لم تكن كلمة التهنئة التي وجهها الشيخ سالم المسلط إلى السوريين مجرد تهنئة فحسب، بل أتت لتحدّد وضع القضية السورية لدى المجتمع الدولي، فهذا المجتمع لم يَقُمْ بواجبه الطبيعي في نصرة الشعب السوري، الذي ثار على الاستبداد مُطالِباً بصورة سلمية بالحرية والكرامة ودولة المؤسسات الديمقراطية.
في سياق كلمته، يطالب رئيس ائتلاف قوى الثورة والمعارضة الشيخ سالم المسلط المجتمع الدولي بضرورة محاكمة مجرمي الحرب في سورية، وعلى رأسهم رأسُ النظامِ المجرم بشار الأسد وشركاؤُه الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية فضحت جزءاً منها مجزرةُ حي التضامن الدمشقي.
لم تقتصر مُطالَبات رئيس الائتلاف بحثّ المجتمع الدولي على محاكمة الجريمة المنظمة فحسب، والتي ارتكبها -ولا يزال- النظام الأسدي، بل ذهب إلى المطالبة بالكشف عن مصير المعتقلين والمختفين قسراً، والعمل على رفع ملف مجازر النظام إلى المحاكم الدولية بشكل عملي وسريع.
لم ينسَ المسلط وضع الشعب السوري في مختلف أماكن وجوده، وتحديداً في المناطق المحررة في “درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام”، مُطالِباً أن يتمّ تحسين وضع الشعب السوري في هذه المناطق بالتعاون مع الحكومة المؤقتة، دون أن يغفل المسلط عن المطالبة بتغيير ظروف السوريين المعيشية في مناطق سيطرة النظام الأسدي، فهو يرى أن السوريين أَنَّى كانوا هم شعب واحدٌ لعب نظام الاستبداد الأسدي على محاولة تَشْظِيَته، لكنه فشل فشلاً ذريعاً، فالسوريون في مناطق سيطرة النظام الأسدي يريدون الخلاص من قبضة أجهزة المخابرات والميليشيات الآتية من وراء الحدود، لتنصر نظاماً أكل الدهر عليه وشرب.
المسلط لم يتوانَ عن اتهام المجتمع الدولي بالتقصير والعجز، وتحديداً ما يتعلق بتنفيذ القرار 2254 الصادر في الثامن عشر من كانون الأول/ ديسمبر عام 2015. مؤكداً في ذات الوقت، على أن تتم المفاوضات لتنفيذ القرار الدولي المذكور عَبْر التزامن بين سلاله الأربع، وليس فقط عبر سلّة اللجنة الدستورية، التي لا يزال النظام الأسدي يتملّص من تنفيذ محتواها.
إن قراءة هادئة في كلمة تهنئة الشيخ سالم المسلط رئيس ائتلاف قوى الثورة والمعارضة، تكشف عن جدية في تنفيذ الإصلاح الشامل في هذه المؤسسة الوطنية لقوى الثورة والمعارضة الأهم. هذه الجدية تحتاج إلى تشكيل فريق علاقات خارجية متمكن ومتخصص، وقادر على نقل أهداف الشعب السوري في الخلاص من نظام الاستبداد، وتتطلب بناء ماكينة إعلامية شديدة التجاوب مع كل صغيرة وكبيرة، ماكينة تعتمد على استخدام كل فنون الإعلام في الدفاع عن القضية السورية، التي يحملها على كاهله ائتلاف قوى الثورة، بعد انطلاق الخطوة الأولى للإصلاح الشامل.
إن اهتمام الائتلاف الجديد بضرورة تعميق علاقات الأخوة مع الدول العربية والصديقة، وكذلك تحسين العلاقات مع الدول المؤثرة بالملف السوري، إنما يساعد في رفد حركة الإصلاح بقوة دفع كبيرة، ويساهم في التقدم إلى الأمام، في وضوح شرعية الثورة السورية ومطالبها، وهذا يتطلب حركة دؤوبة من فريق العلاقات الخارجية في ائتلاف قوى الثورة والمعارضة.
السوريون -وببساطة- ينتظرون تعميق الإصلاح الشامل لمنع قوى التعطيل صاحبة المنافع الضيقة من تنفيذ برنامجهم الذاتي لتعطيل فعّالية الائتلاف في بِنْيَته التي تتشكل وَفْق معايير عميقة للإصلاح الشامل، الذي ينتظره السوريون ليستعيدوا ممثلهم السياسيّ والثوريّ.