نداء بوست- التحقيقات والمتابعات- الشمال السوري
أشعلت الزيادة الأخيرة بأسعار الكهرباء احتجاجات في مناطق ريف حلب الشمالي لا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردّية للأهالي وتدني أجورهم، في وقت رفضت فيه المجالس المحلية التسعيرة الجديدة من شركة الكهرباء التركية.
وعلى إثر هذه الزيادة شهدت عدّة مدن وبلدات بريف حلب الشمالي توتراً شعبياً في 9 كانون الثاني/ يناير 2023، فقد تظاهر العشرات في مدينة الباب احتجاجاً على هذه الزيادة، كما أصدرت بعض المجالس المحلية بيانات احتجاج على هذه الزيادة، بينما امتلأت وسائل التواصل بالدعوات للاحتجاج على هذا القرار.
احتجاجات بريف حلب رداً على رفع أسعار الكهرباء من قبل شركة Ak التركية
أسباب التوتر الشعبي ومظاهره
منذ كانون الثاني/ ديسمبر 2022 بدأت شركة “AK ENERGY” التي تستجرّ التيار الكهربائي من تركيا بقطع الكهرباء على عدد من مناطق أعزاز وجرابلس والباب بريف حلب الشمالي، ورأس العين بريف الحسكة الشمالي الشرقي، وتل أبيض بريف الرقة الشمالي، بشكل غير منتظم بسبب العجز المالي، وفق ما صرّحت به الشركة.
وقد أثار هذا القطع مخاوف السكّان من رفع أسعار الكهرباء كون الشركة اعتادت على أسلوب قطع الكهرباء قبل كل زيادة في الأسعار، وهذا ما تمّ فعلاً حيث قامت الشركة بتاريخ 8 كانون الثاني/ يناير 2023 برفع سعر الكيلو واط الواحد من 2.85 ليرة تركية إلى 3.85 ليرة ممّا أثار موجة غضب تمثلت بدعواتٍ للتظاهر في مختلف المدن التي أعلنت الشركة فيها رفع الأسعار.
وبتاريخ 9 كانون الثاني/ يناير 2023 تظاهر العشرات من سكّان مدينة الباب أمام مقر الشركة في المدينة منددين برفع الأسعار الذي لا يتناسب مع دخل المواطن، متهمين الشركة بالفساد وأنّها تبيعهم الكهرباء بسعر أعلى بكثير من سعر الكهرباء في تركيا، وطالب المتظاهرون بإعادة أسعار الكهرباء إلى الأسعار القديمة، ووضع حد لرفع أسعار الكهرباء بين الفينة والأخرى، خاصة أنّ الأسعار المرتفعة للكهرباء لا تتناسب مطلقاً مع دخل الأسرة المنخفض في مناطق الشمال السوري.
ويذكر أنه في نيسان/ إبريل 2018 وقع المجلس المحلي في مدينة أعزاز مع شركة “AK ENERGY” أول اتفاق لتوريد الكهرباء للمنطقة لمدة عشر سنوات، وتعهدت الشركة بموجب الاتفاق بتغذية منطقة أعزاز باستطاعة 30 ميغا واط، مقابل توفير الأرض والمواد الأولية اللازمة للمضي في المشروع، بتكلفة تقدر بـ 7 ملايين دولار أمريكي، وتتولى ولاية كلس فضّ أي خلافٍ بين المجلس المحلي والشركة في حال حدوثه، بينما يتولى المجلس حلّ الخلافات بين الشركة والمواطنين.
تبع هذا الاتفاق، اتفاق آخر وقعه المجلس المحلي في مدينة الباب بعقد اتفاق مع ذات الشركة في آذار/ مارس 2019، شمل إيصال التيار الكهربائي لكل من الباب وبزاعة وقبّاسين وكامل ريفها.
ومن ثم تعاقدت كل من صوران وأخترين ومارع في نيسان/ إبريل 2019 مع الشركة السورية التركية للكهرباء “STE energy”.
وفي كانون الثاني/ يناير 2020 تم التعاقد مع “STE energy” في عفرين، وكان الاتفاق أن تشمل المرحلة الأولى إيصال الكهرباء إلى مدينتي عفرين وجندريس، وفي المرحلة الثانية بقية مناطق عفرين.
واعتمدت هاتان الشركتان على العدادات الإلكترونية مسبقة الدفع، على أن يدفع المشترك رسمَ اشتراك قيمته 200 ليرة تركية إضافة لثمن العداد.
وبدأت الشركتان ببيع الكهرباء بقيمة 0.85 للكيلو واط الواحد، ولكن مع الوقت رفعتا الأسعار تدريجياً للاشتراكين المنزلي والتجاري، وكانت آخر عملية رفع للأسعار مطلع حزيران/ يونيو 2022، خرجت على إثرها مظاهرات حاشدة في عدد من مدن ريف حلب الشمالي، كان أكبرها في مدينة عفرين حيث أحرقَ خلالها المتظاهرون مبنى شركة الكهرباء ومبنى المجلس المحلي.
تخفيض عدد ساعات الكهرباء يثير خلافاً بين محلي أعزاز وشركة AK التركية
موقف الفاعلين من هذا التوتر الشعبي
حتى تاريخ 10 كانون الثاني/ يناير 2023 اقتصرت مواقف الفاعليين من سلوك شركة الكهرباء من حيث التقنين ورفع الأسعار على مواقف المجالس المحلية في مدن أعزاز وجرابلس والباب،
حيث كان موقف مجلس مدينة أعزاز مبكراً، ردّاً على قيام الشركة بالقطع المتكرر للكهرباء في المدينة (التقنين)، وقام برفع دعوى هي السابعة من نوعها على شركة الكهرباء في محكمتين سورية وتركية بسبب إجراءات تخفيض ساعات التشغيل والتسعيرة التي لا تتوافق مع شروط العقد المبرمة.
كما أصدر بتاريخ 9 كانون الثاني/ يناير 2023 مجلس مدينة جرابلس، أعلن فيه رفضه القاطع لرفع سعر الكيلو واط في المدينة، وأعلن كذلك رفضه الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي بحجة التقنين من طرف شركة الكهرباء المستثمرة، كما أكّد المجلس في بيانه على تحميل شركة الطاقة والكهرباء المسؤولية الكاملة عن مخالفة العقد المبرم بينهما والانفراد بقرار رفع التسعيرة وتقنين الكهرباء”، محذراً في حال عدم الاستجابة بإلغاء قرار رفع السعر حيث يحق للمجلس اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
أمّا مجلس مدينة الباب فقد أصدر بياناً شديد اللهجة يؤكد فيه أن عمليات قطع الكهرباء ورفع سعرها مخالف لشروط العقد المبرم مع المجلس، وأمهل شركة الكهرباء 15 يوماً لإصلاح أوضاعها سواء من حيث الأسعار أو من حيث التقنين والقطع المستمر للكهرباء، وإلا فإنّ المجلس سيقوم بفسخ العقد من طرف واحد بموجب سلطة العقد وسيتم استبعاد الشركة خلال 90 يوماً.
تضيف الزيادة الأخيرة في أسعار الكهرباء عبئاً أكبر على السكان في ريف حلب الشمالي، الذين يعانون أساساً من ضعفٍ كبير في مستوى الدخل الذي ينعكس سلباً على واقعهم المعيشي، ممّا يفتح الباب على مزيدٍ من التوتر والاحتجاجات الشعبية ضدّ هذا الواقع المعيشي بشكلٍ عام، وضدّ شركات الكهرباء وسياساتها بشكلٍ خاص.