نداء بوست-ريحانة نجم-بيروت
يعيش الطلاب اللبنانيون في أوكرانيا أوضاعاً صعبة للغاية، وسط حالة من القلق الكبير والخوف الذي تعيشها عائلاتهم في لبنان، في ظل عدم قدرتهم على مساعدتهم أبنائهم، وحتى أحياناً صعوبة التواصل معهم للاطمائنان عنهم.
ولا حل أمام الطلاب سوى المجازفة والمخاطرة على الطرقات للوصول إلى بر الأمان عند الحدود مع الدول الأوروبية المجاورة، أو البقاء في الملاجئ ومحطات المترو، في ظل عدم جدية وزارة الخارجية اللبنانية وجهوزيتها للتعامل مع هذه القضية، وحتى تحديدها حتى الآن موعداً ثابتاً لإجلاء الجالية اللبنانية، من مناطق الصراع.
الطالبة اللبنانية ريان البعريني وهي في السنة الخامسة في كلية الطب العام، ومن سكان مدينة “خاركوف”، تروي لـ”نداء بوست” أنّ إقامتها في التجديد، وجواز سفرها كان مع الجامعة كما هو معتمد هناك، وتقول إنّها حاولت منذ بدء الحديث عن عملية عسكرية روسية على أوكارنيا أن تستعجل، وتواصلت مع الجامعة وأخبرتها أنّ السفارة اللبنانية طلبت منهم مغادرة البلاد، إلا أنّ الجامعة طمأنتهم أنّ الأوضاع تحت السيطرة، والأمور لن تنزلق إلى حرب عكسرة، أو مواجهة مفتوحة، وأخبرت الطلاب أنّ من يريد المغادرة سيتحمّل هو المسؤولية.
ريان تقول إنّه بعد يومين من هذا الكلام، استيقظت على أصوات قذائف صاروخية قريبة جداً من مكان سكانها، حاولت أن تستعمل جهازها الخلوي والدخول إلى الواتسب أو التطبيقات الأخرى، ولكن جهاز “الواي فاي” لم يعمل، وتقول “إن الانترنت انقطع في المنطقة في تلك اللحظات، وإنّها عاشت لحظات خوف لم تعشها من قبل”.
تضيف البعريني أنّهم عندها نزلوا إلى الملجأ، للاحتماء من القصف، وتقول “إنّ المكان كان بارداً جداً، ولا يوجد فيه تدفئة، وتشير إلى أنّها شعرت أن هذا “أصعب عذاب ستمر به”.
وفي اليوم الثاني قررت البعريني وعدد من الطلاب مغادرة “خاركوف” إلى لفيف غرب أوكرانيا على الحدود البولندية، ومن هذه المدينة إلى بولندا، وتقول إنّ الطريق كان آمناً حتى الوصول إلى حدود لفيف، وتصف أنّ المشهد هناك كان مخيفاً “زحمة سير خانقة، سيارات راكنة منذ ثلاثة أيام”، وتضيف أنّ السيارة التي كانت تقلهم أوصلتهم إلى الحدود، وقالت لهم إنّها لا تتمكن من إدخالهم، ويجب عليهم أن يقطعوا الحدود مشياً على الأقدام، وهي مسافة 35 كيلومتراً.
وتقول “لم أتوقع أنّ المسافة ستكون بعيدة لهذه الدرجة، وأنا أجر حقيبتي وأغراضي الشخصية، استمرينا بالمشي أنا والطلاب لمدة ست ساعات، وكان الجو بارد جداً، الحرارة كانت -15، وصلت منهارة، وبدأت بالبكاء من شدة التعب والخوف”.
انتقلت من المكان الذي وصلت إليه بباص تقول إنّها دفعت له الكثير من المال حتى ينقلها إلى مكان فيه تدفئة لأن الطقس كان مثلجاً، وتضيف البعريني أنّها ما زالت في بولندا، ولا تفكّر بالعودة إلى لبنان، بل إنها تنوي متابعة تعليمها في بولندا.
أما محمد وهو طالب لبناني يدرس الطب الجراحي، يروي لـ”نداء بوست” أن الوضع في أوكرانيا صعب جداً، وأن القصف قريب جداً من مكان سكنه ويستمر لساعات طويلة دون توّقف، وقال إنّه وعدد من رفاقه اللبنانيين والفلسطينيين والتونسيين يختبئون في محطة قطار قريبة من مكان سكنه.
يشير محمد إلى أنّ جواز سفره لم يعد قابل للاستعمل، بسبب انتهاء مدة صلاحياته، وبالتالي هو مضطر للبقاء في أوكرانيا، ولا يمكنه المغادرة، كما عبّر عن تخوفه والطلاب من خسارة عامهم الدراسي، أو كل سنوات دراستهم.
ولا بد من الإشارة إلى أن عدد الطلاب في أوكرانيا يتجاوز الـ1100 وفق ما صرّح نائب رئيس أكاديمية خاركوف الطبية للدراسات العليا، عباس قعفراني.