لا تزال الولايات المتحدة تُصعّد وترقّي من بشار الأسد وتصفه تارة بزعيم عصابة، وتارة ملك القتل الجماعي، وتقول بأنها إنْ لم تتصدَّ لأنشطته الكبتاغونية فسيتوّج قريباً مَلِكاً للمخدرات.
فبعد أن صوّت منذ أيام أعضاء مجلس النواب الأمريكي وتحديداً في الثامن من هذا الشهر على مشروع ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” وقد تضمن إستراتيجيةً وقانوناً جديداً لتعطيل وتفكيك تجارة المخدرات لدى النظام السوري. ما يثير -وربما الجميل- في القانون أنه سمّى رئيس النظام السوري بأنه “زعيم عصابة مخدرات” وأن شبكة المخدرات التي يديرها باتت تشكل خطراً على الأمن الدولي برمته.
فمنظمة “مواطنون من أجل أمريكا آمنة مطمئنة” قالت بأن مشروع القانون يشكل خطوة أولى رائعة، معتبرة أن مخدرات الأسد تمثل خطراً أمنياً عابراً للقارات.
مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب الأمريكي يطالب الوكالات المتحدة الأمريكية ودوائرها بأن تضع إستراتيجية مكتوبة خلال 180 يوماً وذلك لتعطيل وتفكيك إنتاج المخدرات والاتجار بها والشبكات المرتبطة بنظام بشار أسد في كل مكان،وقد طلب القانون من هذه الدوائر بأن تقدم الدعم الكافي لحلفاء أمريكا في المنطقة التي تواجه خطر تهريب الكبتاغون والمخدرات إلى أراضيها وخاصة الأردن ودول الخليج العربي.
اليوم -وبعد أن صادق مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون المخدرات ضِمن قانون الموازنة- قام الرئيس الأمريكي جو بايدن بالتوقيع على هذا القانون الذي تضمنه قانون الموازنة الأمريكية والذي بات بتوقيع بايدن عليه ساري المفعول.
قانون الكبتاغون الذي تضمنه قانون موازنة وزارة الدفاع الأمريكية ضيّق على النظام أكثر كما ضيق من قبله قانون قيصر وبات محاصراً بكثير من القوانين التي تحدّ من أنشطته غير المشروعة، وقد باتت نشاطاته لا تقتصر على الداخل السوري وإنما أصبحت عابرة للحدود وعابرة للقارات كما وصفها القانون الأمريكي، يدلل على هذا إحباط محاولات عديدة لتهريب الكبتاغون والمخدرات في العديد من الدول الأوروبية والعربية التي يديرها رأس النظام وأعضاء شبكته بطرق وبأساليب مختلفة، فلم يعد هناك صنف من أصناف الفاكهة وغيرها وإلا وجرب ملك الكبتاغون أن يهرب الكبتاغون بها، أساليب مافياوية لعصابات محترفة تمارس كل الأساليب المعروفة والمستحدثة للتهريب.
فلم تكن الثورة السورية وما جرى فيها من مجازر وويلات خلال العشر سنوات الماضية بالأمر اليسير، فقد تغيرت فيها كثيراً خارطة سورية الجغرافية فكرست حدوداً جديدة لم تكن موجودة سابقاً فأصبحنا أمام “سايكس بيكو” قطري ضِمن القطر الواحد، لا بل “سايكس بيكو” ضِمن المدينة الواحدة والحي الواحد، كلٌّ يتقاسم نفوذه وبلطجته فيها، خطوط جديدة رسمت فيها حواجز ومعابر داخلية وحدوداً تفصل بين المناطق، ربما الشيء الوحيد الذي بقي صامداً واستعصى على سايكس بيكو الجديد ولم يقسّم هو فضاء تجارة المخدرات والكبتاغون الرحب الذي استطاع أن يصل إلى كل المناطق السورية رغم أنف الحدود.
