نداء بوست-قسم التحليل والمتابعة-أحمد عكلة
مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية يومها الثاني، بدأت ملامح تأثُّر الأسواق العالمية تظهر من خلال انخفاض الأسهم في الأسواق الأوروبية والأمريكية كذلك ارتفاع أسعار النفط.
الباحث الاقتصادي محمد نبال قلعه جي قال: إن “العالم استفاق في صباح يوم الخميس، 2022/02/24 على خبر الهجوم العسكري الذي بدأته روسيا على الأراضي الأوكرانية، كان خبراً هز جميع سكان العالم، والكل يتساءل عن تداعيات هذا الاجتياح على بقية المناطق، هل ستبقى الحرب ونتائجها المدمرة مقصورة على الطرفين الروسي والأوكراني أم أن نارها يمكن أن تمتد لمناطق أخرى؟”.
وأكّد في حديث لموقع “نداء بوست”، أن “العلاقة بين الحرب والاقتصاد هي علاقة عكسية، فاندلاع الحرب يجعل المؤشرات الاقتصادية تهوي وتتداعى تحت تأثير الإنفاق العسكري وتوجيه موارد الدولة نحو الأسلحة والذخائر والإمداد وتحت تأثير توقف عجلة الاقتصاد وتوقف سلاسل الإمداد، السؤال المطروح كيف يمكن أن تتأثر بقية الدول بالصراع الدائر في شرق الكوكب بين روسيا وأوكرانيا؟”.
بالطبع إن التداعيات والإرهاصات لن تقتصر على روسيا وأوكرانيا بل ستمتد لمعظم مناطق العالم, وبمجرد إطلاق الرصاصة الأولى ارتفع سعر النفط ليتجاوز 102 دولار للبرميل، ليصل إلى أعلى مستوى منذ سبع سنوات حيث تُعتبر روسيا ثاني أكبر مصدر للنفط الخام، وهي أيضاً أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم بحسب “قلعه جي”.
كما أشار إلى أن “روسيا تُعتبر المزود الرئيسي للغاز للدول الأوروبية، حيث ارتفعت العقود الآجلة الهولندية بمستويات قياسية تجاوزت الـ 25% ومن المتوقع أن تشهد أسعار الغاز ارتفاعات أخرى في العقود الفورية، وبدأ التجار باللجوء إلى السوق الفوري للحصول على شحنات الغاز الطبيعي المسال, وانطلاق شرارة الحرب أدى إلى انخفاض حاد في أسواق الأسهم والبورصة في جميع أنحاء أوروبا وفي الولايات المتحدة واليابان وغيرها من الدول الأخرى حيث انخفض مؤشر فوتس البريطاني بأكثر من 3%، وهبط مؤشر داكس الألماني بأكثر من 5%، وكل هذا يحدث بسبب قلق المستثمرين من التأثير المحتمل للصراع بين روسيا وأوكرانيا، وانخفاض أسعار الأسهم ينذر بركود في أوروبا والعالم نتيجة توقف إمدادات الغاز الروسي أو ارتفاع تكلفة الحصول على الغاز المسال من السوق الفوري”.
وبحسب الباحث الاقتصادي فقد ارتفع سعر الذهب بنسبة 2% ليصل إلى 1938.34 دولار للأوقية, وارتفعت أسعار بعض السلع مثل القمح لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2012 ووصلت إلى 9.26 دولار للبوشل ( 27.2 كيلو ) حيث تسيطر روسيا وأوكرانيا على نحو 29% من تجارة القمح العالمية وأيضاً ارتفعت أسعار الذرة بنحو 5.14 % وبلغ سعر الطن 716.25.
وكشف أنه تُعتبر روسيا وأوكرانيا من المصدرين الرئيسيين لمادة الذرة التي تُستخدم لإنتاج زيت الذرة المستخدم في القلي والطبخ بشكل عام.
وأوقفت ألمانيا مشروع توريد الغاز الطبيعي من روسيا نورد ستريم 2، وفي ظل التهديد الأمريكي والغربي لروسيا بعقوبات اقتصادية فإن ذلك من شأنه خلق حالة من الذعر لدى المستثمرين وأصحاب الأعمال بحدوث حالة من الركود الاقتصادي والتضخم.
ووفقاً للباحث نبال قلعه جي فإنه “في أوقات الحروب يوجد سمة عامة وردة فعل موحدة تقريباً للمتغيرات الاقتصادية حيث يرتفع سعر الذهب بشكل كبير في أوقات الحروب وترتفع الأسعار وتحدث تغيرات مفاجئة وغير متوقعة في أسعار صرف العملات وتغيب بعض السلع عن الأسواق”.
أما فيما يتعلق بالحرب الحالية بين روسيا وأوكرانيا فإن التداعيات الاقتصادية السلبية المتوقعة تتلخص في ارتفاع أسعار الطاقة وعندما ترتفع أسعار الطاقة يرتفع معها جميع أسعار السلع بالإضافة إلى ارتفاع في أسعار بعض المواد الغذائية كالخبز والزيت النباتي المستخدم في الطبخ كما أكد الباحث الاقتصادي.
ونوه أن “الحرب هي سلبية ومدمرة ليس فقط على روسيا وأوكرانيا إنما تمتد آثارها لتشمل العديد من الدول الأخرى وقوة هذا التأثر تعتمد على درجة الترابط والتشابك مع متغيرات الأزمة, حيث يمكن أن يكون تأثر الاتحاد الأوروبي على شكل ركود وعلى شكل ارتفاع أسعار السلع للمستوردين من أوروبا ويمكن أن تكون العواقب بالنسبة لمصر هي ارتفاعاً كبيراً في سعر الخبز نتيجة اعتماد مصر على القمح الأوكراني بشكل كبير”.
وذكر قلعه جي “أنه لا يمكن تعميم النتائج السلبية على كافة الدول ولكل قاعدة استثناء حيث يوجد بعض الدول التي يمكن أن تستفيد من الأزمة كالدول الخليجية المصدرة للنفط التي ستزيد من إيراداتها من القطع الأجنبي نتيجة ارتفاع أسعار النفط”.
وختم في حديثه أن معظم نتائج الحرب هي نتائج سلبية مدمرة على الجميع وتتنوع ما بين ارتفاع أسعار مواد أساسية وركود اقتصادي وتغير في أسعار الصرف وتوقف عجلة الإنتاج في بعض الأحيان.