العودة السورية إلى الجامعة العربية: اختراق إقليمي أم قرار سابق لأوانه؟
المصدر: المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية
بقلم: تشارلز ليستر إلى جانب مجموعة من الباحثين
ترجمة: عبد الحميد فحام
بعد أكثر من عشر سنوات على تعليق مشاركتها، تمت إعادة قبول سورية في جامعة الدول العربية. فخلال اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 أيار /مايو، وافق وزراء الخارجية العرب على إعادة تفعيل عضوية نظام دمشق، متراجعين عن قرار تم اتخاذه في عام 2011 بعد القمع الدموي للاحتجاجات الشعبية من قبل قوات النظام.
يعتبر هذا التصويت رمزياً للغاية، وهو أحدث خطوة في جهود المصالحة العربية مع دمشق، وهي عملية اكتسبت مؤخراً زخماً كبيراً بعد زلزال السادس من شباط/فبراير. وقد قادت المملكة العربية السعودية، على وجه الخصوص، الجهود الأخيرة لإعادة سورية إلى الجامعة العربية، مع الزيارة التاريخية لوزير الخارجية السعودي إلى دمشق التي جرت في نيسان / أبريل، ومؤخراً بقرار إعادة العلاقات الدبلوماسية. ولكن هناك الكثير من الشكوك تلوح في الأفق، حيث إنه من غير الواضح إلى أي مدى ستذهب دمشق في تنازلاتها للدول العربية، خاصة فيما يتعلق بتجارة الكبتاغون، وعودة اللاجئين السوريين، واستئناف العملية السياسية. علاوة على ذلك، عارضت بعض الدول العربية - مثل قطر - التي تنتقد بشدة التطبيع قرار استعادة سورية لمقعدها في الجامعة. وتشكك كل من واشنطن وبروكسل في التنازلات تجاه الأسد.
من ناحية أخرى، رحبت طهران بإعلان الجامعة، الذي لم يُنظر إليه على أنه تهديد لنفوذها في البلاد ولكن كجزء من إعادة تشكيل أوسع للهندسة الإقليمية.
تتمتع الجامعة بسلطة محدودة، ويشكك أعضاؤها في تنازلات الأسد
تشارلز ليستر
"لم يكن قبول سورية في الجامعة العربية بأي حال من الأحوال قراراً بالإجماع - وهي حقيقة تتجلى في دور ثلاثة عشر فقط من أصل واحد وعشرين عضواً مصوتاً في القرار النهائي.
وتسود شكوك عميقة في عدد من العواصم الإقليمية بأن التعامل مع نظام الأسد لن يجلب أي تنازلات جوهرية، ناهيك عن عدم إمكانية التوصل لأي تسوية شاملة جرّاء هكذا تعامل. وعلاوة على ذلك، فإن جامعة الدول العربية ليست أكثر من مجرد هيئة رمزية، وبدون تقدم دبلوماسي كبير، فمن غير المرجح في الواقع أن يتغير الكثير على الأرض. وتظل الولايات المتحدة وأوروبا ملتزمتين بسياسة العزلة العقابية، وبدون هذا التغيير، يمكن لكل من قطر والكويت وغيرهما أن يقفوا شامخين ويلتزموا بمواقفهم المبدئية".
سيتقدم التعاون داخل المنطقة خطوة بخطوة، حيث لا تزال التحديات قائمة
أسعد العشّي
"إن أي تعاون اقتصادي إقليمي مع سورية - يجب أن يكون مشروطاً بإحداث تقدم سياسي ذي مغزى ولا رجعة فيه نحو التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. لذلك، سيكون هذا التعاون تدريجياً ومتزايداً، اعتماداً على سلوك السلطات السورية. ستكون نقطة البداية هي الدعم الإنساني، خاصة وأن الاحتياجات شديدة الحدة في أعقاب زلزال شباط/فبراير. إذا كانت هذه المشاركة مثمرة، وإذا التزمت السلطات السورية بالمبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال، وكذلك توفير الضمانات الأمنية اللازمة، فقد نبدأ في رؤية بعض التمويل الإقليمي يتجه نحو مشاريع التعافي المبكر مثل إعادة تأهيل محطات المياه والبنى التحتية الإنسانية الأساسية الأخرى.
من المرجح أن تنشط سورية مرة أخرى داخل اللجنة الاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة الدول العربية وستزيد من تعاونها مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا).
علاوة على ذلك، لا يزال تصور آليات التعاون الأخرى للانطلاق يمثل تحدياً: سواء كان ذلك تجاه برامج إعادة الإعمار المحتملة أو مزيد من الاندماج في آليات التعاون الاقتصادي. وستظل رغبة السلطات السورية وكفاءتها في تفكيك طرق تصنيع وتجارة الكبتاغون معياراً رئيسياً ".