نداء بوست-أخبار سورية-متابعات
في 22 شباط/فبراير عام 1958 أعلن الرئيس المصري جمال عبد الناصر عن الوحدة بين سورية و مصر (وتشمل قطاع غزة تحت الإدارة المصرية) وسورية تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة.
وكانت الوحدة بين البلدين نتيجة المطالبة الدائمة لمجموعة من الضباط السوريين، في وقت كان فيه الضباط قد قاموا بحملة من أجل الاتحاد مع مصر.
وخرج جمال عبد الناصر في بيان في 24 شباط/فبراير 1958 قال فيه..أيها المواطنون:
السلام عليكم ورحمة الله..
إنني أشعر الآن وأنا بينكم بأسعد لحظة من حياتى، فقد كنت دائماً أنظر إلى دمشق وإليكم وإلى سورية وأترقب اليوم الذى أقابلكم فيه، والنهارده.. النهارده أزور سورية قلب العروبة النابض.. سورية اللي حملت دائماً راية القومية العربية.. سورية اللي كانت دائماً تنادى بالقومية العربية.. سورية اللي كانت دائماً تتفاعل من عميق القلب مع العرب في كل مكان.
واليوم -أيها الإخوة المواطنون- حقق الله هذا الأمل وهذا الترقب، وأنا ألتقى معكم في هذا اليوم الخالد، بعد أن تحققت الجمهورية العربية المتحدة.
ويؤكد المؤرخون لتلك الفترة من تاريخ سورية السياسي، انه مع انتخاب شكري القوتلي في العام 1955، حسم الموقف لمصلحة التيار المنادي بالتعاون والتحالف مع مصر، واتفقت مصر وسورية على انشاء قيادة عسكرية موحدة يكون مركزها في دمشق.
كذلك كانت العوامل الخارجية قد لعبت دورها الأول في تعزيز هذا التقارب، حيث بدأ الاتحاد السوفياتي في بداية عام 1956، بحملة ديبلوماسية واسعة لاكتساب دول الشرق الأوسط، وقبلت سورية ومصر في شهر شباط/فبراير من نفس العام صفقات السلاح السوفياتي في الوقت الذي كان فيه حلف بغداد يهدد الأراضي السورية بدعم من بريطانيا.
وفي عام 1960 تم توحيد برلماني البلدين في مجلس الأمة بالقاهرة وألغيت الوزارات الإقليمية لصالح وزارة موحدة في القاهرة أيضاً.
في يونيو 1960، حاول عبد الناصر تطبيق الإصلاحات الاقتصادية التي ستجعل الاقتصاد السوري أكثر اتساقاً مع القطاع العام المصري القوي.
ولكن هذه التغييرات لم تفعل الكثير لمساعدة الاقتصادين. بدلاً من تحويل النمو تجاه القطاع الخاص، قام عبد الناصر بموجات تأميم غير مسبوقة في مصر وسورية. بدأت عمليات التأميم في يوليو دون استشارة كبار المسؤولين الاقتصاديين السوريين.
كما استولت الحكومة على تجارة القطن، فضلاً عن جميع شركات التصدير والاستيراد. في 23 يوليو 1961، وأعلن عبد الناصر تأميم البنوك، شركات التأمين، وجميع الصناعات الثقيلة.
كما مدد ناصر مبادئه للعدالة الاجتماعية. تم تقليص مساحة الأراضي المسموح بامتلاكها من 200 إلى 100 فدان.
وانخفض معدل الفائدة للمزارعين بشكل كبير حتى أُلغي في بعض الحالات. فُرضت ضريبة بنسبة تسعين بالمائة على جميع شرائح الدخل الذي يتجاوز 10.000 جنيه.
وتم السماح بتواجد ممثلون للعمال والموظفين في مجالس الإدارة. كما مُنحو الحق في الحصول على حصة تبلغ 25% من أرباح شركتهم، تم تخفيض متوسط يوم العمل أيضاً من ثماني ساعات إلى سبع دون تخفيض في الأجور.
أثناء الوحدة استعان جمال عبد الناصر من أجل تنفيذ عمليات القمع بعبد الحميد السراج الذي شغل منصب وزير الداخلية ورئيس المكتب التنفيذي للإقليم الشمالي.
وقام السراج بتنظيم جهاز الشرطة والأمن في سورية وفرض عليها حكماً بوليسياً. وكانت هذه أحد الأمور التي أدت إلى انهيار الوحدة لاحقاً.
كما عرف بعدائه المتبادل لعبد الحكيم عامر. عينه جمال عبد الناصر نائباً له بهدف تقليص نفوذه، فاستقال من هذا المنصب في 26 سبتمبر 1961.
عند الانفصال ألقي القبض على السراج وأودع سجن المزة في دمشق، إلا أن جهاز المخابرات العامة المصرية تمكن من تهريبه من السجن من دمشق إلى بيروت ثم إلى القاهرة
انهيار الوحدة.
ففي 28 سبتمبر 1961، قامت مجموعة من الضباط السوريين بقيادة المقدم عبد الكريم النحلاوي (مدير مكتب عبد الحكيم عامر)، وبدعم أردني – سعودي، وبمؤازرة من رجال الأعمال السوريين الساخطين بسبب قرارات التأميم، بانقلاب عسكري في أجواء متأزمة من كافة النواحي.
ويشار إلى أن عدم وجود اتصال جغرافي بين سورية و مصر مما يجعل سيطرة الحكومة المركزية محدودة وإبعاد الجيش عن التدخل في السياسة كان أحد أهم الأسباب في الانفصال.