نداء بوست – أخبار سورية – اسطنبول
تناولَ تحقيق صحفي “لمزن رشد” و “صخر إدريس” في موقع المهاجرون الآن وليفينت نيوز، يوم الجمعة 23 أيلول/سبتمبر الكثير عن خبايا الموت في رومية والظروف الإنسانية المزرية التي يعاني منها السجناء، فالحياة هي مصدرُ ألمٍ في سجن رومية اللبناني، أمنية الموت للنجاة الأبدية.
قد لا يختلف “سجن رومية” من حيث وضعه السيئ عن باقي السجون المهملة في بعض الدول العربية، لكن ما يزيد الطين بلة هو الوضع المتردي في لبنان بشكل عام، فالبلاد التي لا تستطيع تأمين أساسيات الحياة لمواطنيها، فكيف ستؤمن أوضاعاً معيشية مقبولة للقابعين في سجونها؟ فالسجون مرآة الدول.
وبحسب التقرير، يبلغ عدد الموقوفين السوريين في السجن ما يقارب الـ 500 سجين بحسب توثيقات منظمة “بلا قيود” المعنية بمتابعة أوضاع السجناء السوريين في لبنان، موزعين بين مباني السجن، معظمهم محتجزون في المبنى (B) إذ يتواجد ضمنه أكثر من 200 حالة موثقة بالاسم لدى المنظمة.
كما يختلف الوضع القانوني للمحتجزين “السوريين” داخل السجن بين موقوفين، ومحكومين، ومن هم في انتظار صدور الأحكام، وهنا تشير المنظمة للفترات الزمنية الطويلة جداً التي تعاني منها الملفات القانونية للموقوفين السوريين داخل أورقة القضاء اللبناني.
تعذيب ممنهج في فروع التحقيق
يقول الأستاذ المحامي “محمد صبلوح” إن التعذيب يتم أثناء التحقيقات الأولية لانتزاع الاعترافات بالقوة، وجميع الأجهزة الأمنية تمارس التعذيب، واليوم يمارسونه بطريق أذكى، فهم يمنعون الزيارات عن الموقوفين ويؤخرونها ريثما تختفي آثار التعذيب.
وهذا ما قاله مصدر، “المهاجرون الآن” من داخل السجن أن التعذيب يتم في فروع التحقيق بشكل ممنهج كي يوقع المعتقل على أوراق اعتراف محضرة مسبقاً، ويقول: ” تحت التعذيب سنعترف بأي شيء، سنقول بأننا من أشعل حرب البسوس، وبأننا ثقبنا طبقة الأوزون وبأننا من رمى القنبلة الذرية، تحت التعذيب لا نريد إلا أن ينتهي الألم، لنخرج من الفرع أمواتاً ولكن نتنفس”.
وبحسب مصادر من داخل السجن والخارجين من السجن ممن تعرضوا للتعذيب، وهنا كانت المفاجأة بحجم العنف المستخدم على الموقوفين، ووجدنا أن بعض الوسائل ذاتها ولكن تختلف تسميتها بين البلدين، فأسلوب “الشبح” في سورية هو “البلانكو” في لبنان، إذ يُعلق الموقوف من يديه إلى الأعلى، ويتم رفعه عن الأرض بحيث لا تلامس قدماه الأرض مهما حاول ذلك، ويبقى معلقاً دون طعام أو شراب أو قضاء حاجته لأيام، حتى يقبل التوقيع على اعترافات محضرة مسبقاً ثم يودع السجن.
وذكر التقرير أيضاً، في حادثة أخرى أنه تم رش مادة السبيرتو (الكحول المعقم) على وجه موقوف قاصر وتم تهديده بإشعال النار في وجهه إن رفض التوقيع على اعترافات جاهزة لا يعلم الموقوف ما طبيعتها.
من جهة أخرى وصف التقرير بأن التعذيب الأشد قسوة على الإطلاق والذي يؤدي بالغالب إلى وفاة الموقوف هو “الضرب العنيف بقضيب حديدي محمي” ، يضرب المعتقل على كافة مناطق جسده دون تمييز ما يؤدي إلى تمزق بالجلد وحروق عميقة تصل شدتها إلى الدرجة الثالثة، وقد تؤدي هذه الضربات إلى أذية خطيرة في أعضاء حيوية في الجسم تؤدي للوفاة أو فقدان حياة المعتقل نتيجة صدمة الألم.
وأضاف مصدر آخر، أنه عندما، ينتهي التعذيب بانتهاء التحقيق، وكما أكد بعض الشهود سابقاً بعد أن يجبر الموقوف للتوقيع على أي اعتراف مهما احتوى للتخلص من أساليب التعذيب الوحشية بحق الموقوفين في حين يصل السجين إلى رومية ناجياً بالصدفة من موت محتوم تحت تعذيب جائر، لا يترك في أرواحهم مكاناً للحياة ” أموات يتنفسون”
كما يصف السجناء أنفسهم، ليبدأ تعذيب من نوع آخر، وهذه المرة تعذيب يومي دون انقطاع طيلة فترة إقامتهم سواء بانتظار المحاكمة أو لقضاء فترة محكوميتهم.
يجدر الإشارة إلى أن سجن رومية، أكبر السجون اللبنانية، بني في أواخر الستينيات، وافتتح عام 1970، في منطقة “رومية-المتن” شرق بيروت، صمم السجن ليستوعب حوالي 1500 سجين لكنه يضم اليوم ما يزيد على 3700 سجين بحسب الأرقام الحكومية في لبنان.
ويعتبر من السجون المكتظة للغاية، إذا يحتوي رومية ما يقارب نصف كل عدد النزلاء في كافة السجون اللبنانية البالغ عددهم حوالي 8000 سجين يتوزعون على السجون المركزية الثلاث في البلاد (سجن رومية – وزحلة- وطرابلس) و22 سجناً فرعياً يمكن اعتبارها مراكز توقيف احتياطية أي (نظارة).