أنا في حيرة من إيجاد الكلمات المناسبة التي أعبر بها عن رعبي عندما شاهدت الجزء الأول من جلسة الاستماع العامة للجنة الكونغرس التي تحقق في تمرد 6 كانون الأول/ يناير 2021.
وطالما ينكر الحزب الجمهوري ما حدث في ذلك اليوم المشين وظل ترامب طليقاً، فإن هذا البلد يواجه خطراً غير مسبوق.
تصحيح الخطأ
بدأت لجنة الكونغرس المكلفة بالتحقيق في تمرد 6 كانون الثاني/ يناير أولى جلسات الاستماع العلنية لها أمس.
كل من هذه الأمور لها أهمية قصوى بالنسبة للبلد، حتى لو كان من غير المرجح أن يتأثر بها العديد من الأمريكيين.
كشفت جلسة الاستماع يوم الخميس الماضي عن لقطات لم يسبق لها مثيل للعنف الذي اندلع في عاصمة الأمو
وقد أوضحت شهادات المسؤولين والمستشارين المقربين من ترامب (بما في ذلك المدعي العام بار وإيفانكا ترامب) أنهم لا يصدقون اختلاق ترامب لسرقة الانتخابات وأخبروه بذلك.
تعتبر جلسات الاستماع هذه حاسمة بالنسبة لجمهوريتنا، وللحفاظ على نزاهة أعرافنا ومؤسساتنا الديمقراطية ولمنع ليس مجرد اندلاع موجة غوغاء عنيفة أخرى، ولكن هجوماً آخر على ديمقراطيتنا كان مدبراً من قبل أعلى منصب في البلاد.
الواقع أن ما حدث في 6 كانون الثاني/ يناير 2021 كان غير مسبوق في تاريخنا.
لقد كان تتويجاً لجهود منسقة استمرت لأشهر من قبل رئيس الولايات المتحدة لوقف نقل السلطة والقيام بانقلاب كان سيعني نهاية هذا البلد كما نعرفه، لو كان ناجحاً.
كانت سيادة القانون على المحك في ذلك اليوم، كذّب ترامب عن علم واستمر في الكذب بشأن نتائج انتخابات 2020، واستدعى حشداً من الغوغائيين إلى العاصمة واعداً بأن 6 يناير سيكون “جامحاً”، محاولة أخيرة لمنع التصديق على فوز بايدن في الانتخابات، لقد احترم كل رئيس في تاريخ أمتنا الواجب الدستوري بالتخلي عن السلطة والسماح بالتداول السلمي للسلطة التنفيذية، كل رئيس، لغاية دونالد ترامب.
هذا ما لا يزال العديد من الأمريكيين عاجزين عن إدراكه أو الاعتراف به: لقد ضرب ترامب في صميم ديمقراطيتنا وحنث بقسم مقدس، وبقيامه بذلك سهل حدوث ذلك مرة أخرى.
إذا كان الرؤساء غير راغبين في احترام نتائج الانتخابات الحرة والنزيهة، فإن مستقبل هذه الجمهورية في أشد المخاطر. وكما هو الحال، لطّخ ترامب إلى الأبد منصب الرئيس وبقيامه بالحنث بيمينه على الدستور، فقد حطم بشكل لا رجعة فيه الثقة المقدسة بين الشعب الأمريكي ورئيسهم التنفيذي.
لن يغير أي شيء الحقيقة القائلة بأن رئيساً حاول انقلاباً غير قانوني وغير دستوري وغير أخلاقي بشدة للبقاء في السلطة؛ هذا سبب لا يدعو فقط للقلق الشديد ولكن لأعمق الحزن.
تعد جلسات الاستماع هذه من بين أهم الجلسات التي أجريت على الإطلاق خلال 246 عاماً منذ ولادة هذه الأمة، لأنها لا تعني شيئاً أقل من بقاء هذا البلد كديمقراطية دستورية.
إن الخطر الوجودي الذي اندلع في أعمال عنف الغوغاء المميتة في 6 كانون الثاني/ يناير لم ينته بعد، بل إنه مستمر.
