اختار العالم، الثالث من أيار/ مايو من كلّ عام، يومياً عالمياً لحرية الصحافة، وقد تم اختيار هذا اليوم من كل عام لإحياء ذكرى "إعلان ويندهوك" التاريخي الذي تم اعتماده خلال اجتماع للصحفيين الأفارقة، ونظّمته "اليونسكو" وعُقِد في ناميبيا في 3 مايو 1991.
وبحسب ما نصّ عليه الإعلان فإنّه "لا يمكن تحقيق حرية الصحافة إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرّة ومستقلّة وقائمة على التعدّدية، وهو شرط مسبق لضمان أمن الصحفيين أثناء تأدية مهامهم، ولكفالة التحقيق في الجرائم ضد حرية الصحافة تحقيقاً سريعاً ودقيقاً".
أرقام مرعبة
وثقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، مقتل 709 صحفيين منذ انطلاق الثورة السورية في آذار/ مارس من عام 2011، وحتى تاريخ 3 أيار/ مايو 2021، "اليوم العالمي لحرية الصحافة".
وتعتبر سوريا من الدول الأكثر فتكاً بالصحفيين، حيث تصدرت دول العالم من حيث حصيلة القتلى الصحفيين في عام 2019.
وعلى صعيد الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، توثيق "ما لا يقل عن 1211 حالة اعتقال وخطف بحق صحفيين وعاملين في مجال الإعلام على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار 2011"، مشيرة إلى أنه لا يزال ما لا يقل عن 432 منهم بينهم 3 سيدات، و17 صحفياً أجنبياً قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري.
ووفق الإحصائيات التي أصدرتها الشبكة السورية عن الأعوام الـ10 الماضية، فإن 707 صحفيين قتلوا في سوريا، إضافة إلى اثنين خلال العام الجاري، بينهم 6 سيدات و9 صحفيين أجانب و52 قضوا تحت التَّعذيب، إضافة إلى إصابة ما لا يقل عن 1563 بجروح متفاوتة، على يد جميع أطراف النزاع، وبالدرجة الأولى النظام السوري وداعميه.
وقضى بحسب الشبكة، 551 صحفياً، بينهم سيدة و5 أجانب، على يد قوات النظام والميليشيات المدعومة إيرانياً، فيما قتلت الغارات الروسية 22 صحفياً، كما أن 64 صحفياً قتلوا على يد تنظيم الدولة، و4 آخرين على يد "قسد"، فيما قتلت مجموعات مسلحة أخرى، 33 صحفياً.
وقتلت هجمات التحالف الدولي صحفياً واحداً، وسقط 32 آخرين بنيران مجهولين.
حرية الصحافة لم تزل تتعرض للانتهاك
أبدى رئيس رابطة الصحفيين السوريين، "سمير مطر"، امتعاضه من الواقع الذي تعيشه الصحافة السورية من جهة الحريات، إذ قال في حديث لموقع "نداء بوست": "إن وضع حرية الصحافة لم تزل غير مبشرة بالخير في بلادنا، لأن هذه الحرية لم تكتمل وبقيت منقوصة وأحياناً منتهكة في المناطق التي أصبحت خارج سيطرة النظام السوري، ينطبق ذلك للأسف على وضع الصحافة السورية في دول الشتات".
ورأى "مطر" أنه "على الرغم من أن كلمة حرية هي من أكثر الكلمات المستخدمة في حناجر السوريين المنتفضين على نظام الاستبداد في دمشق إلا أن حرية الصحافة لم تزل تتعرض للانتهاك في صفوف المعارضة السورية أيضاً وللأسف، إذ يعاني صحفيون من مضايقات وتهديدات وأحياناً خطر الاعتقال، وقد وصل الأمر في أحايين عديدة حد تعرض البعض منهم للاغتيال.
وانتقد محدثنا عدم تعرض مرتكبي تلك الانتهاكات للعقاب، وعدم تلقي العاملين في الحقل الصحفي الدعم الكافي من قبل المؤسسات الرسمية أو منظمات المجتمع المدني، معتبراً أن هذا الأمر "فاقم السوء وكرس الدعة في جسد السلطة الرابعة التي لا يستقيم اجتماع سياسي وينهض دون وجودها وممارستها دورها".
وأضاف: "على السوريين جميعاً تعلّم أن حرية التعبير لها ثمن غالٍ، وإنه إنصافاً لمن ضحى بحياته أو بسنوات شبابه في سجون النظام علينا أن ندافع عن هذا الحق الإنساني حتى ولو كان ذاك الصحفي أو تلك الصحفية تتخذ موقفاً لا نتفق معها أو معه فيها، هذه القيمة يجب أن نتعلمها لأنه بدون حرية الصحافة لا ديمقراطية".
وشدد على أن "حماية حرية التعبير وصون حرية الصحفيين هما حماية للديمقراطية ذاتها ودفاع عنها، وهذا لن ينجح سوى برفع أصواتنا جميعاً لدعم هذا الحق الإنساني، وعلى الصحفيين التفاعل مع زملائهم في كل مناسبة ورفع صوتهم بعد كل انتهاك".
وتتذيل سوريا قائمة الدول من حيث حرية الصحافة، وفق ما نشر "مراسلون بلا حدود" عام 2021، وجاءت سوريا بالمركز 173 من أصل 180 دولة.
جدير بالذكر أن سوريا تتذيل منذ سنوات الترتيب العالمي لمؤشر حرية الصحافة، مع وجود الكثير من التقارير التي تتحدث عن انتهاكات تمارس ضدّ الصحافة والصحفيين، يقوم بها بالدرجة الأولى النظام السوري وحلفاؤه.