نداء بوست -محمد جميل خضر- عمّان
تزامَن حلول شهر رمضان في الأردن هذا العام، مع صدور قرارات رسمية عديدة، تُخفف إجراءات مواجهة جائحة كورونا وتلغي بعضها، وتفتح أفق عودة ممكنة للتواصل والتدفق والتقارب.
وهو التزامن الفذ الذي التقطه الناس، كل الناس، في الأردن، وهبوا، مع ترافق كل ذلك بارتفاع بسيط في درجات الحرارة، للأسواق والساحات والحدائق العامة والمطاعم الشعبية الشهيرة، عادة بارتفاع عدد روادها وتسابق الزبائن على احتلال طاولاتها.
أجواء صاخبة زاد من مباهجها قيام أمانة عمان الكبرى بتزيين الشوارع وإنارتها بأشكال إضاءة جميلة مشعة وتخفيف أسباب مخالفات السير، وغض الطرف عن بعضها.
هذا على صعيد العاصمة الأردنية عمّان، أما على صعيد المحافظات الرئيسية الكبرى، وباقي المدن والمناطق والألوية والبلدات، فلا يختلف الأمر كثيراً، رغم أن قصب السبق، يبقى في مثل هكذا أجواء، عادةً من نصيب العاصمة، التي يحج إليها هذه الأيام كثير من سكان المحافظات وأبناء الأطراف النائية لينهلوا من أجوائها الرمضانية الحيوية النابضة بالفرح.
لينا سلامة (طالبة جامعية) تقول لـ “نداء بوست”: إن وسط البلد في قلب العاصمة الأردنية عمّان، يرتدي منذ مطلع رمضان، “أبهى حلّة يمكن أن ترتديها عاصمة خارجة، للتو، من دهاليز الوباء وأنفاق المرض”.
أما شقيقتها المتزوجة والمقيمة في جرش، التي استقرت منذ الأول من رمضان، هي وأسرتها، في بيت أهلها، فتؤكد أن الأسواق القديمة في مدينة جرش (55 كيلومتراً شمال العاصمة عمّان)، تحظى ببعض حركة وبركة وبيع وشراء، ولكن “لا مقارنة مع الحركة والأضواء وهدير الحياة في العاصمة”.
“ذكرونا بأيام كورونا” تعلق لينا على استقرار شقيقتها وفاء في بيت العائلة الكبير، “نفطر معاً ونصلّي التراويح معاً ونحضر ما نتفق عليه من مسلسلات رمضان معاً، ونهجم على القطائف معاً” تعقّب وفاء محاولة تجنب أن يسمع زوجها تعليق شقيقتها لينا فيظن أن وجودهم في بيت أهل زوجته أصبح ثقيلاً وغير محتمل.
يتمشى جمال زهران في المنطقة الواقعة بين مقهى السنترال وكشك أبو علي، كما هي عادته منذ عشرات السنين. يخبرني أنه يكاد لا يعرف قاع مدينته. فقد تعوّد على هذا القاع خلال زهاء عاميْن ماضييْن “خال من أبنائه، مقفر من روّاده، كئيبة واجهات محاله”.
“إنها العودة المشعة للحياة” يرد عليه صاحب محل تصليح الأحذية وبيع رباطات الأحزمة الجلدية القريب من درج الكلحة، وقد لفت انتباهي أنه مثل الآخرين شرع أبواب محله بعد انتهاء الإفطار بقليل، فهل يتوقع، مثل غيره، أن يهل عليه زبائن يريدون شراء حزام، أو تصليح حذاء، أو تبديل رباط (بوط) رياضة؟ لعل وعسى، من يدري.
كانت الساعة تقترب من الثالثة فجراً عندما كان ما يزال الزبائن يتدفقون على مطعم “هاشم” الشعبي للحمص والفول والفلافل وما إلى ذلك، وعندما كان كثير منهم يقفون على باب الدخلة المؤدية للمطعم بانتظار فراغ طاولة أو توفّر كرسي.
يذكر أن الإجراءات التخفيفية التي أعلنت عنها الحكومة قبل شهر رمضان، تشمل السماح بالخيم والسهرات الرمضانية، وإقامة الأمسيات الفنية والثقافية وما إلى ذلك، وإلغاء تحديد سقف لعدد رواد الأمكنة العامة والمطاعم والصالات.