لا يزال يسمم بلدنا ويلقي بظلاله على الانتخابات الرئاسية المقبلة، يستمر ترامب في الكذب على الجمهور ويواصل المشرعون الجمهوريون ترديد تلك الأكاذيب والتقليل من شأن ما حدث في 6 يناير أو تبريرها بل وحتى تبريرها على أنها “خطاب سياسي مشروع”.
إذا كان الهجوم الغوغائي على مبنى الكابيتول هو “خطاب سياسي مشروع”، فإن مصيرنا محكوم بالفعل، إنها مسألة وقت فقط حتى اندلاع التمرد العنيف التالي الذي قد يجعل ما حدث في يوم 6 يناير مجرد بروفة.
إذا كان ترامب قد سار في طريقه، فهذا يعني بأن نائب الرئيس بنس قد حنث أيضاً بيمينه للدستور وأخرج عملية التصديق على الأصوات الانتخابية عن مسارها، وربما كان استمرار وجودنا كجمهورية قد تعلّق بتصرفات بنس في ذلك اليوم.
وقد يكون رد الغوغائيين هو الدعوة إلى شنق بنس، وتنصيب حبل المشنقة والسقالة على ما يبدو لهذا الغرض بالذات.
وماذا قد يكون رد فعل ترامب لو قيل له إن الغوغائيين كانوا يطالبون بإعدام بنس على الفور بدون محاكمة؟ قد تكون كلماته: “ربما يكون لدى أنصارنا الفكرة الصحيحة، مايك بنس يستحق ذلك”.
لم يرغب ترامب في وقف الهجوم، ورد غاضباً على المستشارين الذين توسلوا إليه لوقف الغوغائيين ودعم هدفهم في رؤية مايك بنس، أحد أكثر أتباعه ولاءً، معلقاً. يجب على البلد ككل أن يحسب حساباً ويعترف بما اقترفه رئيس في منصبه والضرر الوجودي الذي أحدثه على هذا البلد من خلال أفعاله الطائشة والبغيضة وغير القانونية.
من المؤكد أن ترامب كان مسؤولاً بشكل شخصي ومباشر عن أسوأ هجوم على مبنى الكابيتول منذ عام 1814، وطالما هو على رأس الحزب الجمهوري، فإنه لا يزال يمثل تهديداً خطيراً للغاية للولايات المتحدة.
لقد تم اختطاف الحزب الجمهوري بشكل لا يمكن إصلاحه من قبل طموحات ترامب الاستبدادية. إنهم يجعلون هذا البلد باتباعه أقرب من أي وقت مضى إلى حافة وجودية أخرى.
قالت عضو الكونغرس ليز تشيني من ولاية وايومنغ والتي تم عزلها فعلياً من الحزب الجمهوري لمجرد أداء واجبها التي أقسمت عليه كعضو في الكونغرس، ما يجب على كل مشرع جمهوري “يدافع عن ما لا يمكن الدفاع عنه” أن يسمعه ويأخذه بعين الاعتبار: “سيأتي يوم يكون فيه دونالد ترامب قد رحل ، لكن خزيكم سيبقى”.
في الواقع، إذا أكدت لنا هذه الجلسات على أي شيء فهو أن التاريخ لن يكون قادراً على نسيان أو إنكار الخطر الذي تعرضت له الأمة من قبل عصابة عنيفة نشرها رئيس الولايات المتحدة لإلغاء نتيجة انتخابات شرعية.
من الواضح الآن، وحتى قبل أن نسمع المزيد من الشهادات، أن ترامب والمتآمرين معه دبروا انقلاباً لمنع الانتقال السلمي للسلطة على الرغم من خسارته في الانتخابات.
انتهك ترامب عن عمد الدستور الذي أقسم على دعمه وحمايته. وبالتالي، لا ينبغي أن يكون هناك شك في أذهان أي شخص أنه ارتكب خيانة ضد الولايات المتحدة، والتي يجب أن يُتهم بها ويواجه يومه في المحكمة.
Author
-
صحفي إسرائيلي من أصل عراقي، ولد في بغداد، مختص بسياسات الشرق الأوسط، حاصل على الدكتوراه من جامعة أوكسفورد في بريطانيا، يعتبر من داعمي السلام ومن خصوم اليمين الإسرائيلي المتطرف.