نداء بوست -أخبار سورية- دمشق
افتتحت وزارة الصحة بحكومة نظام الأسد بدعم من “هيئة الهلال الأحمر الإماراتية”، مستشفى “محمد بن زايد الميداني”، قرب “قصر المؤتمرات” بريف دمشق.
كما حضر الافتتاح الذي أقيم أمس القائم بالأعمال لدولة الإمارات العربية المتحدة عبد الحكيم النعيمي، ومحافظ ريف دمشق صفوان أبو سعدة، وغيرهم، إلى جانب وزير الصحة، حسن الغباش.
استثمار إماراتي بقطاع الصحة
وأوضح وزير الصحة تصريح صحفي، أن المستشفى تضم 135 سريراً، 40 منها في قسم “العناية المركزة”، مضيفاً أن اختيار مكان المستشفى جاء بتوجيهات من رئيس النظام، بشار الأسد، وذلك لـ ” تغطية منطقة الغوطة، ومناطق جغرافية واسعة بريف دمشق تضم حوالي مليون نسمة”.
كما يتضمن المستشفى، بحسب الغباش، مختلف التجهيزات الطبية، كأجهزة الأشعة، والطبقي المحوري، وأجهزة التنفس الصناعي.
ووفقاً للوزير، جاء دعم “هيئة الهلال الأحمر الإماراتية”، في إطار “الاستجابة الإنسانية لجائحة (كورونا) وآثارها”، معتبراً أن ذلك “دليل على العلاقات الأخوية المتينة التاريخية بين القيادتين والشعبين في البلدين”.
ويعاني القطاع الطبي في مناطق سيطرة النظام من أزمات عديدة، أبرزها هجرة الأطباء وندرة بعض الاختصاصات وسوء المرافق الطبية والصحية، إلى جانب أعطال متكررة بالعديد من الأجهزة الطبية التي تُستخدم لإجراء الفحوصات، وهناك نقص في الأدوية مترافق بارتفاع تكلفة العلاج في المستشفيات الخاصة، ما يجعل دخول المستشفيات “رفاهية” بالنسبة للكثيرين.
استفادة من تعديل العقوبات
الباحث في مركز جسور للدراسات فراس فحام قال: إن “الإمارات استفادت من تعديل لائحة العقوبات من طرف الولايات المتحدة، الذي صدر في أواخر عام 2021، حيث أصبح بالإمكان للمنظمات إجراء بعض الأنشطة غير الربحية بالتعاون مع حكومة النظام السوري، مثل المشاريع الإنسانية.
وأضاف في حديث لموقع “نداء بوست” صحيح أن بناء مشفى ميداني بسعى استيعابية تبلغ فقط قرابة 140 سريراً، يعتبر قليل التأثير من الناحية العملية، لكنه يأتي في سياق رؤية الإمارات الخاصة تجاه الأوضاع في سورية، حيث استعادت أبو ظبي في وقت سابق كامل علاقاتها مع النظام السوري، بحثاً عن تحقيق أهداف سياسية واقتصادية، فمن الناحية السياسية تتبنى الإمارات منذ مدة سياسة متعددة المحاور، وتهتم بعلاقات جيدة مع روسيا، بالإضافة إلى الرغبة في لعب دور الوساطة ضمن الصراعات الدولية، والملف السوري يتيح ذلك”.
ولفت في حديثه “أما اقتصادياً فإن أبو ظبي على الأرجح تبحث عن فرص استثمارية في مجال الطاقة ضمن منطقة البحر المتوسط، وقطاع إعادة الإعمار والإنشاءات، بالتالي فإن الإمارات تهيئ الظروف السياسية بانتظار أن تصبح البيئة القانونية ملائمة”.
انهيار القطاع الصحي
وفي وقت سابق، كشف نقيب الأطباء في محافظة ريف دمشق خالد موسى، عن إمكانية اختفاء اختصاصات طبية نادرة في مناطق سيطرة الأسد مثل الطب الشرعي وجراحة الأوعية والكلية والتخدير.
ونقلت إذاعة “ميلودي إف إم” الموالية عن موسى قوله: إنه هذا الأمر قد يدفع إلى استقطاب أطباء بهذه الاختصاصات من الخارج.
وأشار في حديثه أن عدداً من خريجي الطب يغادرون البلاد بهدف متابعة الاختصاص أو العمل، حتى أن بعضاً منهم يتجهون إلى دول “غير آمنة” مثل اليمن والصومال وغيرها بحثاً عن فرص عمل.
وأشار موسى أن النقابة لديها 2428 طبيباً مسجلاً يضاف إليهم 499 طبيباً مغترباً، أي ما يمثل خمس أطباء المحافظة.
