نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
يستأنف الأردن جهوده في واشنطن للمساعدة في إعادة تأهيل النظام السوري، والوصول إلى مزيد من الاستثناءات من عقوبات قانون "قيصر" الأمريكي، في وقت حذّر مسؤولون أمريكيون ونواب في الكونغرس إدارة الرئيس جو بايدن من عواقب التجاوب مع هذه المساعي.
ونقلت جريدة "الوطن" الموالية للنظام السوري، عن "مصادر دبلوماسية أردنية"، قولها: إن زيارة وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي إلى الولايات المتحدة تستهدف، في أحد جوانبها، "البحث مع مسؤولي إدارة الرئيس جو بايدن المزيد من المبادرات الأمريكية الخاصة بمشاريع (التعافي المبكر) السورية، لتخفيف الضغوطات المعيشية التي يعاني منها الشعب السوري جراء الحصار الأمريكي المفروض عليه، وذلك بعد أن قطعت العلاقات "السورية- الأردنية" شوطاً ملموساً في تطوُّرها، على خلفية المكالمة الهاتفية بين الرئيس بشار الأسد والملك الأردني عبد الله الثاني في الثالث من أيلول/ سبتمبر الماضي".
وتوقعت المصادر أن تحقق الزيارة مزيداً من الخروقات في الملفين الاقتصادي والسياسي، وحصول عمّان على استثناءات جديدة من قانون "قيصر" تخصّ علاقتها مع النظام في دمشق.
في مقال لها حمل عنوان "هل بإمكان الأردن قيادة الجهود لتخفيف عقوبات قيصر"، تطرح الزميلة ديانا رحمة في موقع "عنب بلدي" أمس الثلاثاء، هذا السؤال الكبير متلاطم الضفاف، متناولة تقلُّبات العلاقات الأردنية/ السورية الرسمية (تتأثر الشعوب العربية في معظم الأحيان بالمواقف الرسمية الصادرة عن زعماء بلادهم).
وبحسب رحمة فقد "شهدت العلاقات «الأردنية- السورية» تحوُّلات بعد قيام الثورة السورية ضد النظام السوري، بدأت بدعوة العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، رئيس النظام السوري، بشار الأسد، إلى التنحي عام 2011، وتغيرت ليطلب الملك منه تغيير سلوكه عام 2021".
زيارة الملك عبد الله الثاني للرئيس الأمريكي، جو بايدن، في تموز/ يوليو الماضي، بواشنطن، وتصريحه عن النضج بالتفكير في كيفية التعامل مع النظام وتغيير سلوكه، تركت كثيراً من التساؤلات حول تغيُّر سياسة الأردن في تعامُلها مع النظام السوري في حال تغييره سلوكه الحالي، وليس تنحّي الأسد عن منصبه بعد ارتكابه العديد من الجرائم بحق شعبه بحسب تقديرات أممية.
وتبع زيارةَ الملك وتصريحاته عن النظام السوري، اتصالٌ بين وزير داخلية النظام السوري محمد الرحمون، ونظيره الأردني مازن الفراية، كان الأولَ من نوعه على مستوى الوزراء منذ سنوات.
واتفق الطرفان على "التنسيق المشترك" لتسهيل عبور شاحنات الترانزيت وحافلات الركاب بين البلدين.
وقال الملك خلال مقابلة له في أثناء وجوده بواشنطن: إن "هناك استمرارية لبشار الأسد في الحكم، والنظام ما زال قائماً، ولذلك علينا أن نكون ناضجين في تفكيرنا، هل نبحث عن تغيير النظام أم تغيير السلوك؟".
مصادر أردنية كانت قد قالت في حزيران/ يونيو الماضي 2021، لوكالة "عمّون" الإخبارية: إن عقوبات قانون "قيصر" هي من ضِمن القضايا التي خُطط لمناقشتها بين الملك وبايدن، على اعتبار أن الاقتصاد الأردني هو ثاني اقتصاد تأذى بعد الاقتصاد السوري من العقوبات المفروضة.
كما رجّحت دراسة لمركز "الشرق الأوسط "، أن يطلب الملك عبد الله من بايدن إيجاد طرق لإعفاء المملكة من العقوبات بموجب قانون "قيصر" فيما يتعلق بالتجارة مع سورية.
وبحسب مطلعين فإن قانون "قيصر" الذي أقرّه الكونغرس الأمريكي، لا يتضمّن أي استثناءات، بل على العكس من ذلك، يشمل عقوبات وإجراءات بحق المتعاملين الخارجيين مع النظام.
ومما جاء في متن القانون: "تشمل هذه العقوبات الشخصيات الأجنبية التي تشارك النظام في صفقات معيّنة على كل الأصعدة سواء الاقتصادية، أو العسكرية، أو حتى في قطاع خدمات التكنولوجيا، أو بيع السلاح".
وبحسب نص القانون، فلا تعليق ولا إعفاء، إلا بتغير سلوك النظام "على المستوى السياسي والعسكري والأمني، كالتوقف عن استخدام السلاح الجوي ضد المدنيين، وفكّ عزلة المناطق المُحاصَرة، والدخول في العملية السياسية بشكل جدي".
ويرتبط التعليق والإعفاء، بالتالي، بسلوكيات النظام السوري فقط، وبمدى تجاوُبه مع العقوبات التي تهدف إلى تغيير سلوك النظام على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني.
ولا شك، طبعاً، من وجود استثناءات تتعلق بالجانب الإنساني والمساعدات الغذائية والطبية والنشاطات الإنسانية، وغير ذلك لم يبتَّ القانون بشيء حول تعليق العقوبات.
الخبير في العلاقات الدولية الدكتور العراقي عمر عبد الستار الذي طلبت الزميلة رحمة رأيه في الموضوع، لا يعتقد أن بوسع ملك الأردن تخفيف العقوبات عن النظام، وهو أمر "أشبه بمعجزة؛ لأنه قانون أُقر من قِبل الكونغرس الأمريكي، ولا سيما أن عقوبات قانون "قيصر" تشبه في ماهِيَّتها العقوبات التي سنّها مجلس الأمن تحت البند السابع ضد العراق، ولم تُرفع حتى عام 2003".
لتبرير تقارُبه مع النظام السوري، يتذرّع الأردن الرسمي بحُجج عديدة، منها خطّ الغاز المنطلِق من مصر مروراً بالأردن، ثم سورية، وصولاً إلى لبنان التي طلب رئيس وزرائها السابق سعد الحريري من السيسي هذه الخدمة، وهذا الأفق الممكن لحل واحدة من الأزمات الكبرى التي يعاني منها لبنان الجريح. ومنها حركة الناس والبضائع. ومنها المحاصيل والمنتجات الزراعية التي يحتاج الأردن تسويقها في سورية، أو العكس، يحتاج السوق الأردني استيرادها من سورية. أما بالنسبة للنظام السوري فإن فتح المعبر الحدودي بين الأردن وسورية يعني سوقاً ضخمة للحبوب المخدرة، ويعني كذلك منطقة ممر ممكنة لتلك الحبوب نحو الجنوب العربي في العربية السعودية وربما مصر وغيرهما. إلى جانب، طبعاً، محاولة إثبات الشرعية وتحقيق مكاسب سياسية يرغب بالترويج لها تتضمن تطبيع العلاقات مع الدول المجاورة.
Author
-
روائي وإعلامي فلسطيني/أردني..مُعِدّ ومنتج تلفزيوني.. صدر له ثلاث روايات وأربع مجموعات قصصية