نداء بوست-قسم المتابعة والتحقيقات-كندة الأحمد
“كل يوم يرتفع إقبال السوريين والعرب والأتراك على المأكولات السورية رغم ارتفاع الأسعار بشكلٍ هائل، ويرجح ذلك للنسبةِ الكبيرة في التشابه بين المطبخ التركي والسوري”.
بهذه الكلمات تحدث حسن دوبا، وهو مسؤول أحد المطاعم السورية في حي الفاتح في تصريحه لموقع” نداء بوست” عن الشهرة والشعبية التي اكتسبها مطعمه ذو الأطباق المتنوعة من ناحية المذاق الشهي والترتيب في إعداد طاولات الطعام.
إقبال فلسطيني على المطاعم السورية
يقول دوبا في حديثه”: إن “نسبة الفئة الثانية من الزبائن بعد السوريين هم من الفلسطينيين الذين يفضلون المناسف العربية والمشاوي واللحم بعجين” ونسبتهم جيدة جداً وزبائن شبه دائمين لدينا”.
وأضاف قائلاً : “أن هناك نسبة أيضاً من الزوار الأجانب كالأمريكيين والروس ودول آسيا الذين يأتون لاكتشاف مذاق الطعام السوري”، بما يعادل 5% من نسبة الزوار الذين يتوافدون إلى مطعم “خان الوزير”.
تأثر الإقبال بالحرب الأوكرانية
ولفت دوبا بقوله لموقع “نداء بوست”: إنه “منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية تأثر إقبال الزبائن بنسبة 100% في الأيام الأولى، لكن بدأ بالعودة تدريجياً إلى مستواه الطبيعي”.
وأضاف أن من أكثر الوجبات التي تقدم وعليها طلبات هي المنسف العربي المكون من الرز والفريكة واللحم المحمص والمكسرات” ويأتي بالمرتبة الثانية المشاوي كالكباب والشيش طاووق، واللحم المتبل.
أما بالنسبة للفطور السوري، والفطور التركي فهو أيضاً متوفر على مائدة خان الوزير، ذلك حسب ما يفضله الزبائن.
عبد القادر، هو أحد الزبائن الدائمين لدى المطعم قال في حديث لموقع “نداء بوست”: إنه “من أفضل ما تذوقت هنا جميع أنواع المناسف العربية النكهة عظيمة في هذا المطعم ” تذوقت “اللحمة بكرز” في المرة الماضية وكانت التجربة رائعة وتستحق التوصية”.
مأكولات تراثية
يقول مدير مطعم خان الوزير عبد العزيز حبش يؤكد، “أن اللحمة بكرز هي أكلة أرمنية قديمة تقدم منذ ستين سنة” يرغبها الزبائن بشكل دائم فهي أكلة شهيرة في مدينة حلب وتعتبر على مائدة العزائم أساسية جداً”.
ويضيف قائلاً، بأن سر النجاح هو الأستمرارية بتقديم أفضل جودة من المنتجات، كالسمنة البلدية واللحم الطازج” حتى لو كان ثمنها باهظاً، فكل تقييمات الزبائن إيجابية تجاه الطعام المقدم لهم بنسبة 90%.
وكشف حبش عن “سر لا يعلمه أحد وهي وصفة كباب معجوقة، تتمثل في قرص لحمة وبداخلها جبنة وفطر وفليفلة خضراء وحمراء تشوى عن طريق الفحم، خاصة فقط بمطعم خان الوزير ولا أحد يقدمها غيرنا من المطاعم الأخرى”.
ولفت حبش إلى تقديم أنواع مختلفة من الكبب الحلبية المعروفة كالكبة المقلية و السفرجلية والصينية وكبة اللبن.
وهنا على الجانب الآخر “مطعم بيت الورد” في حي الفاتح من إسطنبول الجزء الأوروبي، يقول المدير السيد عمر درويش” بأن المطعم لديه العديد من الزبائن (السوريين والفلسطينيين واليمنيين والعراقيين).
ويشيد درويش بتفوق المنسف الأردني على المائدة في بيت الورد والمندي اليمني، والمشاوي السورية بكافة أنواعها، والمأكولات الغربية المتواجدة في القائمة وبقوة.
عدم تأثر المطاعم بالأزمة الاقتصادية
وأشار درويش في حديثه لموقع “نداء بوست” إلى عدم تأثر سلسلة مطاعم بيت الورد في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة سوى بنسبة 10٪ فقط”.
