نداء بوست- ريحانة نجم- بيروت
مع بَدْء العد العكسي للانتخابات النيابية في لبنان المقررة في الخامس عشر من أيار/ مايو القادم، تزداد حماوة المعركة واستعدادات الأحزاب والقوى السياسية لشد عصب جماهيرها، نظراً لأهمية هذا الاستحقاق في رسم مستقبل المرحلة المقبلة من البلاد.
ولا شك أنّ عزوف الرئيس سعد الحريري ومعه نادي رؤساء الحكومات السابقين، وتعليق تيار المستقبل الذي يملك أكبر كتلة سُنية في البرلمان مشاركته في الحياة السياسية، وعدم خوض هذا الاستحقاق ترشيحاً واقتراعاً، أدى إلى نوع من الإحباط في الساحة السُّنية وأدخل الناخب السُّني في حالة من الضياع، في ظل تشرذم القوى التغييرية وتعدُّد اللوائح، خاصة في الدوائر ذات الثقل السُّني.
وقبل أسابيع من الموعد المنتظر كثر الحديث والدعوات لمقاطعة هذه الانتخابات خاصة في الساحة السُّنية، من شخصيات لها وزنها في هذه الساحة، بحجة عدم الجهوزية لهذا الاستحقاق، أو عدم ميثاقية النتائج في ظل مقاطعة الحريري وتياره، والكثير من الحجج التي انتشرت مؤخراً لتعطيل هذه الانتخابات.
وأصبح واضحاً أن أغلب جمهور الحريري يتجه إلى مقاطعة الانتخابات، خاصة في ظل الترويج في الأوساط المقربة من السياسة الحريرية لهذه المقاطعة.
ولكن لا بد من الإشارة إلى أنّ هذه المقاطعة (إنْ حصلت) فإنّها ستصب في صالح حزب الله وفريقه، وبدل أن تحدث فرقاً إيجابياً أو تغييراً في شكل المجلس النيابي الجديد، كما يروّج البعض لإقناع الناخبين السُّنة بذلك، فإنّها ستزيد من سيطرة فريق الثامن من آذار في البلد بل ستسمح لحزب الله أن يرفع رصيده داخل الطائفة السُّنية من ستة نواب في هذا المجلس الحالي، أي بنسبة 22% بالمئة إلى حوالَيْ 12 أو 14 نائباً أي بين الـ 45 والـ 55% من مجمل النواب السُّنة الـ 27 في المجلس النيابي.
عملياً حزب الله سيحصد المقاعد السُّنية الستة الحليفة له في هذا البرلمان وهم نواب اللقاء التشاوري، أضف إلى ذلك زيادة كتلته من ستة إلى ثمانية مقاعد جديدة، ستتوزع بين دائرة بيروت الثانية التي تشهد تشرذماً واضحاً خاصة بعد تسجيل عشر لوائح في هذه الدائرة والتي من المتوقع أن تشهد مقاطعة حريرية يوم الانتخابات، ومن المتوقع أن يحصل حزب الله في هذه الدائرة على مقعد سُني صافٍ للائحته، ومقعدين لحلفائه جمعية المشاريع (الأحباش)، وفي دائرة بعلبك الهرمل مصير المقعدين السُّنييْنِ محسوم لصالح حزب الله، أما في دائرتَيْ عكار وصيدا- جزين فإنّ بعض المقاعد السُّنية ما زالت حتى الآن رمادية، وبالتالي فإن أيّ مقاطعة سُنية لهذه الانتخابات ستعطي 50% من المقاعد السُّنية لحزب الله وحلفائه.
ناهيك عن أن هذه المقاطعة ستخفّض الحاصل، وبالتالي ستقطع الطريق أمام القوى التغييرية وتصبّ في صالح أحزاب السلطة بشكل عامّ.
ويبقى الرهان على وعي وإرادة الشعب اللبناني بالتغيير الحقيقي، والعمل على رسم مستقبل زاهر لبلده الصغير لبنان، وإدراكه أن المشاركة الكثيفة والنزول إلى صناديق الاقتراع يوم الخامس عشر من أيار المقبل ستكون بداية للتغيير ونقطة انطلاق للبنان الجديد، أما عدم المشاركة فستعيد إنتاج نفس السلطة الفاسدة وسيذهب لبنان إلى أربع سنوات جديدة من الانهيار والأزمات.