“نداء بوست”- عواد علي- بغداد
يشهد العراق، منذ الاحتلال الأمريكي وإسقاط النظام السابق عام 2003، ارتفاعاً متواصلاً في نسب تعاطي الرشوة، لقاء إنجاز معاملات المُراجعين.
وباتت هذه الظاهرة الخطيرة جزءاً من الحياة اليومية، تتغطّى بتبريرات، أو تجري بترتيبات متنوّعة، ومن الصعب مكافحتها دون إجراء إصلاح سياسي، وتطبيق القانون وإجراءات العدالة.
واعتاد الكثير من العراقيّين على زيارة الموظّف المرتشي في بيته، أو في مكان يتّفق عليه بهدف تسليمه العمولة الماليّة ليختصر الإجراءات الإداريّة ويذلّل العقبات القانونيّة.
وفي محاولة للحد من هذه الظاهرة، طالبت هيئة النزاهة الاتحادية، اليوم الأحد، بتسهيل الإجراءات، وتقليل الروتين في عمل دوائر التنفيذ، إضافة إلى تشديد الرقابة على مفاصلها،
وأوصت الهيئة، خلال تحليل استبانة قياس مُدركات الرشوة في دوائر التنفيذ في بغداد والمحافظات بشطر المديريّات التي تشهد زخماً كبيراً في أعداد المراجعين، بسبب تأثير ذلك على مُستوى الأداء وتقديم الخدمة، فضلاً عن التنسيق مع المصرف الزراعيِّ والشركة التي تعاقد معها المصرف، لغرض الإيفاء بالالتزامات التعاقديَّة وإنجاز بطاقات (ماستر كارد) للمستفيدين؛ لتقليل الزخم واختزال إجراءات المُراجعة من أجل صرف المُستحقات الماليَّـة للمُستفيدين.
وأشارت دائرة العلاقات مع المنظّمات غير الحكوميَّة في الهيئة، في التقرير المُرسَل نسخةٌ منه إلى الأمانة العامَّة لمجلس الوزراء ووزير العدل، إلى “ضرورة إيجاد آليةٍ لتداول الأضابير عند المُراجعة ما بين مفاصل الدائرة، بدلاً من قيام المُراجع بتسلُّم الإضبارة، لإتمام إجراءات إنجازها، وما يرافق ذلك من فقدان بعض مُحتوياتها في بعض الحالات بشكلٍ مُتعمَّدٍ من قِبل المُستفيد”.
ولفتت إلى أنه “تمَّت ملاحظة فقدان الأضابير التنفيذيَّة في العديد من الدوائر”، مُشدّدةً على “أهميَّة استخدام الأرشفة الإلكترونيّة لحفظ محتويات الأضابير والوثائق الرسميَّة”.
التقرير أضاف أن “الفريق المركزي للهيئة، والفرق الساندة له والفرق المؤلَّـفة في مديريّات ومكاتب التحقيق في بغداد والمحافظات، قامت باستبانة آراء 9 آلاف و880 مراجعٍاً في 102 من دوائر التنفيذ، منها 13 دائرة في بغداد و89 في المُحافظات، من خلال 536 زيارة ميدانيّة إلى دوائر التنفيذ”.
كما أوضح أنّ “نتائج تحليل الاستمارات المُتحصّلة من الاستبانة، بالتعاون مع دائرة التخطيط والبحوث في الهيئة، أظهرت أنّ مُستوى تعاطي الرشوة (إدراك) أي المُعدّل العام لمن يعتقد بوجود تعاطٍ للرشوة في عموم العراق بلغ 12,4%، ومُستوى دفع الرشوة فعلاً (قياس) بلغ 5,6%”.
وأشار إلى أن تعاطي الرشوة في دوائر تنفيذ بغداد والمحافظات، بحسب مُخرجات الاستبانة، سجّل نسباً مختلفةً، وجاءت دائرة تنفيذ المعقل في البصرة كأعلى دائرة حيث بلغت 65%. وحازت دوائر تنفيذ “الرميثة” و”كركوك” و”الحلة” على النسب الأقلّ.
ولاحظ التقرير استيفاء مبالغ ماليَّة (رسوم) أكثر من المبلغ المُسجَّل في الوصل الرسميِّ، الذي يُسلَّم للمراجع في بعض الدوائر، إضافةً إلى تقاضي الخبراء مبالغ ماليـة لقاء الخدمة المُقدّمة للمُراجع تتجاوز المُقرَّر في تعليمات دوائر التنفيذ والعمل كمُعقِّبين، فضلاً عن إغلاق صندوق الحسابات قبل الوقت المُقرَّر في بعض المديريّات، وتقاضي رسوم بوصولات تُسجَّل لاحقاً مقابل مبلغٍ إضافيّ أكثر مما هو مُدوّن في الوصل.
وخلص التقرير إلى أنّ نسب تعاطي الرشوة في دوائر التنفيذ تُعدّ مرتفعةً، وغير مقبولةٍ في عمل المُؤسّسات الحكومية، مشيراً إلى بطء سير إنجاز المعاملات التي تتمّ جميع مراحلها ورقياً، وسُوء التنظيم والفوضى في حفظ وتداول الأضابير، مما يؤدّي أحياناً إلى فقدانها، إضافـةً إلى عدم استـخـدام الحـاسبة في إجراءات عـمل الدوائـر، الأمر الذي أدّى إلى هذا الارتفاع الكبير في تعاطي الرشوة.