بدوره، يقولُ أحد زبائن مطعم بيت الورد: إن “كل الأطعمة رهيبة هنا، بدون استثناء، السلطات مختلفة ومذاقها أكثر من رائع، المشاوي من المفضلة لعائلتي، وأتيت من دبي لكي أتذوق أصول الطعام الشرقي هنا سلطة الجوز هنا شيء مختلف وهي المفضلة دائماً”.
بدوره، يتحدث الشيف “أبو مهند” الذي يعمل في مطعم بيت الورد منذ ست سنوات، عن سر سلطة الجوز” التي تتألف من بصل ناعم وبندورة ناعمة وفليفلة خضراء ناعمة وجوز وفليفلة لوكس (سوداء) ودبس رمان و زيت الزيتون الطازج ”
وقال: إن “سر المشاوي هي شغل السيخ أي” الكباب الديري” واللحمة طازجة من الأغنام السورية حصراً، وهناك اختصاصيون من محافظة دير الزور يحضّرونه بحرفية عالية لا يدخل شيء في تكوينه سوى الملح من دون إضافة بهارات ليظهر طعم اللحمة بشكل كبير.
أما عن هذا السر يقول أبو مهند: إن “طبق بيت ورق” هذه خاصة بمطعم بيت الورد تحتوي على الباذنجان المقلي الملفوف وبداخله لحمة بصوص الطماطم والفليفلة الخضراء والحمراء والبصل ثم يوضع بفخارة بالفرن لمدة ساعة ويقدم إلى جانبه الرز الأبيض” ولا أحد يقدم هذا الطبق غيرنا”.
أما بالنسبة “لورق العنب” فهناك خلطة خاصة بالمطعم تميزنا عن غيرنا كاللحم الطازج تحت ورق العنب ودرجة الحموضة المتساوية تلعب دوراً في مذاقه”.
ويتحدث “محمود”، وهو زبون فلسطيني في بيت الورد عن لذةِ مذاق ورق العنب السوري بأنه رائع ويفضل تناوله كمقبلات على طاولته هو وأصدقائه.
فهنا في شوارع حي “الفاتح” هويةٌ ثقافية سورية من نوعٍ أخر طُبعت في أزقةِ الحي، فضلاً عن رائحة المأكولات السورية الشهيةَ التي تفوحُ في شوارع المنطقة كلها، إلى جانب اللافتات وأسماء المطاعم التي كتبت باللغة العربية في أنحاء الحي، يستحضرون أجواءَ البيئة الدمشقية المتنوعة من عاداتٍ وتقاليد لم يتخل عنها أبناؤها، جلبوا حضارتهم الفينيقية التي جابت العالم كله انطلاقاً من بلاد الشام إلى جميع أصقاع الأرض بحضورٍ لافت وعلى إيقاع التراث السوري, ومائدة متنوعة تقدمُ أطباقاً عديدة دمشقية وحلبية وديرية وحمصية وغيرها.
المطعم السوري مزيج من عدة ثقافات
تقاليد المطعم السوري ناتجة عن مزيج عدة ثقافات، لأمم استوطنت في سورية وبشكل خاص خلال فترة “الحكم الإسلامي” في العهد الأموي، وتشارك أيضاً تقاليد الطعام في سورية في كثير من خواصها مع المطبخ التركي العثماني، والمطبخ الفرنسي، ومع البلدان الأخرى المجاورة لها، وخاصة لبنان وفلسطين.
كما يتميز الطعام السوري بالتنوع بشكل كبير حيث تختلف باختلاف المنطقة التي نشأ بها الصنف وخاصة مع اختلاف طبيعة كل منطقة من المناطق السورية، بالإضافة إلى أنها تعتمد بشكل كبير على “الزيوت النباتية”، مما يجعلها وجبة خفيفة على المعدة بشكل عام إلى جانب أنها لذيذة المذاق، ويتميز بالاعتدال في استخدام التوابل بعكس المطبخ الهندي أو المطبخ الخليجي.
يضم المطبخ السوري قائمة كبيرة من الأطعمة منها: الكبة والتبولة والحمّص وورق العنب والفتوش واللبنية والشاورما والمجدرة والشنكليش و المكدوس والعديد من الأطعمة الأخرى. أما لائحة الحلويات تكاد لا تنتهي ومن أشهر الحلويات وأكثرها شهرة البقلاوة وهي عبارة عن عجينة منتفخة مملوءة بالمكسرات المغطاة بالعسل أو بشراب السكر.