نداء بوست- جورجيوس علوش- السويداء
تعود الأوابد التاريخية الموجودة على ساحة محافظة السويداء إلى عصور موغلة في القدم منها العصر البيزنطي كما تحمل في طياتها عبق الماضي العريق.
وانتشرت الأديرة في مناطق مختلفة من السويداء، وما عُرف منها يزيد على 15 ديراً حيث كان عددها كبيراً قياساً بعدد السكان، ولا يعود ذلك لاختيارهم طريق العبادة بل لأنها احتضنت العديد من الغرباء الذين قدموا إلى الجبل.
ومن هذه الأديرة سنذكر دير شقا ويقع إلى الشرق من البلدة وبُني على أنقاض ثكنة رومانية وما بقي من آثارها برجان وهي تعود للقرن الخامس الميلادي، أما الكنيسة فهي تحتل الجزء الشمالي للدير كما يقع مسكن نزلاء الدير في الجهة الجنوبية.
ويصفه العالِم الفرنسي “م.دوفوغييه ” بأنه أقدم نموذج لعمارة الأديرة في المنطقة، فالواجهة الرئيسية للدير مكونة من باب رئيسي كبير في الوسط مع بابين صغيرين جانبيين يدخل إليهما عَبْر رواق مسقوف يتصل بحجرة الحارس ثم المكتبة وخزائنها ضِمن الجدران وباحة داخلية وقاعة اجتماعات، ويتضمن الطابق الأرضي الكنيسة وغرف السكن.
أما دير داما أو “الدير الجواني” فقد بُني في عصر إمارة الغساسنة ويبعد 2 كم إلى الشمال الشرقي من قرية دراما (داما) وهو عبارة عن دير وكنيسة ومصلى وبيوت قديمة، وتتصل الكنيسة بالدير وهي ذات مخطط متميز تمتد من الشمال إلى الجنوب.
ويتصف هذا الدير بالبساطة فحجارته شِبه منحوتة ومشذبة ونوافذه وأبوابه صغيرة من الحجر البازلتي، تصميم جدرانه وأعمدته تحفة فنية زينت بالنقوش والرسومات.
وفي الريف الجنوبي الشرقي يوجد دير ملح كذلك الذي يعود إلى القرن الرابع الميلادي بناه الغساسنة وما زالت آثاره ومعالمه واضحة وقد عثرت البعثة الأثرية الفرنسية في باحته على حجر بازلتي يحمل كتابة يونانية ، كما يوجد إلى جانبه بناء غير محدد الهُوِيَّة يعود تاريخه إلى 539م عليه كتابات ونقوش تعود إلى العصر البيزنطي.
أما البرج الكبير في دير ملح فيعود تاريخه إلى عام 372م واستخدم الدير إلى جانب الأغراض الدينية لأغراض دفاعية لمراقبة الحدود الشرقية للإمبراطورية البيزنطية، وأبراج أخرى استخدمت للقوافل المحملة بالملح والقادمة من شرق الأردن.
وفي قرية “أمتان” يوجد دير الشعير وهو من الأديرة التي بناها الغساسنة يأخذ الشكل المربع وفيه كنيسة وغرف سكن.
ودير المياس الذي تعبق في زواياه رائحة طقوس المتعبدين ويقع إلى جنوب قرية عوس وسجلاته مدونة على جدرانه وجميعها تعود للقرن الرابع الميلادي.
هذه الأديرة التي ذكرنا بعضاً منها ومضى عليها نحو ألفَيْ عام وتعاقب عليها العديد من الحقب الزمنية لا تزال تنبض بالحياة.