قسم التحقيقات والمتابعة "نداء بوست" – نانسي الباشا
يتجه العالم نحو انفجار سكاني يتمثل في زيادة متسارعة لعدد سكان الأرض خلال العقود القادمة حيث إن عدد سكان الأرض يزداد بمعدل 145 فرداً في الدقيقة، أي أنه عندما تتم قراءتك لهذه المادة سيزداد عدد سكان الأرض بمقدار 725 فرداً.
يولد في مخيم أطمة في شمال غرب سورية، يومياً حوالي أربعة أطفال يعيشون بظروف سيئة للغاية بدءً من سوء التغذية ووصولاً للأمراض المنتشرة فيما بينهم، الأمراض انتشرت بسرعة و خاصة بين الولادات الجديدة وبالتالي حالتهم الصحية تسوء في ظل نقص في الأدوية و الكادر الطبي.
ظروف المخيمات ليست مناخاً ملائماً ليعيش به المواليد الجدد وعندما تقوم فرق التوعية بعمل ندوات وجلسات توعيه للنساء داخل المخيمات يكون الجواب يأتي الطفل و زرقه معه -وهو أمر مسلّم به- ولكن ماذا عن بيئة المخيمات و ظروفها المعيشية حيث أن الأم الحامل بحاجة لرعاية خاصة و متابعة ومراقبة دورية لحالة الجنين كما أنها بحاجة لتغذية و بيئة صحية بعيدة عن القلق و التوتر لكن في الحقيقة بيئة المخيمات منافية تماماً لما ذكرناه فالظروف المعيشية للمرأة الحامل داخل المخيمات غير صحية، حيث أنه من الخطورة بمكان على الأم و الجنين البقاء في مثل هذه البيئة و لكن ما الحل إذا ما كانت العائلة غير قادرة على تغيير واقعهم و الانتقال للعيش بظروف أفضل؟.
على الرغم من أن الظروف الصحية و المعيشية و الاجتماعية غير صحية في المخيمات وعلى الرغم من حملات التوعية المستمرة للنساء بالمخيمات ولكن معدلات المواليد مازالت في تزايد مستمر. الوعي الصحي بتنظيم النسل في بلادنا العربي قليل و غير متقبل لا شك أن هناك درجة من الوعي عند المثقفين بضرورة تنظيم النسل و لكن هذا لا يكفي وقد لا يكون العلاج الوحيد للمشكلة، حيث ترجع زيادة المواليد في المخيمات لأسباب عدة نذكر منها:
الشريحة الاجتماعية اللاجئة إلى المخيمات و أنماط تفكيرهم غير المقتنعة بقضية تنظيم النسل على العكس تماماً على حد ظنهم أنه كلما كانت العائلة كبيرة كلما كان لها سمة اجتماعية أكبر.
البعد السيكولوجي أو القلق الوجودي يجعل النازحين يتكاثرون أكثر ليدافعوا عن وجودهم و هذا متعلق بالمخاطر التي يواجهونها خاصة في ظل الحرب وما تبعها من تغيير ديموغرافي، وقد يكون زيادة عدد المواليد نوع من التعويض بحيث إذا توفى أحد أفراد العائلة يجب أن تكون العائلة كبيرة لتعوض هذا النقص.
عدم تأمين الخدمات الصحية كالعقاقير ووسائل تنظيم الحمل منها الطبيعية وغير الطبيعية في المخيمات.
التشجيع من قبل رجال الدين على التكاثر والمباهاة بالعدد الكبير وإنجاب الأطفال كنوع من تعويض ضحايا الحرب و خوفا على التوزيع الديموغرافي الموجود في سورية، دون الأخذ بعين الاعتبار أن المباهاة تتطلب تحسين النوع أيضاً وليس فقط زيادة العدد أي زيادة الاهتمام بتربية الأطفال وضمان بيئة أفضل.
على الرغم من القيام ببعض حملات التوعية في المخيمات بضرورة تنظيم النسل إلا أن التجاوب كان شبه معدوم ، فليس من السهولة بمكان أن نقنع ناس ينحدرون من مجتمعات تشجع الإنجاب بضرورة تنظيم النسل.
عمليات التوعية تحتاج لوقت طويل حتى تأتي ثمارها و يجب أن نعرف كيف نسوق لفكرة تنظيم النسل وذلك بالحديث مع هؤلاء الناس بلغتهم وثقافتهم من خلال بعض النصوص الدينية مثلاً ومعتقداتهم الاجتماعية
حيث إنه لا يمكن إجبار الناس على الاقتناع بموضوع تنظيم النسل وإنما يجب إقناعهم بطريقة أو بأخرى زيادة الوعي الصحي بتنظيم النسل من خلال دورات ومحاضرات متكررة للإقناع وخصوصاً للأزواج حديثي الزواج كما أننا بحاجة لتشكيل فرق للدعم النفسي والتوعية الصحية و خصوصاً للحوامل و الأمهات لعدم تكرار الحمل و خصوصاً بالظروف الراهنة و الغير طبيعية بسبب ظروف التهجير و التشرد التي نعيشها اليوم.
كما تلعب مسألة الاستقرار السياسي و تحريك عجلة الاقتصاد دور كبير في زيادة الوعي تجاه تنظيم النسل حيث أثبتت الدراسات أن الشعوب المستقرة و ذات الدخل المرتفع تنجب أطفال أقل، وهذا ربما يفسر بزوال المخاطر التي تتعرض لها هذه الجماعات البشرية و ضمان أن ابنها أو العدد القليل من الأولاد سيكون لهم مستقبل مضمون.