“القوات اللبنانية” أنقذت لبنان من جهنم الممانعة!

“القوات اللبنانية” أنقذت لبنان من جهنم الممانعة!

بالتعاون مع موقع "ليبانيز دايلي"

منذ بداية معركة رئاسة الجمهورية في لبنان، وضعت “القوات اللبنانية” هدفاً أساسياً نصب عينيها، وهو منع وصول أي مرشّح للمانعة إلى قصر بعبدا. حتماً لم تكن المهمة سهلة، صحيح أن “القوات” أكبر مكوّن في المعارضة إلا أنها لم تكن تستطيع وحدها مواجهة هذا المشروع الجهنمي الذي تقوده إيران و”حزب الله” في الجبهة الأخرى.

الخطة الأولى لـ”القوات” كانت التنسيق مع كل قوى المعارضة، والتفاهم معها بالإقناع والمنطق للتوّحد خلف مرشّح ينال تأييد أكثرية هذه القوى، وقد تمّ التفاهم على النائب ميشال معوّض، إلا أن عدداً غير قليل من هذه القوى اختار أن يغرّد خارج السرب، مع ذلك، تمكّن معوض من أن يحرز أكثر من 40 صوتاً في إحدى الجلسات، فيما اتخذ الفريق الآخر منحى سلبياً في التصويت بورقة بيضاء طوال 11 جلسة، والانسحاب في الدورة الثانية، وهذا دليل على حالة إرباك نتيجة انقسام في هذا الفريق بين رؤيتَيْ “حزب الله” الذي يريد سليمان فرنجية، و”التيار الوطني الحر” الذي يرغب بإيصال رئيسه جبران باسيل إلى الرئاسة أو أي اسم يستطيع أن يتحكّم به.

منذ اللحظة الأولى، كانت “القوات” واضحة في مسارها، لم تقاطع أي جلسة بل بالعكس دعت رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى ترك الجلسات مفتوحة حتى انتخاب الرئيس، فيما فريق الثنائي الشيعي راح يغرّد خارج الدستور عَبْر الدعوات إلى الحوار وما شابه ذلك، علماً أن الحوار المطلوب من هذا الثنائي هدفه إرضاخ المعارضة لانتخاب مرشحه فرنجية.

بالتأكيد لم تستجب “القوات لدعوات بري الحوارية، فهي تلتزم ببنود الدستور، ولن تسلّم رقبتها للثنائي الشيعي. وسرعان ما أقفل بري مجلس النواب منتظراً رياح التسوية المحلية والخارجية بهدف أن تأتي كلمة السرّ، متناسياً أن هذا الاستحقاق لبناني وما يُطلب منه تطبيق الدستور فقط! علماً أن تاريخ بري معروف بالتحايل على الدستور والقفز فوقه، ساحباً “الأرانب” من تحت قبعته.

بعد فترة، استجمع الثنائي الشيعي قوته، داعماً ترشيح سليمان فرنجية الذي لم يعلن ترشيحه بعد، إلا أن ملامح خطة الثنائي بدت واضحة، وتكاملت مع سعي فرنسي مبني على المصالح والصفقات التي يُعرف بطلها باسم رجل الأعمال جيلبير الشاغوري، بهدف إقناع الداخل والخارج بفرنجية. ودخلنا في أجواء من الحملات الإعلامية الترويجية لفرنجية غير مبنية على معايير مصداقية، تحوّلت أشبه بحرب نفسيّة ضد المعارضة، مسوّقة بأن هناك تفاهماً خارجياً وداخلياً على فرنجية، مع شراء ذمم بعض الإعلاميين ووسائل الإعلام خدمة لهذه الصفقة. إلا أن المعارضة عموماً و”القوات” خصوصاً بقيت متماسكة، وخطة مواجهة هذه الحملة كانت باتخاذ المعارضة قراراً صلباً بإفشال الصفقة عَبْر تعطيل النصاب لأي جلسة قد تقود إلى انتخاب فرنجية الذي لا تمثيل مسيحي له، بل يُعرف بمرشّح تحدٍّ، من صلب محور الممانعة! وقد ساعد موقف جبران باسيل الرافض لفرنجية والطامح إلى وصوله شخصياً أو من يمثّله إلى الرئاسة لأهداف سلطوية بإفشال الصفقة أيضاً.

أمام إصرار المعارضة على رفض فرنجية، ليس لشخصه إنما للمشروع الذي يمثّله وهو مدمّر للبنان، تراجعت فرنسا خطوات إلى الوراء معتبرة أنها تسرّعت في ترشيح فرنجية، معلنة أنها على مسافة واحدة من جميع المرشحين، وخصوصاً بعدما سمعت ملاحظات قاسية من الولايات المتحدة.

ما أن انتهت الصفقة الفرنسية الفاشلة، حتى انتقل الثنائي الشيعي إلى الرهان على الاتفاق السعودي-الإيراني والموقف السعودي الذي بدا منفتحاً على الجميع، فاستغل محور الممانعة ذلك للترويج بأن السعودية موافقة على فرنجية، فيما هي تريد انتخابات رئاسية سيادية من دون تأثيرات أجنبية متجنبة وضع فيتو على أحد، علماً أنها أعلنت مراراً وتكراراً أنها تؤيد رئيس جمهورية بمواصفات إنقاذية إصلاحية وسيادية، وهذا ما لا ينطبق على فرنجية!

لا شك في أن “القوات” تؤيد النزول فوراً إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس، وقد تحدى رئيسها سمير جعجع الرئيس بري للدعوة إلى جلسة، إلا أن الجواب لم يأتِ، وهذا ما يؤكد حالة من الإرباك في صفوف الثنائي الشيعي الذي يخاف من المواجهة الديمقراطية الدستورية.

الخطة الأخيرة التي تحضّر لها “القوات اللبنانية” وكل مكوّنات المعارضة هي الاتفاق على اسم مرشّح واحد تخوض فيه المنافسة، بالتنسيق مع “التيار الوطني الحر”، رغم أن الثقة برئيسه باسيل غير مكتملة، لأنه قد يجري صفقة مع “حزب الله” في أي لحظة. إلا أن اتفاق قوى المعارضة على اسم واحد، قد يزيد من إرباك الثنائي الشيعي.

وإذا دخلنا في أسماء المرشحين الذين يجري التداول حولهم، سنجد جهاد أزعور والعماد جوزف عون وصلاح حنين وزياد بارود… ومن المتوقع أن يتم الاتفاق على اسم في وقت قريب، وقبل الموعد المبدئي للجلسة الانتخابية التي تكلم عنها الرئيس بري في 15 حزيران، ولا نعرف حتى اليوم مدى جديّتها.

في المحصلة، حققت “القوات” بالتنسيق مع “الكتائب” والنواب المستقلين وبعض التغييريين إنجازاً تمثّل في إفشال وصول مرشّح “الممانعة” إلى الرئاسة، وبالتالي تضافر جهود قوى المعارضة، و”القوات” عمودها الفقري، أنقذ لبنان من الغرق في المزيد من جهنم، وبالتالي لا عودة إلى الوراء، وهوية الرئيس العتيد لن تكون إلا إصلاحية، منفتحة على المجتمع الدولي وستعمل على إخراج لبنان من المستنقع الذي وضعه فيه “حزب الله” وحلفاؤه!

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد