المصدر: فوربس
بقلم: أمير حسين
ترجمة: عبد الحميد فحام
دفعت الحرب في أوكرانيا دولتين من غير المتوقع بروزهما في هذا المجال – إيران وتركيا – إلى أن تكونا من أهم المصدرين للأسلحة. فعلى مدى عقود، اعتمد هذان البلدان على واردات الأسلحة، لكنهما الآن تتطلعان إلى التغيير، والاستفادة من الاستثمارات التي قامتا بها في صناعتيهما المحليتين لتكونا دولاً مصدّرة للطائرات بدون طيار والذخائر الدقيقة وغير ذلك من الأسلحة.
مع استمرار الحرب، تسعى أوكرانيا وروسيا إلى إعادة بناء جيشيهما وتطويرهما. فالصراع حتى الآن هو عبارة عن حرب استنزاف ضخمة، حيث فقد كِلا الجانبين آلاف الدبابات وعشرات الطائرات ومئات المروحيات. وقد أدّت هذه الخسائر الهائلة إلى زيادة الطلب على موردي الأسلحة، ولم تتردد كل من إيران وتركيا في التدخل من أجل لعب هذا الدور. فمن الناحية اللوجستية، قرب كِلا البلدين من بؤرة الصراع يجعلهما الموردين المثالييْنِ للأسلحة. ففي حالة إيران، تسمح حركات النقل الجوي أو السفن التي تمخر عباب بحر قزوين بالتصدير إلى روسيا دون الحاجة إلى عبور التضاريس الوعرة أو المياه غير الصديقة.
لقد صنعت تركيا بالفعل اسماً لنفسها دولياً كمصدر رئيسي للطائرات بدون طيار. حيث تلقت شركة بيكار (Baykar) التابعة لها طلبات شراء طائرة بدون طيار هجومية أثبتت نجاحها من طراز TB-2 من حوالي 20 دولة. وقد استخدمت القوات الأوكرانية هذه الطائرة الموجهة عن بُعد على نطاق واسع في الصراع، حيث أثبتت أنها من المكتسبات القيّمة.
من ناحية أخرى، قامت إيران بسدّ حاجة كبيرة لروسيا من خلال تزويد القوات الروسية بصاروخ كروز بطيء التحليق ويصعب اعتراضه، من طراز شاهد (Shahed). وبحسب بعض التقارير، فقد تم توفير ما يصل إلى 2000 طائرة بدون طيار من طراز شاهد -136 لروسيا، كما تم بيعها عدداً أقل من طائرات الاستطلاع بدون طيار (UAVs). وبالنسبة لروسيا، التي استهلكت الآلاف من أسلحتها الموجهة بدقة، مثل صواريخ كاليبر وإسكندر، فقد ساعدت هذه الطائرات بدون طيار في توفير قدرة حاسمة على نطاق مُجْدٍ.
إن إمداد روسيا بالأسلحة، وهي إحدى أكبر منتجي الأسلحة في العالم، ليس إنجازاً صغيراً ودوراً جديداً تماماً لإيران. وفي نفس الوقت نجحت تركيا بالفعل كمصدر للأسلحة، حيث إن منتجاتها تبوأت الآن مكانة أسطورية، حيث قام المواطنون الأوكرانيون بتأليف وغناء الأغاني حول TB-2 وقدراتها. فالدور الذي لعبته طائرة TB-2 في غرق مفخرة أسطول البحر الأسود الروسي، “موسكفا”، ومئات المركبات المدرعة ومعدات الدفاع الجوي التي دمرتها حتى الآن، قد أدى إلى تسويقها بشكل باهر في الأسواق الدولية.
لقد أصبحت مبيعات الأسلحة مصدراً مهماً للإيرادات لكل من إيران وتركيا، ومن المرجح أن يواصل كِلا البلدين توريد الأسلحة إلى جميع أطراف الصراع. حيث إن إجمالي الصادرات الدفاعية لتركيا سيقترب من حجم الـ 4 مليارات دولار هذا العام، بمعدل نمو كبير يصل إلى 42٪ على أساس سنوي. وفي الوقت نفسه، تواصل تركيا تزويد أوكرانيا بالأسلحة بينما تحافظ على توازُن دقيق في علاقاتها مع روسيا بشأن مسائل أخرى، مثل شراء نظام الدفاع الجوي “إس -400” والوساطة في صفقة تصدير الحبوب مع روسيا.
على الرغم من العقوبات وتعليق خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، تمكنت إيران من تصدير الأسلحة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن والميليشيات في العراق وسورية، وقد أضافت الآن روسيا إلى قائمة زبائنها. في المقابل، تشير الشائعات إلى أن إيران قد تحصل على مقاتلات SU-35 متعددة الأدوار لتحديث قوتها الجوية القديمة. ويبقى أن نرى ما إذا كانت إيران ستتابع صادرات بحجم أكبر لـ “طائرات شاهد” بدون طيار بذخائر ذات التحليق البطيء وحتى صواريخ باليستية دقيقة.
لقد كان للحرب في أوكرانيا العديد من التأثيرات على الأمن العالمي فقد كان أحد هذه الأسباب هو دفع إيران وتركيا إلى لعب دور موردي الأسلحة الرئيسيين. فبالنسبة لكِلا البلدين، تمثل الحرب فرصة لزيادة الإيرادات واكتساب خبرة قيمة في نشر أنظمة الأسلحة المطورة محلياً. إذ إن العلاقات التي تقيمها تركيا مع أوكرانيا، وإيران مع روسيا من المرجح أن تؤدي إلى تعاون أعمق بينهما في المستقبل. فعلى سبيل المثال، تستثمر كل من روسيا وأوكرانيا في مصانع محلية لإنتاج الأسلحة الإيرانية والتركية محلياً.
استناداً إلى نجاح المنتجات التركية مثل الطائرة بدون طيار TB-2 والذخائر الإيرانية ذات التحليق البطيء مثل “شاهد”، فمن المرجح أن هذه المنتجات – والدول الراعية لها – ستشهد نجاحاً في التصدير إلى أماكن أخرى. وسيستمر إعادة استثمار الأموال التي يتلقونها في تطوير قدرات إنتاج الأسلحة لديهم.