آثار الاتفاق الإيراني السعودي على الملفّ السوري.. هل تُطبّع الرياض مع الأسد؟
آثار الاتفاق الإيراني السعودي على الملفّ السوري.. هل تُطبّع الرياض مع الأسد؟
نداء بوست- تقارير وتحقيقات- آلاء عوض
جاء الاتفاق السعودي الإيراني على إعادة العلاقات بين البلدين وفتح السفارات ليفسّر جزءاً كبيراً من الليونة التي أبدتها السعودية مؤخراً تجاه نظام الأسد، والتي تكشّفت بعد كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب سورية وتركيا.
وعلى غير عادته رحّب النظام بالاتفاق، واعتبره أحد عوامل "الاستقرار" في المنطقة وذكرت خارجيته في بيان أن هذا الاتفاق "سيعزّز الأمن والاستقرار في المنطقة".
واعتبر النظام أن "هذه الخُطوة المهمة ستقود إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وإلى التعاون الذي سينعكس إيجاباً على المصالح المشتركة لشعبَي البلدين خاصة، ولشعوب المنطقة عامة".
وأعرب نظام الأسد عن "أمله باستمرار هذه الجهود، لتشمل العلاقات بين دولنا العربية وأصدقائنا، لمواجهة التحدِّيات الكبرى التي نواجهها في عالم اليوم".
ولا تُخفي هذه النظرةُ الإيجابيةُ إلى الاتفاق رغبةَ النظام في الوصول إلى تطبيع مع السعودية يُنهي القطيعة مع أهم دول المنطقة، والتي كانت من أشدّ المطالبين بإسقاطه حيث دعمت المعارضة السوري بشقيها السياسي والعسكري منذ بداية الثورة حتى عام ٢٠١٥ بشكل واضح.
يأتي تفاؤل النظام من التصريحات "اللينة" التي أطلقها وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان خلال الأيام الماضية والتي ركّزت على ضرورة فتح "حوار مع دمشق" بما يحقّق حلَّ القضية السورية دون أن يوضّح شروط هذا الحوار بشكل مباشر أو يذكر تفاصيل عن مراحله.
وقال ابن فرحان في آخِر تصريح له نقلته قناة "العربية" السعودية: "لا بُدّ أن نجد سبيلنا لتخطّي التحدِّيات التي يفرضها الوضع القائم فيما يتعلق باللاجئين والوضع الإنساني داخل سورية، ولذلك لا بُدّ أن نجد مُقارَبةً جديدة، وهذا سيتطلّب -لا محالة- حواراً مع الحكومة في دمشق.. ونحن والدول العربية نعمل على الصياغات المناسبة بالتشاور مع شركائنا في المجتمع الدولي".
وكان قبل ذلك بأسبوع قال في مؤتمر صحافي بلندن: إن "الإجماع يتزايد في العالم العربي على أن عزل سورية لا يُجدي وأن الحوار مع دمشق ضروري خاصة لمعالجة الوضع الإنساني هناك".
وتابع في تصريح نقلته وكالة "رويترز": إن "الحوار من أجل معالجة هذه المخاوف ضروري. وقد يؤدي ذلك في النهاية إلى عودة سورية إلى جامعة الدول العربية وما إلى ذلك. لكن في الوقت الحالي أعتقد أن من السابق لأوانه مناقشة هذا الأمر".
ورغم أن الأعوام الأخيرة شهدت الكثير من المؤشرات على وجود قنوات للتواصل بين السعودية والنظام إلا أنها المرة الأولى التي تصل فيها التصريحات السعودية إلى مستوى يدعو للحوار مع بشار الأسد ومن وزير الخارجية السعودي نفسه.
وكانت مصادر إعلامية قد كشفت عن خطوات اتخذتها السعودية تجاه النظام تمثّلت بزيارة وزير السياحة في حكومة النظام، محمد رامي مارتيني، إلى الرياض في عام ٢٠٢١، بدعوة من وزارة السياحة السعودية.