كما أكد في حديثه لا يوجد سوى طبيب جراحة أوعية في المحافظة، بينما تحتاج بالحد الأدنى إلى 12 طبيباً بهذا الاختصاص.
وأشار عدم وجود أي جراح صدرية في ريف دمشق، فيما يواجه اختصاص التخدير نقصاً كبيراً في مختلف المناطق.
وفي السياق، تواصل مناطق سيطرة الأسد خسارة مئات الأطباء الذين قرروا الهجرة بسبب سوء الأوضاع المعيشية وانخفاض أجورهم.
ونقلت صحيفة الوطن الموالية عن نقيب التمريض في حلب، خليفة كسارة، قوله إن “سورية تتربع في الوقت الحالي على رأس قائمة أكبر بلد مٌصدر للشهادات الطبية”.
هجرة الأطباء
وأكد أنه “منذ بداية العام الجاري وحتى الـ 20 من الشهر الحالي، انتسب لدى النقابة 60 خريجاً من اختصاصات التمريض والأشعة والتعويضات السنية والتخدير والمعالجة الفيزيائية والتغذية.
وأوضح أن “هؤلاء جميعاً من دون استثناء، طلبوا وثيقة حسن سيرة وسلوك لكونها مطلوبة منهم في الدول التي سيهاجرون إليها في اليوم التالي”.
كما أشار إلى أن جميعهم على طريق الهجرة، وهو نزيف مؤسف ومخيف معاً للكوادر الطبية التي تحتاج إليها البلاد في نهضتها.
كما نقلت الصحيفة عن عرفان جعلوك رئيس مجلس إدارة جمعية المشافي الخاصة قوله: إن المؤسسات الطبية العراقية تدفع للممرض أو الممرضة السورية بين 600 إلى 1000 دولار، وأن بغداد والناصرية والبصرة تستقطب أعدادا لا بأس بها منهم في الأشهر الأخيرة.
كذلك أكد أن ليبيا دخلت أيضاً على خط استجرار عمالة التمريض والكوادر الفنية في الآونة الأخيرة، إضافة إلى دول الخليج التي تشترط تعديل الشهادات للممرضين وإتقان الإنكليزية بخلاف العراق وليبيا اللتين تعترفان بالشهادة السورية.
ونوه إلى أن الصومال تستقطب أي شهادة طبية سورية برواتب تتراوح بين 2000 إلى 3000 دولار شهرياً.
كذلك حذر المدير العام لمستشفى الأطفال بدمشق، رستم مكية، من الهجرة الكبيرة التي تشهدها مناطق سيطرة النظام من قبل الأطباء مع وجود نقص شديد بأعداد الأطباء بالمشفى.
ونقلت صحيفة “تشرين” الموالية عن مكية قوله: إن النقص الكبير بعدد الأطباء الاختصاصيين في الأقسام الطبية كافة، إلى الاستقالات المتكررة، ونقص الإيفاد، ووفاة أطباء مهمين بالجائحة.
وأشار إلى وجود طبيب واحد فقط باختصاص أمراض هضمية، بعد وفاة رئيس الشعبة السابق بسبب الجائحة، مشيراً إلى الحاجة الماسة لأطباء إسعاف وصحة عامة وطب طوارئ اختصاصيين.
كما اعتبر أن المستشفى يعاني من عدم القدرة على إنجاز غالبية الفحوصات الشعاعية، “بسبب تعطل معظم الأجهزة الأساسية المتآكلة والبالية كجهاز الرنين المغناطيسي وجهاز الطبقي المحوري وأجهزة الإيكو وجهاز الأشعة التنظيرية”.
وانتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة هجرة الكفاءات الطبية في محافظة السويداء، بسبب تردّي الأوضاع المعيشية وتعرض حياتهم للخطر.
وكشفت مديرية الصحة التابعة للنظام السوري في السويداء عن وصول عدد الأطباء السوريين المهاجرين من المحافظة وحدها إلى 17 طبيب خلال 5 أشهر، مما يهدد عمل القطاع الصحي.
وحذرت مديرية الصحة من توقف الخدمات الطبية، وانهيارِ قطاع الصحة، في حال لم يتم اتخاذ إجراءات للحد من هجرة الأطباء وإيجاد الحلول المناسبة لأصحاب المهنة.
وأوضحت مديرية الصحة إلى أنه تم تسجيل 104 حالات استقالة ووجود 101 طلب لإنهاء الخدمة، والمتعلّقة بغالبيتها بالهجرة خارج البلاد، سيما أنَّ 143 من أصحاب الخبرة حصلوا على جوزات سفر جديدة، في المقابل يوجد 310 ممرضين يستعدون للسفر حالياً.