نداء بوست -ملفات- رضوان الخطابي
في ظلّ العواصف التي تعصف باليمن، نرى مشاريع طائفية ومناطقية رجعية وتمزيقية؛ إذ إنّ هذه الميليشيات شمالي الوطن ما زالت محصورة بفكرة الحق الإلهي الذي تعتقد أنها مُنحت هذا الحق في حكم الناس لأنها تنتمي لسلالة معينة فقط، لهذا تحاول أن ترجع اليمن إلى ما قبل إعلان الجمهورية.
جنوب الوطن ليس بأفضل حالاً من شماله، اليمنيون هناك أيضاً يعانون من ميليشيات مناطقية لا تعرف سوى أبناء مناطق معينة، وتحاول أنّ ترجع اليمن إلى ما قبل الوحدة اليمنية.
بهذا يكون اليمن وكأنّه فقط لسلالة معينة في الشمال ومناطق معينة في الجنوب، وأما بقية الشعب فكأنّه ليس لهم الحق من الاستفادة من خيرات البلاد، بل أصبحوا يحاصرونهم في حق الكلمة والعيش الكريم.
بينما تلتهم أعاصير هذه المشاريع التمزيقية الرجعية اليمن شمالاً وجنوباً، لا يزال اليمنيون يتطلعون إلى بناء مشروعهم الوطني الجامع والذي سيؤمّن لهم جميعاً على اختلافاتهم المذهبية والمناطقية العيش الكريم.
يدرك اليمنيون جيداً أنه لا يمكن لهم أن يبنوا مشروعاً وطنياً يواجه المشروعَين الرجعيَّين اللذَين يهدفان إلى تمزيق الوطن والمجتمع في الشمال والجنوب، إلا بوجود دولة وطنية قوية تحمي هذا المشروع الوطني، لأنّ الحق الذي لا يمتلك قوة تحميه باطل في شَرع السياسة، لكن مشروع الدولة الذي يتمنى اليمنيون أن ينتصر يفتقد لوجود قيادة حكيمة تدرك أهمية المرحلة وتتصرف بناءً على ما تقتضيه هذه المرحلة، فقد أصبحت اليمن كالجوهرة بيد الفحّام.
رغم كلّ هذه الأعاصير، ورغم كل الضربات إلي يتلقّاها المشروع الوطني في اليمن، إلا أنه ما زال أمل اليمنيين الوحيد في عيش كريم وحر لهم ولأبنائهم؛ إذ إنّهم يريدون أن يعيشوا في ظل دولة لا تسألهم عن مذاهبهم ومناطقهم وسلالاتهم.. فهل يا ترى سينتصر المشروع الوطني اليمني ويستعيد اليمنيون وطنهم المختطف ويبنوا دولتهم فهي الضامن الوحيد لحياتهم وحريتهم؟
لا مناص من الدولة التي يكون فيها المواطن "يمنياً فقط" لا شمالي ولا جنوبي، ولا هاشمي أو قبيلي، وكل هذه المسميات التي لا تزيد اليمن إلا تشتيتاً.
الحل لليمن واليمنيين هو بناء الدولة الوطنية القوية، لا مناص من الدولة إذا أراد اليمنيون العيش الكريم، إذا أرادوا وقف القتل والتهجير، إذا أراد المغترب العودة بسلام دون أن يلاقي مصير الموت مثل كثير من الذين عادوا من بلاد الغربة ولم يكن لهم من وطنهم إلا القبر، وكان آخر هذه الحوادث هي مقتل الشاب عبد الملك السنباني، الذي عاد من بلاد الغربة لكي يزور أهله، ويزيل الحنين للوطن، إلا أنّ أيادي الغدر المليشياوي التي أقسمت أن تقتل كل فرحة لليمنيين اغتالته قبل أن يصل إلى أهله.
كل هذه الصعاب والمشاكل والفرقة لا حل لها إلا بوجود الدولة الوطنية.