المصدر: الإندبيندنت
ترجمة: عبدالحميد فحام
نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية تقريراً عن مقابلة أجرتها مع أم سورية وابنها اللذان فرّا من الحرب السورية في عام 2015 وعن حصولهم حديثاً على فرصة للدراسة الجامعية هذا الأسبوع – في نفس الفصل الدراسي و في الجامعة ذاتها في المملكة المتحدة.
ويؤكد كاتب التقرير الصحفي كولين دروري الذي تحدث إلى الأم والابن اللذان يُسجّلان في الجامعة معاً، أن الأم والولد سيدرسان ويعيشان معاً، وقد يتواصلون معاً في حياة جامعية اعتيادية.
ويقول التقرير الذي قام فريق "نداء بوست" للترجمة، بترجمته إلى العربية أن منال رواح التي تبلغ من العمر 47 عامًا، وبلال باطوس، 18 عاماً، يدرسان العلوم الحيوية في جامعة نوتنغهام ترنت، فيما يُعتقد أنها الحالة الوحيدة التي تلتحق فيها الأم والابن في البلاد بنفس الصف الدراسي الجامعي. ولدى سؤالهما من قبل الصحفي دروري: "هل ستجلسان بجانب بعضكما في المحاضرات؟" أجاب بلال: "بالطبع! هي في مادة الكيمياء جيدة جداً، لذا يمكنني أن أنقل مما تكتبه". و قالت منال : "لا لا ، لغته الإنكليزية أفضل من لغتي، في الواقع، يساعدني أكثر مما أساعده".
ويكمل الصحفي بالقول بأنه قد يجد الكثير من المراهقين صعوبة في التواجد في الفصل نفسه مع والدتهم. فيضحك بلال ويقول: "نعم، نعم، في البداية، أعتقد أنني كنت أتهرّب من هذا، لكن ما مررنا به، يجعل المرء يدرك مدى أهمية الأسرة ومدى حجم الاعتماد عليهم ". ويروي بلال بعض التفاصيل عن ماضيه، ويتحدث عن سبب اختياره لدراسة العلوم الطبية الحيوية، عندما كان طفلاً ويقول: اعتدت أن أزورها [منال] في المستشفى عندما كنت طفلاً. أنا شخص فضولي لذا كنت أسأل عمّا كان يفعله الجميع. لقد وجدت أنه مثير للاهتمام، كما تعلمون مساعدة الناس من خلال العلم هذا شيء عظيم. و يستطرد كاتب التقرير بالقول أنه مما لا شك فيه أن هذان الشخصان قد قطعا رحلة طويلة إلى المختبرات، وقاعات المحاضرات في نوتنغهام حتى يصلا من منزلهما السابق في إدلب – المدينة المزدهرة التي دمرها القتال الّذي لا يزال مستمراً حتى يومنا هذا. لقد فرّوا ونجوا بأنفسهم في عام 2015. حتى تلك اللحظة، كانت الحرب تبدو حقيقية ولكنها لا تزال بعيدة عن مكان سكنهم، إلى أن سقطت قذيفة من طائرة دمرت المبنى السكني المجاور لمبناهم.
وتتذكر منال، التي عملت كـ فني في مختبر في مستشفى محلي ما حدث لهم في الماضي وتقول لقد كان ذلك "مرعباً، كان هناك الكثير من القتلى، حوالي اثنين وعشرين شخصًا و لم يكن لهم علاقة بالحرب لكنهم قُتلوا على يد الحكومة على أي حال." و تُكمل : "كيف يمكننا البقاء بعد كل هذا وخاصة أن لدي أطفالاً، لقد كانت الحرب مستمرة منذ أربع سنوات وكنا نتحمل، ولكن بعد رؤية ذلك لم يعد بالإمكان أن نتحمل، لن أنسى ذلك". ويعرض التقرير المبنى الذي كانت تسكنه عائلة منال وبلال في الثواني التي أعقبت تدمير مجمع مجاور بقذيفة حكومية. و يضيف التقرير أن العائلة -وهما منال وبلال وكذلك الوالد أمجد، وهو عامل بريد وولدان آخران – عبرت الحدود إلى تركيا حيث عاشوا لمدة عام قبل نقلهم إلى منطقة غيدلينج في نوتنغهامشاير في عام 2016 في إطار برنامج إعادة التوطين السوري. لم يتمكن أي منهم من التحدث باللغة الإنكليزية في تلك المرحلة، لكنهم جميعاً أخذوا دروساً و تطوروا بجد، وفي غضون ثلاث سنوات، اجتاز بلال شهادة الثانوية العامة، وفي غضون عامين آخرين، حصل على درجة B-tech في العلوم، وفي نفس الوقت حصل على شهادة المستوى الأول (آ) في اللغة العربية وعلم الاجتماع. في غضون ذلك، تم إخطار منال بأنها إذا أرادت القيام بعمل في مختبر أو مستشفى في المملكة المتحدة ، فستحتاج إلى شهادة من جامعة بريطانية لإرفاقها بشهادة الجامعة التي حصلت عليها من جامعة دمشق. وهكذا نظرًا لأن التوقيت مناسب، بدأ كلاهما في التقدم للحصول على فرص للدراسة في الجامعة في نفس الوقت. و يعود الصحفي لسؤالهم بالقول: هل قصدتم أن ينتهي بكم الأمر بالدراسة معاً؟ فيقول بلال:" ليس تماما. فقط خطّطت في الأصل للذهاب إلى مانشستر لكنني قرّرت في النهاية البقاء في المنزل مع أمي وأبي. جزئياً بسبب كل ما مرت به الأسرة – ولكن أيضاً، لأن هذا يعني أنه يمكنني توفير بعض المال" .
ويضيف كولين دروري سؤالاً آخر: هل ستقومون بالأنشطة الطلابية المُعتادة وتتواصلون معاً كطلاب؟ فيقول بلال: "إذا حضرت أمي الفعاليات نفسها، فأنا سأكون معها، نعم". "إنه من الممتع أن أكون في جوارها. إنها مثقفة جداً. و أعتقد أنها تستطيع أن تختلط بمن هم أصغر منها ". و عن وجود مثل هذه الحالات في المملكة المتحدة يسأل الصحفي أحد المسؤولين في الجامعة: هل هي تجربة فريدة؟ يجاوب ستيف دينتون، رئيس العمليات في جامعة نوتنغهام ترنت، إنه لم يعرف تجربة مثل هذه التي تحصل مع بلال ومنال،
بالرغم من أنه كان هناك أم وابنتها، ديان وأزرا كوين، كانتا قد تخرجتا في قسم علم الإجرام وعلم النفس من جامعة كوفنتري في عام 2016. و ينهي الصحفي المقابلة بالسؤال عن حماسة الأم وابنها بالقول: في كلتا الحالتين، بالنسبة لمنال وبلال، فإنهما متحمسان للأربع سنوات القادمة، فهل ستكون هناك منافسة لمن يحصل على أفضل الدرجات؟ فتقول منال: "لا ، لا". "إنه ابني وصديقي. وكلانا يبذل قصارى جهده ".