اعتقال مسؤول سابق بالنظام السوري في الولايات المتحدة

اعتقال مسؤول سابق بالنظام السوري في الولايات المتحدة

احتجزت السلطات الفيدرالية في ولاية كاليفورنيا، المسؤول السابق في النظام السوري سمير عثمان الشيخ، 72 عاماً، قبل وقت قصير من موعد مغادرته يوم الأربعاء الماضي على متن رحلة ذهاب فقط إلى بيروت.

وطلب المحققون الفيدراليون من القاضي الموافقة على مذكرة اعتقال في اليوم السابق، وفقاً لما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية. 

وبحسب شكوى جنائية رُفعت الأسبوع الماضي، فإن الشيخ، المقيم الدائم في لوس أنجلوس منذ عام 2020، متهم بمحاولة الاحتيال في الحصول على الجنسية الأمريكية.

ووفقاً للشكوى، فإن الشيخ، الذي أدار سجن عدرا سيئ السمعة في سورية، وكان قائداً سابقاً للشرطة وعميداً في المخابرات، وصف بشكل خاطئ ما إذا كان يضطهد أي شخص بسبب معتقداته السياسية أو كان متورطاً في أي عمليات قتل.

وتقول الصحيفة إن القضية مستمرة ويدرس المحققون توجيه اتهامات إضافية، بحسب أوراق المحكمة.

وقارن أندرو تابلر، الذي شغل منصب مدير سورية في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس دونالد ترامب ثم عمل لاحقاً كمستشار أول للمبعوث الأمريكي الخاص إلى سورية، الاعتقال ببحث النازيين عن ملاذ آمن في الخارج.

وقال تابلر: "يعتبر سجن عدرا أحد أسوأ معسكرات الاعتقال التي يديرها نظام الأسد، وحقيقة أن شخصاً كان مسؤولاً عن غرفة التعذيب هذه تمكن من الوصول إلى الولايات المتحدة تعادل حياة القادة النازيين المريحة في أمريكا اللاتينية بعد الحرب العالمية الثانية".

وتعكس الاتهامات الموجهة للشيخ جهوداً طويلة الأمد يبذلها المسؤولون الأمريكيون لمحاسبة النظام السوري على استخدامه للاحتجاز والتعذيب، وفق الصحيفة. 

وتحقق وزارة العدل الأمريكية في وفاة عاملة الإغاثة الأمريكية ليلى شويكاني في عام 2016، باعتبارها جريمة حرب ارتكبها مسؤولون في الاستخبارات السورية، وأخطر المسؤولون مؤخراً أسرة المعالج الأمريكي مجد كمالماز بأنه توفي في معتقلات النظام، وما زالت الحكومة تحقق في اختفاء أوستن تايس، الصحفي المستقل الذي اختُطف قرب دمشق في عام 2012 أثناء تغطيته للحرب في سورية.

ويعتقد المحققون أن الشيخ لديه علاقات وثيقة مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي تستخدم حكومته الاستبدادية عمليات الخطف والعنف لقمع المعارضة.

من عام 2005 إلى عام 2008، أدار الشيخ سجن عدرا، وهو مجمع يقع على مشارف العاصمة دمشق، ويحتجز النظام فيه المعارضين السياسيين والمتظاهرين وغيرهم من المدنيين المتهمين بارتكاب جرائم.

ويتحدث سجناء سابقون عن تعرضهم للتجويع والضرب والتعذيب والاغتصاب في عدرا، حيث انتظر العديد منهم المحاكمة لسنوات أو ماتوا.

وقال خمسة معتقلين سابقين للمحققين الأمريكيين إن الشيخ أشرف على إساءة معاملتهم وتعذيبهم، وذلك بحسب بيان قدمه محقق في وزارة الأمن الداخلي.

وقال السجناء إن الشيخ كان يتجول في السجن مع مساعديه، ويوافق على عمليات الإعدام ويشاهد إعدام السجناء في جزء من المنشأة يعرف باسم "ساحة الإعدام".

