نداء بوست – ولاء الحوراني – درعا
لا تزال "وداد" ذات الأربعين عاماً تتحدث عن مأساة اعتقالها بصوت مرتجف يعكس خوفاً بداخلها ما كان ليتبدد رغم مضيّ أكثر من ست سنوات على نجاتها من زنازين الرعب.
"وداد" وهو اسم مستعار لامرأة تعاني من مشاكل نفسية وعصبية سَبَبُها محطة تعجز عن الإتيان بوصف لها على حدّ تعبيرها.
تتابع في حديثها لم أكن أعلم أنني وفي طريقي إلى مدينة درعا منتصف عام 2016 ستوقفني نقطة تفتيش للنظام وتقتادني إلى مركز الاحتجاز لأعلم فيما بعد بأن هناك وشاية وأن أحدهم قد أبلغ السلطات عن زوجي الذي كان يعمل آنذاك مع فصائل المعارضة وابني الذي لم يكن قد مضى على مقتله شهران في إحدى المعارك مع قوات النظام، كنت مُعصبة العينين وأسمع الشتائم تنهال من المحقق مع تكراره اللعنة لروح ابني.
مضيفة في حديث لـ"نداء بوست" تم استجوابي في المركز لأكثر من 8 ساعات تعرضت خلالها لضرب مُبرح كنت أغيب عن الوعي من شدته ولم تكن لي أية تهمة إلا أنهم كانوا يريدون الحصول على معلومات عن زوجي ومَن يعملون معه.
بعد 20 يوماً من الاحتجاز نُقلت إلى فرع الأمن في دمشق وأنا مُكبَّلة اليدين ووُضعت في غرفة مظلمة لا تتجاوز مساحتها 2×2 متر، وكنا آنذاك 25 امرأة ظهر على كثير منهن آثار تعذيب بشكل مخيف، كنا نتناوب على النوم بالاستلقاء على الأرض لصغر حجم الغرفة، لم نكن نستطيع رؤية شيء ولا نسمع سوى صرخات الشبان الذين يُعذَّبون في الزنزانات الأخرى.
كانت رؤوسنا مليئةً بالقمل وكانت الزنزانة تعجّ بالفئران، خروجنا من تلك الغرفة لم يكن إلا للمرحاض بضع ثوانٍ محددة وكان السجان ينتظرنا ليجلد بالسوط مَن تتأخر منا أكثرَ من الوقت المحدَّد لها.
تضيف بأن فتاة بعمر الـ 15 عاماً ماتت أمامي بعد 3 أيام من وصولي للزنزانة وأخبرتني إحدى السجينات التي كان قد مر على اعتقالها أشهُر قبلي أن تلك الفتاة قد اغتصبها شبيحة السجن مراراً ما أثار الرعب في داخلي وأثَّر على أعصابي بشكل سلبي جعلني أتمنى الموت في تلك اللحظات.
شعرت بأن "وداد" قد أخفت عني الكثير رغم وعودي لها بأن اسمها الحقيقي لن يخرج للعلن ربما كان خوفها مبرراً حيث إن الجحيم الذي رأته بعينيها تجاوَز حدود الرعب، وربما لم ترد أن تذكر الفظائع المروّعة التي مرت بها بلسانها أو حتى في ذاكرتها.