نداء بوست- إدلب- أيهم الشيخ-أحمد العكلة
في ظل الفلتان الأمني والغياب الرقابي الجزئي في مناطق شمال غرب سورية انتشرت عمليات بيع الدواء من قِبل بعض التجار عَبْر موزعين في الصيدليات والمراكز الطبية.
وبعد قيام الثورة قام عشرات المواطنين بافتتاح صيدليات ومراكز ومستودعات لبيع الدواء في مدنهم وقراهم دون خبرتهم بهذه المهنة من قبل، مما أدى إلى انتشار الأدوية الممنوعة والمخدرة بين المواطنين.
ويقوم أصحاب المراكز بتوزيع أدوية مسكنة للمدمنين كالترامادول والزولام بكميات كبيرة مقابل ربح مادي دون وجود وصفة طبية من قِبل الطبيب.
شراء الممنوعات بكميات مُضاعَفة
عامر عبد الله (اسم مستعار) هو عامل في مجال توزيع الدواء في شمال غرب سورية يقول لـ"نداء بوست": "أقوم بجلب كميات من الدواء من قِبل المستودعات الطبية ونبدأ بعرضها على الصيدليات من أجل بيعها حيث إن بعض الأدوية الممنوعة والتي لا تصرف إلا بموجب وصفة طبية يتم شراؤها بكميات كبيرة من قِبل بعض الصيادلة وذلك بهدف بيعها للمدمنين".
ويضيف في حديثه: "أكثر الأدوية المطلوبة في السوق هي أدوية كاريزول وزولام وترامادول وترامجين وهي أدوية تسبب الإدمان خصوصاً في ظل تزايُد الإدمان عند الكثير من الشبان على حبوب الكبتاغون والتي لا تصنف ضِمن الأدوية ولا يتم تداولها وكذلك ضِمن أصناف من الأدوية".
كما أكد أنه "في الآونة كان هناك رقابة من قِبل مديرية الصحة على عدم تسليم الأدوية إلا بموجب وصفة طبية، ولكن هذا الأمر لا يمكن ضبطه بسبب تعدُّد مصادر جلب الدواء من قِبل المراكز الطبية والمستودعات".
وأدى ذلك إلى وقوع عدة حالات صحية ضحية لهذا الأمر ومنها الخطيرة بسبب عدم معرفة البائع بنوع الدواء المطلوب أو إكثار المشتري من التناول المفرط في كميات الحبوب.
واتخذت حكومتَا “الإنقاذ” و”المؤقتة” اللتان تديران مناطق إدلب وريف حلب في شمالي سورية، مزيدًا من الخطوات لتنظيم القطاع الصيدلاني، وتفعيل الرقابة الدوائية.
جولات رقابية من قِبل الصحة
الدكتور مصطفى دغيم -وهو رئيس دائرة الرقابة في مديرية الصحة في إدلب- قال في حديث لـ"نداء بوست": إن "هناك متابعة من قِبل مديرية الصحة تكون من خلال الجولات الرقابية للرقابة الصيدلانية على المستودعات والصيدليات ومتابعة سجلات سحب هذه الأدوية، وسجلات الصرف ومطابقة الوصفات المصروفة مع المسحوبات، وفي حال عدم التطابق تفرض العقوبة المناسبة حسب القوانين الناظمة لذلك".
كما أكد أن "هناك عقوبات متدرِّجة من التنبيه إلى الإنذار إلى الغرامة إلى مجلس تأديب، ويمكن أن تصل إلى إغلاق الصيدلية، هناك قائمة موضح فيها جميع الأدوية التي لا تصرف إلا بوصفة طبية".
واعتبر أن "المسكنات غير ممنوعة بشكل عامّ إنما الممنوع هو المنومات والمخدرات، وهناك تشريعات بخصوص صرفها، وذلك بموجب وصفة طبية من طبيب حصراً وبحيث يحتفظ الصيدلي بها لمنع تكرارها".
وتشهد مناطق شمال غربي سورية ارتفاعاً كبيراً في أسعار الأدوية نتيجة انخفاض سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار، والذي بات يستنزف ميزانية العديد من الأُسَر التي تواجه ظروفاً معيشية صعبة.
تضاعُف أرقام المدمنين
من جهته يؤكد الصيدلاني سامي العمر أن "الغياب الرقابي خلال السنوات العشر الماضية تسبب في انتشار كميات هائلة من المخدرات والحبوب المنوعة والتي باتت تؤثر على الجيل الذي ينشأ حالياً حيث إن الأرقام تتحدث عن انتشار واسع للمخدرات شمال سورية".
وأضاف في حديث لـ"نداء بوست" أن "الخطوات الرقابية لم تظهر سوى قبل عام من الآن، بينما انتشر خلال السنوات الماضية آلاف الصيدليات التي يبيع داخلها مدنيون لم يدرسوا الصيدلة وقاموا بتوزيع الكثير من الحبوب الممنوعة مما تسببت في إدمان الكثيرين".
يُذكر أن مدينة "عفرين" في ريف حلب الشمالي شهدت افتتاح معمل لصناعة الأدوية البشرية، وصفه القائمون عليه بأنه “الأول من نوعه” الذي تشهده مناطق الشمال السوري، في ظل أزمة يعاني منها قطاع الدواء.