وقال أحدهم إنه تحت سلطة الشيخ، كسر الحراس ظهره وداسوا عليه، وقال سجين آخر للمحققين إن الحراس جردوا السجناء من ملابسهم، وضربوهم حتى فقدوا الوعي، وسحبوهم إلى أسفل الدرج.

وبعد اندلاع الثورة في سورية، عين الأسد الشيخ محافظاً لمحافظة دير الزور، حيث نظم المواطنون بعضاً من أكبر المظاهرات ضد النظام، وفي عهده شنت قوات النظام حملات قمع عنيفة رداً على ذلك.

وفي مقابلة أجريت معه، قال أمجد الساري، وهو ناشط سوري يوثق جرائم الحرب: "لم يكن تعيينه تعسفياً، كان مستعداً لقتل الناس وتشويههم وإرهابهم، وكان الأسد يعلم أنه الوحيد القادر على وقف الاحتجاجات".

ويتذكر زياد الكاظم، الذي كان يعمل في مديرية الزراعة في المحافظة تحت قيادة الشيخ، وحشيته، حيث قال لصحيفة نيويورك تايمز: "باعتباره محافظاً، أطلق الشيخ النار على المتظاهرين وأدى إلى اختفاء آلاف لا حصر لها من المدنيين".

وقد شارك الكاظم المحققين الأمريكيين بالأدلة، بما في ذلك الأمر الصادر من الشيخ بإبلاغ أي موظف حكومي يشارك في احتجاج أو يتغيب عن العمل لأيام بأنه سوف يتم استجوابه من قبل عملاء الاستخبارات، وأشار إلى أنه كان من المقرر إعدامه واعتقاله وتعذيبه إلا أن تدخل أسرته أوقف ذلك. 

وقال الكاظم: "لقد دفعت عائلتي كل مدخرات حياتها حتى لا يكون مصيري مثل مصير عدد لا يحصى من الرجال والنساء والأطفال الذين تم اعتقالهم وقتلهم بأوامر الشيخ".

وبعد عامين من بدء حملات القمع في دير الزور، حصلت زوجة الشيخ على الجنسية الأمريكية، وفي عام 2017، تقدمت بطلبات لزوجها للانضمام إليها في لوس أنجلوس، وبدء عملية الحصول على تأشيرة الهجرة.

وبحسب الإفادة، كذب الشيخ في طلبه، حيث صرح زوراً بأنه لم يرتكب أو يأمر أو يحرض أو يساعد أو يشارك بأي شكل آخر في عمليات قتل خارج نطاق القضاء أو عمليات قتل سياسي أو أعمال عنف أخرى. 

وسافر السيد الشيخ إلى لوس أنجلوس ببطاقة خضراء في مارس/آذار 2020، حيث بدأ في التقدم بطلب للحصول على الجنسية الأمريكية.

ويتهم الشيخ بتقديم سبع بيانات كاذبة في الطلب، إذ زعم أنه لم يضطهد أي شخص بسبب معتقداته السياسية، ولم يتورط قط في أي عمليات قتل، ولم يحاول أبداً إيذاء شخص آخر، ولم يعمل أبداً في سجن، ولم يعمل أبداً مع أي مجموعة تستخدم الأسلحة ضد الآخرين.

وقال معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لمنظمة الطوارئ السورية، وهي مجموعة مناصرة، إن منظمته أصبحت على علم قبل بضع سنوات بأن  الشيخ كان متواجداً على مرأى من الجميع في لوس أنجلوس.

وأبلغ مصطفى سلطات إنفاذ القانون، وقدم وثائق وشهود محتملين ربطوا الشيخ بالفظائع التي ارتكبتها قوات النظام السوري.

المقالات المنشورة في "نداء بوست" تعبّر عن آراء كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.


أحدث المواد