبل.
ويقول كبير محامي عقوبات الحكومة الأمريكية السابق ماثيو توشباند: إن الولايات المتحدة لا تستغرق أكثر من 24 ساعة لوضع أي شخص على قائمة العقوبات الخاصة بها.
لكن ذلك يحتاج إلى تلبية بعض العوامل قبل اتخاذ هذا الإجراء، كوجود الإرادة السياسية، وجمع الأدلة التي تدين الأفعال التي ارتكبها الفرد أو الكيان، وجمع بيانات السيرة الذاتية، ومن ثَمّ التنسيق بين مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة مع الوكالات الأمريكية الأخرى.
فعالية العقوبات على النظام السوري
يرى المجلس في تقريره أن العقوبات لا تساعد الشعب السوري كثيراً، كون الأشخاص المعاقبين ليس لديهم حسابات مصرفية في الولايات المتحدة، ولا يفكرون في السفر إليها.
كما أن ضباط النظام يتلقون أموال ابتزاز المعتقلين وذويهم بالدولار والذهب وليس بالليرة السورية التي فقدت قيمتها.
واعتبر أن سياسة العقوبات الحالية مثل قانون قيصر وقانون الكبتاغون، لا تستجيب للواقع على الأرض، بما في ذلك التغييرات الشخصية التي يقوم بها الأسد.
وأضاف: "على الدول الغربية، تطوير آلية جديدة لفرض عقوبات على مؤسسات النظام السوري التي ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان، مما يسهل استهداف الأفراد في مرحلة لاحقة".
وذلك يتطلب اعتماد سياسة عقوبات أكثر فعالية، والاستثمار في القوى العاملة البيروقراطية السورية وتوسيع نطاق التواصل وتبادُل المعرفة مع منظمات المجتمع المدني السورية ومراكز توثيق الانتهاكات.
ويؤكد التقرير أنه "بغض النظر عن مدى فعالية العقوبات، فإنها وحدها لن تغير سلوك قادة النظام، الذين يتباهى معظمهم بالعقوبات على أنها وسام النصر، حيث إنها لم تمنع نظام الأسد من قصف المدارس والمستشفيات، ولم تؤدِّ إلى حل سياسي".
وختم المجلس تقريره بالإشارة إلى أن نظام الأسد يشكل تهديداً ليس فقط على الشعب السوري ولكن أيضاً على المنطقة ككل، ورغم أن تغيير سلوكه أمر معقد وشاقّ، لكنه يتطلب إستراتيجية سياسية شاملة تستخدم العقوبات بأسلوب دقيق تكون فيه العقوبات واحدة من عدة أدوات.