نداء بوست- السويداء- خاص
لا تألو إيران وميليشياتها جهداً للتوسع في المنطقة الجنوبية من سورية، وتعزيز نفوذها هناك، فبعد درعا تمكنت من التسلل إلى السويداء عبر الأذرع المحلية للأفرع الأمنية التابعة للنظام السوري.
ولاحقاً انتقلت من مرحلة التمدد إلى التحصن في المنطقة عبر العبث بأصولها والبدء بتغيير ديموغرافيتها، والذي بدأته بعملية شراء العقارات والأراضي.
“نداء بوست” يفتح ملف التغلغل الإيراني في السويداء.. غطاء محلي لتحقيق أهداف عابرة للحدود
خطة جديدة قديمة
تشير مصادر خاصة لـ”نداء بوست” إلى أن هذه العملية ليست بجديدة في السويداء، فقد سبق أن قام ذراع “حزب الله” في المنطقة المدعو أحمد جعفر الملقب بـ “الحاج أبو ياسين” بشراء عدة مزارع ومساحات واسعة من الأراضي في بلدة القريا ومحيطها جنوب السويداء.
وبعد مصرعه توقفت تلك العمليات ليعود اليوم عدد من الأشخاص من البلدة لشراء الأراضي والمنازل بشكل ملفت للنظر ويعتقد أن عمليات الشراء هذه تتم لصالح “حزب الله”.
الإغراءات المالية الطريق الأقصر للإقناع
مصادر “نداء بوست” في القريا تشير إلى اختلاف مواقف المالكين من عملية البيع هذه، فبعضهم رفض البيع بعد أن تبين لهم أن العملية تجري لصالح شخصيات إيرانية وأشخاص يتبعون لـ”حزب الله”، والبعض الآخر وجدها فرصة بسبب الأسعار المرتفعة المعروضه مقارنة مع الأسعار المتداولة في سوق بيع العقارات في السويداء.
ماذا وراء شراء العقارات؟
تقع بلدة القريا إلى الجنوب من مدينة السويداء، وتحظى بموقع جغرافي هام بالنسبة لإيران و”حزب الله” فهي قريبة من مدينة بصرى الشام في درعا الشرقي الواقعة تحت نفوذ “اللواء الثامن” في “الفيلق الخامس” المرتبط بروسيا.
وترى مصادرنا أن دوافع إيران لشراء العقارات، قد تكون نابعة من رغبتها في تضييق الخناق على “اللواء الثامن” الذي يشكل عناصر “التسويات” عماده، وتأمين عناصر ميليشياتها التي استوطنت في منطقة تل الزقاق الواقع شمال غربي بلدة القريا.
ومن الواضح أن إيران تتبع سياسة الاستيطان طويلة الأمد، فكما فعلت في منطقة “السيدة زينب” ومحيطها، ومدينة داريا وجنوب العاصمة دمشق بشكل عام، فإنها تنتهج الأسلوب ذاته ولكن بشكل أقل جنوب السويداء.
كما أن إيران تسعى إلى السيطرة على الطريق الحيوي بالنسبة لها ولـ”حزب الله” باتجاه الأردن والخليج العربي عموماً، حيث تأمل في استخدام ذلك الطريق في عمليات تهريب المخدرات والأسلحة باتجاه الحدود، ومواصلة تهديد الأردن ودول الخليج.
إيران والفراغ الروسي
يقول الكاتب والباحث الدكتور جمال الشوفي إن المرحلة الحالية في الجنوب وخاصة السويداء عنوانها ملء الفراغ والضغط الجيوعسكري بعد انسحاب روسيا غير المعلن.
ويوضح الشوفي في حديث لـ”نداء بوست” أن إيران تستخدم أذرعاً محلية لتحقيق أهدافها في السويداء وهو ما يعود إلى حساسية المحافظة جغرافياً وأهلياً وبغية فرض شروط القوة عبر تلك الأذرع.
وتأمل إيران في تحقق جملة من الأهداف في السويداء منها تأمين إزاحة أي معيق أمام خطوط التهريب باتجاه الأردن، خاصة بعد إظهار قوة “مكافحة الإرهاب” منفردة، ومحاربتها العلنية للمد الميليشياوي الإيراني والوقوف بوجه المهربين.
كذلك ترغب إيران من وجهة نظر الدكتور الشوفي في تقديم السطوة بالقوة المفرطة وتنمية فصيل “حركة الفجر” الموالي لها على حساب بقية فصائل السويداء.
فصائل السويداء صامتة!
حول سبب صمت فصائل السويداء المحلية وأهمها “حركة رجال الكرامة” عما يجري في السويداء، يعتقد محدثنا إلى أن ذلك يعود إلى اعتقاد قادتها بأن المشروع الإيراني غير واضح المعالم في السويداء، وأنه ليس من مهمتها محاربة ميليشيات التهريب وترويج المخدرات فهي مهمة الدولة.
ويبدو أن مسار الحدث اليوم في السويداء هو مسار مبيت ومخطط له يفضي إما إلى استمرار الصمت العام، والتهدئة وترتيب خطوط التهريب بهدوء دون عوائق، أو العمل المبيت على إثارة “فتنة محلية” تؤدي إلى إضعاف جميع فصائل السويداء وفرض شروط الهيمنة مرة أخرى، من وجهة نظر الشوفي.