نداء بوست- سليمان سباعي- حمص
تحلّ الذكرى العاشرة لرحيل أحد أبرز مناصري الثورة السورية الذي أبى إلا أن يكون إلى جانب الأصوات المطالبة بالحرية، والتخلص من نظام الاستبداد القمعي الذي خيّم على رؤوس السوريين لأكثر من خمسة عقود مضت.
المخرج السينمائي والطالب الجامعي باسل شحادة الذي آثر البقاء في سورية على إكمال دراسته الجامعية في الولايات المتحدة.
قذيفة واحدة من قبل قوات النظام السوري على حي الصفصافة وسط مدينة حمص كانت كافية لإنهاء مسيرته التي بدأها في الحراك السلمي، ونقل ما يدور من أحداث للعالم أجمع.
باسل شحادة ابن حي القصاع الدمشقي الذي ينحدر من أسرة مثقفة نجح بالحصول على مقعد ضمن جامعة “سيراكيوز” الأمريكية، قبل أن يعقد العزم على العودة إلى الساحات المطالبة بالحرية على الأراضي السورية.
رحل باسل وترك وراءه جملته الشهيرة: “تخيل كم مرّة سنعيش ثورة في حياتنا، كيف لي أن أترك الحلم الذي بدأ يتحقق؟ ماذا سأقول لأطفالي عندما يسألونني؟ هل سأجيبهم أني عندما بدأت الثورة تركت وطني لأهتم بمستقبلي! أين هو هذا المستقبل دون وطن حر؟”.
شارك المخرج السينمائي باسل شحادة بعشرات المظاهرات، وعمل برفقة زملائه على تنظيمها وكتابة عباراتها المطالبة ببناء وطن حر بعيداً عن منظومة القمع والاستبداد، فضلاً عن مداخلاته الإعلامية مع محطات متعددة لنقل صورة الواقع وتجسيد ما يجري من انتهاكات بحق المدنيين من قبل عناصر الأمن والمخابرات التابعة للنظام السوري.
وصل شحادة إلى محافظة حمص مطلع شهر آذار/ مارس من العام 2012، واضطر إلى البقاء ضمن الأحياء الثائرة مع بدء قوات النظام والميليشيات التابعة له بتضييق الخناق على ساكنيها من خلال فرض طوق أمني يمنع خروج أو دخول أحد إليها، بالتزامن مع قصفها العشوائي بالمدفعية والدبابات، الأمر الذي منع باسل من الخروج منها لحين استهداف أحد المباني السكنية في حي الصفصافة قرب باب السباع، والذي كان يتواجد بداخله ما أدى لمقتله رفقة ثلاثة من المدنيين.
رحل باسل بعمر الثامنة والعشرين، ووارى الثرى في مدينة حمص دون أن يتمكن من إنهاء تصوير فلمه الوثائقي الذي بدأ بتنفيذه مستوحياً فكرته الرئيسية من حملة الحصار الذي فرضته قوات النظام على أحياء حمص، تحت عنوان “غداً سأعبر”، لكن قدره حال دون إكمال المهمة لينتهي به المطاف شهيداً ضمن كوكبة شهداء الثورة السورية على يد نظام الاستبداد السوري.
ونعى باسل شحادة مجموعة كبيرة من الصحفيين والإعلاميين العرب والأجانب معتبرين أن ما حصل هو عبارة عن جريمة مروّعة تمت حياكتها من قبل أفرع المخابرات، بالوقت الذي أصدرت به جامعة “سيراكوس” الأمريكية بياناً رسمياً استنكرت خلاله مقتل المخرج السينمائي باسل شحادة، وتقدمت بعزائها لذويه وأصدقائه.
كما نعاه المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي الذي علق بالقول: “إنه لخبر محزن، كان باسل إنساناً في منتهى الروعة والشجاعة، ما هذا الذي يحدث في سورية التي تندحر نحو الجرف، لا أريد حتى التفكير في ذلك”.