نداء بوست- سليمان سباعي- حمص
تقترب ثورة الحرية والكرامة من ذكرى انطلاقتها الحادية عشرة وما يزال الحلم يرفض مغادرة أذهان مَن قرروا المشاركة بانتفاضتهم ضدّ منظومة القمع والاستبداد المتمثلة بحكم “آل الأسد” رغم ما حلّ بالسوريين الثائرين من تهجير واعتقال وقصف للمنازل إلا أن الحلم باقٍ وترفض جماهير مَن تنفّسوا هواء الحرية العودة لظلّ العبودية تحت القبضة الأمنية متأملين الوصول إلى هدفهم المنشود ذات يوم من الأيام.
الكاميرا سلاحي لنقل المشهد الميداني للحراك السلمي في حمص
يتحدث الناشط الإعلامي سمير أحد أبناء مدينة حمص عن تجربته التي خاضها ضِمن أحداث الثورة السورية واصفاً إياها بأجمل سنوات عمره، مستذكراً أولى مشاركاته بمظاهرات حمص داخل مسجد الصحابي خالد بن الوليد، والتي حاولت قوات النظام تفرقتها واعتقلت عدداً من المشاركين فيها آنذاك.
ويضيف سمير أنه ما لبث أن انتقل للعمل الإعلامي مستخدماً كاميرا هاتفه المحمول لتوثيق المظاهرات وإرسالها لوسائل الإعلام مع عدد من أصدقائه الذين لم يكونوا يتمتعون بأي خبرة في مجال الإعلام معتبراً أنها كانت سلاحه الفتّاك في مواجهة آلة القتل التي انتهجتها قوات النظام منذ اللحظة الأولى، إلا أن رغبتهم الجارفة بالدفاع عن معتقداتهم المتمثلة بضرورة إنهاء حكم الأسد المستبد، وإنهاء سطوة أجهزته الأمنية المسلطة على رقاب الشعب السوري حملتهم على تطوير مهاراتهم بشكل تدريجي لحين وصلوا إلى مستوى “مقبول” يتيح لوسائل الإعلام عرضها عَبْر شاشاتهم وصفحاتهم المهتمة بالشأن السوري.
وأشار سمير إلى أن أحداث الثورة تسببت له على الصعيد الشخصي باستشهاد والدته وأخيه بسبب قصف قوات النظام على أحد أحياء حي الوعر خلال فترة الحصار التي شهدها الحي، لينتهي به المطاف خارج مدينته التي حاول بشدّة أن يقدم لها الغالي والنفيس بغية الوصول إلى الهدف المنشود بإسقاط النظام، وذلك بعد رفضه الخضوع لتسوية سياسية مع المنظومة الحاكمة.
حملت السلاح للدفاع عن أصوات المتظاهرين من هجمات الشبيحة
من جهته فضّل أمجد الانخراط في صفوف مقاتلي الجيش السوري الحرّ الذي تمّ الإعلان عنه بهدف حماية المظاهرات السلمية من أي هجوم لحواجز قوات النظام وميليشياته من “الشبيحة” الذين انتهجوا الطابع الطائفي لقتل واعتقال المتظاهرين.
وبحسب تصريحات أمجد لمراسلنا في حمص فإن خبرته بالسلاح الحربي باعتبار أنه رقيب أول انشق عن قوات النظام منذ اندلاع الثورة دفعته لتكريس خبراته لخدمة الشبان الذين نذروا أنفسهم للوقوف إلى جانب صوت الحق المنبثق عن المظاهرات السلمية، والتي هتفت بصوت عالٍ “الشعب السوري واحد” إلا أن الحقد المتغلغل داخل أنفُس الشبيحة حال دون سماعهم لتلك العبارات، وتجرؤوا على هاتفيها بالرصاص الحي مُوقِعين في كل مظاهرة عدداً من الشهداء والجرحى.
ويُنهي أمجد حديثه بالقول: تعرَّضتُ لإصابة بالغة في جسدي أدت لبتر أحد أطرافي السفلية الأمر الذي أجبرني على اللجوء للعمل التنظيمي بعيداً عن أرض الميدان علماً بأنني شاركتُ بمعظم المعارك إلى جانب الجيش الحر لصدّ محاولات تقدُّم قوات النظام على جبهات ريف حمص الشمالي، وعلى الرغم من فقداني لأحد أطرافي فإنني مقتنع بشكل -لا شكّ فيه- أن هناك مَن قدّم تضحيات أكبر مني دفاعاً عن “فكرة” تمثل الوصول إلى حلم العيش بحرية وكرامة.
تنظيم المظاهرات وشَحْذ الهِمَم وهتافات باتت أهازيج لطالبي الحرية
كنا في بادئ الأمر نترقب حلول يوم الجمعة للخروج بمظاهرة سريعة قبل أن تصل المعلومات لأفرع الأمن مخافة الاعتقال قبل أن تتوسع نقاط المتظاهرين على عموم مدن وبلدات محافظة حمص وصولاً إلى اعتصام الساعة إحدى أكبر التجمعات المدنية السلمية التي ناهضت نظام الأسد في حمص وطالبته بالرحيل تحت أنظار رؤساء أفرعه الأمنية وعناصر المخابرات بهذه الكلمات استذكر وائل من مدينة “تلبيسة” عمله الثوري مع انطلاق الثورة السورية.
مضيفاً: كنا نقتسم المهامّ فيما بيننا لإنجاح تنظيم المظاهرات وإظهارها بشكل حضاري، فيذهب بعضنا لإعداد اللافتات المُطالِبة بالحرية، والبعض الآخر يهتم بإذاعة الصوت ونشر الأعلام ضِمن أكبر ساحات المدينة والتي أُطلق عليها لاحقاً مسمى “ساحة الحرية” بالوقت الذي ينصرف عددٌ من محبي الشِّعْر لنَظْم أبيات وهتافات مخصَّصة للمظاهرات، والتي باتت لاحقاً أهازيج يتغنى بها عُشاق الحرية من أبناء محافظة حمص.
شكّلت المظاهرات السلمية رسائل مناصرة بين المدن الثائرة على عموم أرجاء الأراضي السورية، بحيث كنا نقف إلى جانب بعضنا بعضاً بالهتاف والمناصرة، والتنديد لممارسات النظام القمعية بحقّ المتظاهرين، ومن ناحية أخرى كنا دائماً ما نُثنِي على أي فكرة أو أطروحة جديدة ومبتكرة من قِبل المتظاهرين في مناطق أخرى، ونعمل على تحسينها بقدر المُستطاع.