انهار وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه روسيا في نزاع "ناغورنو كاراباخ"، وكثفت أذربيجان وأرمينيا عملياتهما العسكرية.
وذكرت صحيفة "إزفستيا" نقلاً عن خبراء روس أن الصراع سيستمر دون تدخل طرف ثالث.
يبدو أن هذا هو التفكير في موسكو أيضاً، كما يتضح من تصريحات وزير الخارجية سيرغي لافروف يوم الأربعاء بأن الكرملين لا يستبعد إمكانية إدراج مراقبين عسكريين روس في آلية مراقبة وقف إطلاق النار في ناغورنو كاراباخ.
وبصراحة فإن روسيا تدمج نفسها نيابة عن مجموعة "مينسك" وتعتبرها أمراً مفروغاً منه أن "باكو" ستتقبلها كخطوة متابعة تماشياً مع البيان المشترك الذي تم تبنيه في المحادثات الثلاثية على مستوى لافروف ورفاقه.
وأوضح لافروف أن آلية مراقبة وقف إطلاق النار يجب أن تعمل على طول خط التماس بين القوات الأرمينية والأذربيجانية في ناغورنو كاراباخ.
وكشف أن الرئيس فلاديمير بوتين لديه نهج عملي، وأن وزير الدفاع سيرغي شويغو يجري محادثات مع وزيري دفاع أرمينيا وأذربيجان.
تبتعد موسكو عن هذه الفكرة لتجنب أي تطورات كارثية على الأرض، ونقلاً عن لافروف فقد قال: "من الضروري عقد اجتماع فوري للجيشين للاتفاق على آلية وقف إطلاق النار، نحن نرسل نفس الإشارة إلى زملائنا الأرمن، وأعتقد أن هذا هو المفتاح الآن للوقف المستدام للحريق الذي يؤثر على المنشآت المدنية والمدنيين".
لكن الأهمية السياسية تكمن في مكان آخر: تتجاهل موسكو قول تركيا بأنها لاعب في القوقاز، وتواصل أذربيجان القول: إن تركيا يجب أن تشارك في المحادثات حول منطقة ناغورنو كاراباخ الانفصالية، وإنه لا يمكن حل النزاع دون مشاركة أنقرة، لكن موسكو تتجاهل ذلك.
قال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف يوم الأربعاء في مقابلة مع الإذاعة التركية "خبر تورك": إن طائرات F-16 التركية كانت في أذربيجان.
لا تحب تركيا هذا الاستهزاء وليس من المستغرب أن تحدد أنقرة موعداً لزيارة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي هذا الأسبوع يتم خلالها التوقيع على اتفاق تعاون عسكري تركي أوكراني.
كما يبدو أن بعض صفقات الأسلحة الرئيسية قيد الإعداد، والتي تم طرحها للمناقشة خلال زيارة قام بها وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في يوليو إلى كييف.
ومن المثير للاهتمام أن موقع Defense News قد ذكر مؤخراً أن تركيا تأمل في الحصول على تكنولوجيا محركات الطائرات من أوكرانيا، ووفقاً للتقرير تريد تركيا تطوير تقنية محرك محلية لمختلف المنصات الجوية التي طورتها.
ونقل التقرير عن مصدر تركي أن صانع المحركات الأوكراني SE Ivchenko-Progress ينتج محرك AI-35 لتشغيل صاروخ Gezgin الأصلي التركي الجديد.
قد يكون هذا مشروعاً دفاعياً كبيراً، وقالت Defense News: "تقوم SE Ivchenko-Progress، وهي شركة تابعة لعملاق الدفاع الأوكراني Ukroboronprom بتصميم وتصنيع المحركات التي تشغل 66 نوعاً من الطائرات في أكثر من 100 دولة".
تم بناء عائلة محركات AI-35 لتشغيل أنظمة الطائرات بدون طيار عالية السرعة وصواريخ كروز المتقدمة.
ووصف المحللون الصاروخ Gezgin بأنه يشبه الصاروخ الأمريكي Tomahawk، كما تم تصميم برنامج Gezgin لتطوير قدرات الضربة التقليدية بعيدة المدى للمنصات البحرية، ويُعتقد أن هذا الصاروخ الجديد يبلغ مداه حوالي 1000 كيلومتر".
يجب أن تكون موسكو على دراية بهذه التطورات، ومن الممكن أن تخرج تركيا من القوقاز نظراً لقدرتها على إحداث المزيد من الأذى في الفناء الخلفي لروسيا.
سيكون زيلينسكي سعيداً جداً بدعوة مستشارين عسكريين أتراك لنشرهم في أوكرانيا، وأوضح بيان في كييف بشأن زيارته لأنقرة أن الاتفاق العسكري المقترح مع تركيا "سيعكس ضمانة للأمن والسلام في منطقة البحر الأسود".
لا شك أن الشراكة الإستراتيجية بين تركيا وأوكرانيا ستزعج روسيا بشدة لأنها قد تؤثر على التوازن العسكري الهش في منطقة البحر الأسود، في وقت تؤكد فيه منظمة حلف شمال الأطلسي بشكل متزايد وجودها في المنطقة.
هناك عدد من الأشياء التي يمكن أن تفعلها تركيا والتي يمكن أن تسبب صداعاً لروسيا في منعطف عندما تكون علاقات موسكو مع الاتحاد الأوروبي في حالة برودة شديدة، والأهم من ذلك أن الستار أسدل على التعاون التقليدي بين روسيا وأوكرانيا في منطقة البحر الأسود.
هل يلقي الخلاف "التركي- الروسي" بظلاله على الوضع السوري؟ بالتأكيد، وإذا كانت موسكو تريد أن تزيد الضغط على تركيا فلا يوجد وقت أفضل من هذا لترك القوات السورية في هجوم لاستعادة السيطرة على إدلب.
لكنها قد تؤدي إلى اندلاع حريق مع عواقب لا يمكن التنبؤ بها مع انتشار نحو 12 ألف جندي تركي في إدلب في نحو 140 قاعدة.
من غير المرجح أن تأتي الولايات المتحدة لمساعدة تركيا في إدلب، فهناك خلاف بين واشنطن وأنقرة بشأن التطورات في شرق البحر المتوسط.
وفي بيان صدر يوم الثلاثاء أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن أسفها لتجدد عمليات المسح التركي في ذلك البحر.
المصدر: آسيا تايمز