نداء بوست -محمد جميل خضر- عمّان
كشفت دراسة جديدة لشركة "إبسوس" المتخصصة بالأبحاث التسويقية، أن شبح البطالة يشكل أبشع الكوابيس التي يمكن أن تداهم الأردنيين في مناماتهم وليالي قلقهم. وقالت الشركة في دراستها الجديدة: "إن النشاط الاقتصادي في الأردن بدأ يشهد تحركاً بطيئاً مع عودة الأردنيين إلى حياتهم الطبيعية، بعد مرور فترة "الصيف الآمن" الذي كان شعاراً لخطة الحكومة بالانفتاح التدريجي، ورغم ذلك بقيت مُعدلات البطالة والتضخم مرتفعة".
وتؤكد الدراسة الإحصائية الجديدة لشركة الأبحاث الرائدة التي تغطي جميع الأسواق في منطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا منذ عام 1988، المنشورة في موقع قناة "رؤيا" ومواقع أخرى، أن التباطؤ في النشاط الاقتصادي انعكس على مؤشر ثقة المستهلك الذي ظل عند أدنى مستوى له رغم الزيادة التي بلغت 1.3 نقطة فقط خلال الربع الثالث من عام 2021.
وفي ضوء ذلك، ترى الدراسة أن هذه الزيادة المُتذَبذِبة التي شهدتها المؤشرات الفرعية كافةً، جاءت "كنتيجة تحول الانطباعات السلبية لتصبح أكثر حياداً ويسودها عدم اليقين، ومع هذا يأمل أفراد الشعب الأردني تحقيق تعاف اقتصادي أفضل، وهو ما تجلى في ارتفاع مؤشر التوقع المستقبلي للاقتصاد المحلي بما يزيد عن 2.1 نقطة".
الدراسة أشارت إلى أنه في ظل التحسُن الكبير التي شهدته غالبية الدول التي شملها الاستطلاع في شتى أرجاء العالم خلال هذا الربع، لم يطرأ أي تغيير يذكر على العديد من المؤشرات في الأردن، فعلى سبيل المثال، ظلت "نظرة الشعب الأردني متشائمة حيالَ الوضع الاقتصادي في البلاد، أو وضعهم المالي الشخصي، أو قدرتهم على اتخاذ قرارات بشأن الاستثمارات طويلة الأمد، أو بشأن عمليات الشراء الكبيرة، ولم تشهد أي ارتفاع في درجة التفاؤل، بل على العكس، زاد عدد الأشخاص الذين يعتقدون أن الوضع لن يشهد أي تغير إيجابي في الأمد القريب".
وقالت الدراسة: إن مستويات الثقة بالأمان الوظيفي لم تشهد أي تغيير ملحوظ مقارنةً بالربع السابق من العام، ويتوافق ذلك مع معدلات البطالة الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة في الأردن، التي أشارت إلى أن معدلات البطالة للأردنيين قد انخفضت بنسبة 0.2% خلال الربع الثاني من عام 2021، بالمقارنة مع الربع الأول من العام ذاته. مع أن معدلات توقع الأردنيين لفقدان عملهم قد انخفضت في محافظتي عمان وإربد، ما زال القلق يسيطر على سكان المدن الأخرى بشأن فقدان عملهم خلال الأشهر الستة القادمة، ولفتت إلى أنه رغم نجاح الحكومة في تنفيذ خطتها المُقترحة في الانفتاح التدريجي للوصول إلى صيفٍ آمنٍ، إلا أن ثقة الشعب الأردني ظلت مهزوزة وفي أقل مستوياتها حول قدرة الحكومة على تحسين المُستقبل الاقتصادي للبلاد، ولم تشهد تلك الثقة أي تطوُّر ملموس، ففي حين أن 6 من أصل 10 أردنيين يرون أن الحكومة كانت جاهزة للتعامل مع الجائحة خلال شهر أيلول/ سبتمبر، ظلت ثقتهم في قدرة الحكومة على تطبيق تدابير فعالة للتخفيف من أضرار الجائحة على القدرات المالية والشرائية عند أدنى مستوى لها.
وفي السياق ذاته، يشكل الارتفاع الأخير في أعداد الإصابات بفيروس كورونا (تعدّت أمس حاجز الأربعة آلاف إصابة يومية)، مصدراً يُثير مخاوف الأردنيين تجاه العودة مُجدداً إلى تطبيق سياساتٍ مُشددةٍ قد تقف عقبةً في وجه تحقيق التعافي الاقتصادي المنشود، فحوالَيْ 3 من أصل 4 أردنيين يعتقدون أن التكيُّف يُمثل طوقَ النجاةِ من هذه الأزمة، فيما هم يتطلعون بفارغِ الصبرِ أن تتخذ الحكومة إجراءات تساعد الاقتصاد الأردني المُتعثِر على التعافي من التداعيات التي خلفتها الجائحة.
مدير الدراسات الإستراتيجية لشركة "إبسوس" في الأردن والعراق عبد القادر فرحات، علّق بالقول: "بينما يستكمل الأردن مسيرته نحو التعافي الاقتصادي من خلال تطبيق برنامج التطعيم، ظهر متحور الدلتا ليضع أمامنا تحديات كبيرة. فسرعة انتشار دلتا في الآونة الأخيرة تسبب بتعطيل سلسلة الإمدادات العالمية، التي بدورها تسببت في موجة غلاء عالمية ومحلية، والانتشار الأخير بات يشير إلى قدوم موجة إصابات جديدة في الشتاء".
ورأى أن هذه التحديات التي تزيد الضغط على الأردنيين "انعكست على مؤشر ثقة المستهلك الذي ظل راكداً ولا سيما أن البطالة، والغلاء ما تزال تعلو هموم الأردنيين اليوم، مما يجعل تكثيف وتيرة التطعيم من أهم الأولويات لتحفيز التعافي الاقتصادي وتحفيز القطاعات المنهكة كالسياحة".
Author
-
روائي وإعلامي فلسطيني/أردني..مُعِدّ ومنتج تلفزيوني.. صدر له ثلاث روايات وأربع مجموعات قصصية