نداء بوست- خاص
مدخل مدجَّج بالعناصر الأمنية، والسيارات المزوّدة برشاشات ثقيلة، ومتاريس أسمنتية على جانب الطريق، دخلت المربع الأمني في منطقة "كفرسوسة" بالعاصمة السورية دمشق، حقيقة.. لم أكن أعرف إلى أن تقتادني الدورية الأمنية التي أقلّتني، كل ما ذكرته من مشاهد كان عبارة عن استراقٍ للنظرات من أسفل "الطميشة" وهو مصطلح يطلقه المعتقلون على العِصَابة التي تُوضع على أعين الموقوف حتى لا يرى أي شيء أمامه.
بوابة كبيرة سوداء دخلت منها إلى ساحة تغصّ بالأشجار قبل أن أصل إلى "مكتب القبول" الذي وضعت به أماناتي وهي عبارة عن "بطاقة شخصية ومبلغ تسعة آلاف ليرة، بالإضافة لبطاقة تكامُل الخاصة بسيارتي" لم يتم سؤالي من قِبل المساعد الأشيب المسؤول عن تنظيم إضبارتي بالقدر الذي تمّت إهانتي به نظراً لجرمي المُرفَق ضِمن إضبارتي المُرافِقة لي من فرع الأمن العسكري 261 والتي غُمرت بالشمع الأحمر للتنويه على أنني موقوف أمني.
نجحت بتفادي عدّة لكمات، لكن عناصر التحقيق تمكنوا من إصابتي بعشرات الركلات على الوجه، والصدر، ومختلف أنحاء جسدي قبل أن يتم وضعي في قفص حديدي يقع بالقرب منه سرداب نحو الأسفل لم أتمكن من رؤية آخِره، لكن ليس لزمن طويل فقد تم إنزالي إليه لأكتشف بأنني أقبع تحت الأرض بمسافة قدرتها بنحو عشرة أمتار أو أقل منها، وتمّ إبلاغي بأن اسمي أصبح 13/15. تم تهيئتي نفسياً من خلال وضعي بزنزانة انفرادية بالقرب من مكاتب التحقيق التي أرعبتني بصوت صراخ المعتقلين تحت الضرب، والإهانة الجسدية والنفسية، قبل أن يتم فتح الباب ومن ثَمّ حلق شعري تمهيداً لعرضي على المحقق في أولى مراحل دخولي للفرع 248.
أذكر أنه بدأ بسؤالي عن اسمي.. ولا أتذكر أنني أتممت الاسم مع الكنية لينهال عليَّ بالضرب بعصا، أو كبل، أو نبريج "المتعارف عليه الأخضر الإبراهيمي" أقررت بانتمائي للثورة "مع حفظ الألقاب طبعاً" في محاولة بائسة مني لتجنب المزيد من التعذيب، وتمّ فرزي إلى الغرفة 15 بانتظار دوري بالتحقيق وفتح إضبارتي، وهنا علمت أن اسمي أصبح 13 وأن رقم 15 هو للدلالة على غرفتي.
ثلاثة أيام أمضيتها في غرفة لا تتجاوز 4 × 3 أمتار مع خمسة وثلاثين شخصاً آخرين، مخصصاتنا فيها من الطعام كانت ثلاث حبات من الزيتون للفطور، وملعقة برغل، أو أرز للغداء مع نصف رغيف من الخبز فقط، وكانت المنامة فيها بطريقة "القطار" وهو أسلوب يُتَّبع نظراً لعدم اتساع الغرفة لنوم الجميع.
في اليوم الرابع نادى السجان باسمي 13 فكنت حاضراً بالقرب منه ليتم تزويدي بورقة دُوِّن عليها عدد من الأرقام وتمّ تصويري وأنا أحملها بعدد من الوضعيات، وعلمت من أصدقائي في الداخل أن ما جرى هو خطوة أولية لبَدْء التحقيق الذي سآتي على ذكره لاحقاً.
يتبع..