“نداء بوست”- عواد علي- بغداد
بدأ أنصار التيار الصدري، وفي مقدمتهم المسلحون من سرايا السلام، الانسحاب من داخل المنطقة الخضراء، تلبيةً لدعوة زعيمهم مقتدى الصدر خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم الثلاثاء في مقر إقامته بالحنانة في مدينة النجف.
وقال الصدر: إن “هذه ليست ثورة فيها سلاح”، منتقدا بشدة الصدام المسلح الذي اندلع بين أنصاره والقوات الموالية للفصائل المسلحة.
وزاد قائلاً: إنه “بغض النظر عمّن بدأ الفتنة في الأمس فأنا أمشي مطأطأً الرأس، واعتذر للشعب العراقي الذي هو المتضرر الوحيد مما يحدث فالقاتل والمقتول في النار”.
وأضاف: “أحزنني كثيراً ما حدث أمس.. أردت ثورةً سلميةً وليس بالسلاح”، مؤكداً: “اعتزلت السياسة بشكل نهائي.. أنا مواطن عراقي ولا دخل لي بالسياسة”.
وأردف: “”إذا لم ينسحب كل أعضاء التيار الصدري خلال ستين دقيقة من كل مكان، حتى من الاعتصام خلال 60 دقيقة فأنا أتبرأ منهم”.
وأكمل: “الميلشيات الوقحة هي التي أعطت أوامر بإطلاق الرصاص”، متابعاً: “لو حليتم الفصائل المسلحة لما حدث ذلك”، وقدّم اعتذاره للشعب العراقي.
وأشاد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بدعوة مقتدى الصدر لوقف العنف، واصفاً إياها بـ”أعلى مستويات الوطنية والحرص على حفظ الدم العراقي”.
وقال الكاظمي: “دعوة سماحة السيد مقتدى الصدر إلى وقف العنف تمثّل أعلى مستويات الوطنية والحرص على حفظ الدم العراقي. وكلمة سماحته تحمل الجميع مسؤوليةً أخلاقيةً ووطنيةً بحماية مقدرات العراق، والتوقف عن لغة التصعيد السياسي والأمني، والشروع في الحوار السريع المثمر لحل الأزمات”.
كما أشاد العديد من المسؤولين العراقيين بدعوة الصدر لأنصاره بالانسحاب، مرحبين بموقفه ضد إراقة الدم العراقي، وأكدوا أنها مبادرة شجاعة تستحق التقدير والثناء.
وأفادت وكالة الأنباء العراقية بأن السلطات قررت رفع حظر التجوال في بغداد والمحافظات في أعقاب انسحاب المحتجين من المنطقة الخضراء استجابة لدعوة مقتدي الصدر، ورفع الحواجز الكونكريتية من شوارع وجسور العاصمة بغداد.
وكانت الاشتباكات العنيفة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة قد تجددت في بغداد صباح اليوم الثلاثاء وسط أنباء عن سقوط قتلى وجرحى بالعشرات.
وعلنت خلية الإعلام الأمني التابعة لقيادة العمليات المشتركة العراقية أن المنطقة الخضراء تعرضت، في وقت مبكر من صباح اليوم لقصف بأربعة صواريخ سقطت في مجمع سكني.
ولم يُشر البيان إلى وقوع إصابات بشرية نتيجة القصف، لكنه تحدث عن أضرار مادية.
وأفادت تقارير بمقتل 30 شخصاً وجرح 300، على الأقل، في مواجهات بين سرايا السلام، الجناح العسكري للتيار الصدري، وفصائل مسلحة تابعة لما يسمى بـ”الإطار الننسيقي” والموالية لإيران من جهة، وبينها وبين القوات الأمنية، شهدتها مناطق متفرقة في أعقاب إعلان الصدر اعتزاله العمل السياسي يوم أمس الاثنين.
كما تعرض محيط السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء لقصف بصواريخ، وسمعت أصوات صافرات الإنذار التي فعّلتها السفارة. وذكر مصدر أمني أن منظومة “سي رام” الدفاعية قد فٌعّلت فيها أيضاً.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد دعا الأطراف العراقية إلى “ضبط النفس”، و”اتخاذ خطوات فورية لتهدئة الوضع”.
وقال غوتيريش في بيان: إنّه “يتابع بقلق التظاهرات، ويدعو إلى الهدوء وضبط النفس، ويحضّ كلّ الجهات الفاعلة ذات الصلة على اتّخاذ خطوات فورية لتهدئة الوضع وتجنّب العنف”.
بدورها، دعت بعثة الأمم المتحدة في العراق، ومقرّها داخل المنطقة الخضراء، المتظاهرين إلى مغادرة المنطقة، وحثّت جميع الأطراف على التزام “أقصى درجات ضبط النفس”.
ووصفت البعثة الوضع بأنه “تصعيد شديد الخطورة”، محذّرةً من أنّ “بقاء الدولة نفسها بات على المحك”.
وفي واشنطن وصف البيت الأبيض الوضع بأنّه “مقلق”ـ ودعا إلى الهدوء والحوار.
وفي القاهرة قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كما نقل عنه المتحدث باسم الرئاسة بسام راضي: “اتابع باهتمام الموقف الراهن بالعراق، وأحزنني ما آلت اليه التطورات الحالية في هذا البلد الشقيق”.
وأكد السيسي “دعم مصر الكامل لأمن واستقرار العراق وسلامة شعبه الشقيق”، داعياً “كافة الاطراف العراقية الى تغليب المصلحة العليا لوطنهم من أجل تجاوز الأزمة السياسية عبر الحوار، وبما يحقق الاستقرار والأمن والرخاء للعراقيين”.