الأسد يترأس دولة تتهاوى رغم إعادة التواصل معه من قِبل الحكومات العربية

الأسد يترأس دولة تتهاوى رغم إعادة التواصل معه من قِبل الحكومات العربية

قبل أربعة أشهر، زار وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان رئيس النظام السوري بشار الأسد في دمشق، مما أدى إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية معه للمرة الأولى منذ عام 2011.

لقد جاءت هذه الخطوة الدراماتيكية تتويجاً لـ "مبادرة" إقليمية لإعادة إشراك نظام الأسد، وتمهيد الطريق نحو حل الأزمة السورية وتحقيق الاستقرار في بلد مزقه 12 عاماً من الصراع الوحشي.

وبعد مرور أربعة أشهر، نستطيع أن نصف المبادرة الإقليمية بأنها كارثة تامة.

فمنذ نيسان/ إبريل، شهد كل جانب من جوانب الأزمة السورية تراجعاً حاداً، فلقد تدهور بشكل كبير كل ما سعت دول المنطقة إلى إحراز تقدم فيه- من تمكين عودة اللاجئين، إلى وقف تجارة المخدرات التي ينسقها النظام إلى تحسين الظروف الإنسانية.

إن اجتماع المتابعة الإقليمي الذي انعقد في الخامس عشر من آب/ أغسطس لتقييم التقدم لم يقدم أي شيء أكثر من التأكيد على الطموحات النبيلة، في حين تجاهل الواقع تماماً.

والأهم من ذلك هو انهيار الاقتصاد السوري، فعلى الرغم من تلقي زيادة كبيرة في الأموال من دول إقليمية بفضل الإعفاءات من العقوبات الغربية بعد الزلزال، إلا أن الليرة السورية فقدت 100% من قيمتها منذ زيارة وزير الخارجية السعودي لدمشق، فقد شهد الشهر الماضي وصول العملة إلى مستويات تضخم عالية جداً.

ومع أن 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر ويعانون من ارتفاع تكاليف المعيشة، إلا أن الأسد سعى إلى تهدئة الإحباط المتزايد في الخامس عشر من آب/ أغسطس من خلال الإعلان عن مضاعفة رواتب القطاع العام.

ولكن بطريقة معتادة أعلن بعد سبع دقائق فقط عن ارتفاع في أسعار الديزل والبنزين بنسبة 300% و170% على التوالي.

الاحتجاجات ضد الأسد تتجدد

في غضون 24 ساعة من القرار بدأ الناس بالخروج إلى الشوارع في المناطق التي يسيطر عليها النظام في احتجاجات نادرة حيث تشهد محافظة السويداء الواقعة جنوبي البلاد منذ خمسة أيام إضراباً عاماً فقد أغلق المدنيون بالقوة كل الطرق المؤدية إلى دمشق، وانضم رجال الدين الدروز إلى المظاهرات، مطالبين بإسقاط النظام ومتعهدين بالوحدة مع إدلب "حتى الموت".

وفي محافظة درعا، دخلت الاحتجاجات المناهضة للنظام يومها السادس في 15 منطقة على الأقل، وهناك يمكن رؤية المقاتلين المناهضين للنظام وسط المظاهرات.

كما استضاف العديد من ضواحي دمشق، بما في ذلك جرمانا وكفر حوار، احتجاجات مناهضة للنظام، وظهرت كتابات على الجدران تطالب بإسقاط الأسد في حمص.

وفي معقل العلويين في اللاذقية، نشر أحد قادة الميليشيات الموالية للنظام خطاباً مسجلاً على شريط فيديو اتهم فيه الأسد وزوجته أسماء بـ "تعريض" الشعب السوري لـ "العوز"، في حين اختفى ناشطان علويان لنشرهما مقاطع عبّرا خلالها عن غضبهما على مواقع التواصل الاجتماعي.

لا استقرار في سوريا

مع استمرار تدفق المخدرات التي يصنعها النظام عبر المنطقة، وصعود اللاجئين السوريين على متن القوارب المتهالكة باتجاه أوروبا بأعداد متزايدة، يتصاعد العنف أيضاً داخل البلاد، ففي الأسبوع الماضي وحده، قتل تنظيم داعش ما لا يقل عن 35 مقاتلاً موالين للنظام في سلسلة من الهجمات في دير الزور وخارج تدمر، واستأنفت الطائرات الروسية غاراتها الجوية في إدلب، مستهدفة حوض سباحة عام ومزرعة، كما قتلت الطائرات التركية مسلحين أكراداً يعملون في المناطق التي يسيطر عليها النظام في حلب، فضلاً عن العديد من جنود النظام في الأيام الأخيرة.

هناك حجة مفادها أن نظام الأسد ربما لم يكن مهدداً وجودياً قط بالثورة المسلحة، نظراً للولاءات المتوقعة من رعاته الخارجيين روسيا وإيران. لكن الأسد لا يتمتع بمثل هذه الحماية عندما يتعلق الأمر بالتحدي المتمثل في الانهيار المالي.

وعلى الرغم من الوعود الأخيرة باستثمارات خليجية مقابل إصلاحات داخلية تدريجية، فقد أثبت الأسد عناده أكثر من أي وقت مضى، مما دفع بلاده إلى المزيد من الخراب.

تبرز إحدى أهم الحقائق اليوم أكثر من أي وقت مضى مفادها أن الفكرة التي تقول إن الأسد و"الدولة القوية" التي أعيد تمكينها توفر لسورية على نحو ما أفضل فرصة للتعافي هي فكرة سخيفة بشكل لا يقبل الجدل.

المصدر: معهد الشرق الأوسط

بقلم: تشارلز ليستر

ترجمة: عبدالحميد فحام

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد