نداء بوست- ريحانة نجم- بيروت
فجأة -وبلا سابق إنذار- أطل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وأصدر قرارين موجّهَين إلى المصارف، بعد أن سجَّل سعر صرف الدولار لأول مرة في تاريخ لبنان، رقماً قياسياً جديداً بتجاوُزه 38 ألف ليرة لبنانية، وسط توقُّعات باستمرار مساره التصاعدي في الأيام المقبلة، والوصول إلى عتبة الـ45 ألفاً في ظلّ الأجواء السياسية المتشنّجة في البلاد.
ومع توقيع تعميم حاكم المصرف تراجع الدولار إلى الانخفاض على نحو دراماتيكي بين 7 و8 آلاف ليرة لبنانية دفعة واحدة ليستقر على 30 ألفاً لكل دولار.
وينص البيان الأول على أن تلبي المصارف اللبنانية طلبات المواطنين من شراء الدولارات على سعر sayrafa لمَن سلم الليرات اللبنانية كما يتم دفع معاشات الموظفين في القطاع العامّ بالدولار أيضًا على سعر Sayrafa، وينص البيان الثاني على أن يتقدم جميع حاملي الليرة اللبنانية من مواطنين ومؤسسات ويريدون تحويلها إلى الدولار الأمريكي بطلب إلى المصارف اللبنانية ابتداءً من يوم الإثنين المقبل، وذلك على سعر SAYRAFA على أن تتم تلبية هذه الطلبات كاملةً في غضون 24 ساعة.
الخبير الاقتصادي محمد موسى وصف في حديث لـ”نداء بوست” هذا القرار بأنّه بمثابة “ترقيع” لضبط السوق ولجمه، ولكنّه أشار إلى أنّ هذا الضبط لن يستمر طويلاً، وسأل “لماذا لم يتدخل الحاكم في الأيام السابقة عندما تفلّت سعر الدولار؟”، “من أين أتى التمويل؟”، وقال للأسف: إنّ حياة الناس باتت مرهونة بالبيانات والتعاميم.
موسى لفت إلى أنّ التخبط الحاصل في لبنان يعود إلى جملة أسباب، أولها انسداد الأُفق السياسي خاصة بعد نتيجة الانتخابات النيابية التي أفرزت مجلساً نيابياً لا يوجد فيه أكثرية مطلقة لأي فريق، وهو ما دفع إلى انسداد وشلل سياسي، وهنا لا بُدّ من طرح جملة من الأسئلة؛ أين أصبح ملف الكهرباء؟ ماذا عن الموازنة التي لم تُقَرّ حتى اليوم؟ أين أصبح إصلاح القطاع العامّ؟ وغيرها الكثير من الأسئلة.
وقال الخبير الاقتصادي لـ”نداء بوست”: إنّ لبنان أمام مشهد كارثي وانفجار اجتماعي إذا استمر الوضع على ما هو عليه، مشيراً إلى أنّ المطالب الاجتماعية ستودي بالناس إلى النزول إلى الشارع، وبالتالي فإنّ الانفجار الأمني والاجتماعي بات قريباً.
وعن سعر الدولار، قال موسى: “إنّنا أمام كتلة نقدية متضخمة منذ ثورة السابع عشر من تشرين من عام 2019، وقد تكون تضاعفت عشرة أضعاف”، وأضاف أنّ الأدوات التي يتحرك من خلالها مصرف لبنان أصبحت مفقودة، بحيث لا يوجد سوى الاحتياط الإلزامي الذي يمنع القانون استخدامه، لكنّه استخدم في الانتخابات، ولكن السؤال اليوم: ماذا بعد الانتخابات؟
وأكّد موسى على عدم وجود أدوات مالية لضبط سعر السوق، حيث يبدو أن الطلب على الدولار عالٍ، نتيجة انكفاء الدولة عن تقديم خدماتها كالمحروقات مثلاً، وقال موسى: “إن صفيحة البنزين في لبنان أصبحت توازي الحد الأدنى للأجور، وقد تتخطاه في الأيام المقبلة”.
موسى شدد على أنّ سعر صرف الدولار لا سقف له، والدولة لا تمتلك أي أدوات لمواجهة ما يجري خاصة في ظل وجود حكومة تصريف الأعمال والمناكفات السياسية القائمة، والتوترات الحاصلة في الإقليم.
ويُشار إلى أن أسعار المحروقات على وقع الارتفاع المستمرّ بسعر صرف الدولار، باتت تُحَدَّد بشكل شِبه يوميّ، وأصبحت صفيحة البنزين توازي الحد الأدنى للأجور، في حين تشهد المحطات زحمة سيارات تصطفّ بالطوابير في ظل الحديث عن انقطاع البنزين أو ارتفاع أسعاره، خصوصاً أن عدداً من المحطات حذرت من إقفال أبوابها في اليومين المقبلين.
كما ألغت وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية، ربطة الخبز الكبيرة، ورفعت أسعار الوسط والصغيرة، وأصبحت على النحو الآتي ربطة الخبز من القياس الصغير (وزن 365 غراماً) بـ9 آلاف ليرة، والربطة من القياس الوسط (وزن 825 غراماً) بـ15 ألف ليرة.