ملك القتل الجماعي سابقاً وزعيم العصابة وملك المخدرات حالياً لم يدَعْ شيئاً في سورية على حاله فبعد المجازر والمذابح وتهجير الشعب السوري بين لاجئ في سورية في غير مدنه وقُراه،إلى مهاجر في أصقاع الأرض، فبعد أن استباح البلاد والعباد تقتيلاً وتهجيراً لعشر سنوات ويزيد خلت، فمن لم يُقتَل في الثورة السورية على طغمة ملك القتل الجماعي وبقي حياً جاء ليقتله ملك الكبتاغون بسلاح آخر وهو سلاح المخدرات لجعل الشعب السوري غائباً ومغيباً عن وعيه وعن ما يدور من حوله لتكريس مشروع آخر من المشاريع الكثيرة التي عمل ويعمل عليها ألا وهو مشروع تخدير الشعب السوري بمساعدة حلفائه في الإجرام من ميليشيات إيرانية وغيرها، والعمل ما أمكن على إيصال هذا المشروع مشروع تخدير الشعوب العربية وشعوب المنطقة إلى منتهاه.
فقد عمل ملك القتل الجماعي بعد أن مكّن إيران وسواها من الأرض السورية وجعلها ملك المخدرات تتمكن على ما فوقها وما تحتها وباتت تتصرف في الأجزاء الواقعة تحت سيطرة النظام وكأنها تتبع إيران وامتداداً لجغرافيتها من تغيير النسيج المجتمعي والتغيير الديموغرافي فيها إلى التأثير في عقول الشباب السوري عن طريق تعاطي المخدرات والكبتاغون وإنتاجه وتهريب المادة الخام “كريستال ميث” المكون الرئيسي للآتش بوز الذي يسمى “مخدرات الأغنياء”، فإيران باتت المسيطرة على تجارة المخدرات زراعةً إن في القصير أو في دير الزور أو صناعةً في مناطق كثيرة من سورية وذلك بالتعاون وبالشراكة مع ميليشيات الأسد وتحديداً الفرقة الرابعة التي باتت تُعرف بفرقة المخدرات ما شجّع على انتشار المخدرات والكبتاغون والآتش بوز وهو حالة الانفلات في كل شيء في المناطق التي يقال عنها زوراً إنها مناطق سيطرة النظام والأصح طبعاً إطلاق اسم مناطق سيطرة الميليشيات.
فالتقديرات أن ما درّتهُ تجارة المخدرات على ملك الكبتاغون في عام 2021 تجاوز 5.7 مليار دولار، وهو رقم يجاوز أضعافاً مضاعفةً حصيلة تجارة المواد القانونية.
قانون المخدرات الذي وقع عليه بايدن يشكل انتكاسة بل نكبة أخرى إلى انتكاسات ونكبات ملك القتل الجماعي وملك المخدرات؛ لأنه سيعمل على تعطيل وتفكيك الشبكة الكبتاغونية برمتها الأمر الذي سيجفف منابع دخل من المداخيل الرئيسية والمهمة التي يعتمد عليها النظام في الاستمرار، هذا بالطبع سيزيد بالتأكيد من الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه مناطق سيطرة ملك الكبتاغون وسيزيد كذلك من سرعة انهيار الليرة السورية التي باتت ومع كل انخفاض تُشكِّل انهياراً غيرَ مسبوقٍ وتاريخياً.
قانون المخدرات الأمريكي الذي وقّعه الرئيس جو بايدن بعث برسالة قوية لكل الدول التي تحاول الاقتراب من النظام أو ممن يحاول إلقاء طوق نجاةٍ له، رسالة تقول: إن مَلِك القتل الجماعي وزعيم العصابة ومَلِك المخدرات قد مات سريرياً، ولم يبقَ سوى أن تُنزع عن جثته الهامدة الخراطيم التي تحاول عَبَثاً أن تُنقذه.