كما قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية: إن رئيس المخابرات السعودي، اللواء خالد حميدان، التقى رئيس مكتب الأمن القومي، علي مملوك، في دمشق، وناقشا "تطبيع العلاقات" في أيار من نفس العام.
ويعتبر الاتفاق المُعلَن بين إيران والسعودية -بلا شك- انعطافة كبيرة في المنطقة ربما ستنعكس على سورية، لا سيما أنها أحد أبرز ملفات الخلاف بين الرياض والسعودية.
ويؤكد الباحث السياسي في "مركز جسور" للدراسات وائل علوان في تصريح لـ "نداء بوست" احتواء الاتفاق بين البلدين على تفاهُمات على النفوذ في دول المنطقة ولا سيما اليمن وسورية، واستبعد أن تصل هذه التفاهُمات إلى حدّ التطبيع بين السعودية والنظام لكنه أشار إلى احتمالية حصول السعودية على ضمانات إيرانية بخفض الآثار السلبية للنظام وأهمها تصدير المخدرات والكبتاغون والوضع الأمني.
وقال: "إن المملكة لن تذهب إلى التطبيع مع النظام دون وجود موقف عربي ودولي يدعم ذلك، واستبعد أن تكون تصريحات السعودية تجاه النظام جزءاً من ترسيم العلاقة الجديدة مع إيران أو التهدئة التي ستشمل -بلا شك- تخفيف الصدام الأمني والسياسي".
كما استبعد علوان نجاح هذا الاتفاق في دفع التطبيع مع النظام، وذلك بسبب الرفض الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة مع استمرار النظام بانتهاج سلوك الفوضى وعدم قدرته على ضبط الداخل السوري أمنياً وتأثير ذلك على المنطقة.
وختم تصريحاته بقوله: "إن إعادة العلاقات بين السعودية وإيران سيكون لها أثر على الشعب السوري والقضية السورية، لكنه أثر قصير الأمد ولن يستمر طويلاً في تخفيف حدّة المواجهة السياسية؛ لأن النظام سيعود إلى تهريب المخدرات والإخلال بالأمن"، لكنه أكد على تأثير الاتفاق بشكل أكبر على الملفّ اليمني.
من جانبه قال الباحث والكاتب فراس فحام في تصريح لـ "نداء بوست": إن الاتفاق ربما لن يشمل تفاهُماً على ملفات التنافس في المنطقة ومن بينها سورية، لكنه سيكون اتفاقاً لخفض التصعيد وأضاف: "إيران تحتاج ذلك من أجل التفرّغ لوضعها الداخلي والضغوطات الدولية التي تعاني منها ومهمّ لها تحييد الخلافات مع دولة مؤثرة مثل السعودية، أيضاً السعودية مقبلة على مرحلة انتقالية تتمثل بتعيين ملك جديد وتركيزها المنصبّ على التنمية الاقتصادية، وبالتالي يهمّها تخفيض التصعيد مع إيران وأذرعها في المنطقة خصوصاً الحوثيين".
وتوقّع فحام امتداد التفاهُمات الإيرانية السعودية إلى الملف السوري ولفت إلى محاولة السعودية إظهار مرونة تجاه النظام السوري كنتيجة لتقدُّم المفاوضات التي بدأت في اليمن بين السعودية والحوثيين والتي تطوّرت نتيجة الضغوط الروسية على إيران بطلب من السعودية، وأضاف: "يبدو أن مسار اليمن دفع السعودية لإظهار إيجابية تجاه النظام".
واستبعد فحام وجود تأثير كبير على الثورة السورية نتيجة الاتفاق؛ لأن السعودية لا تمتلك نفوذاً كبيراً على المعارضة السورية وبالتالي حتى تغيير موقفها أو تطبيعها مع النظام لن تكون له تأثيرات مباشرة على المعارضة، وأكد وجود تأثير إعلامي وسياسي لخطوة من هذا النوع بسبب دعم السعودية السابق للمعارضة السورية وتغيير موقفها الآن كما في الإمارات إلى جهة النظام، وشدد في النهاية على غياب مؤشرات حقيقية تدل على توجُّه السعودية للتطبيع مع نظام الأسد.