نداء بوست- أخبار دولية- إسطنبول
كشف مركز أبعاد في دراسة عن آثار الغزو الروسي لأوكرانيا على الصراع الدائر بين الدول الغربية وروسيا في منطقة القطب الشمالي.
وبحسب المركز فقد أصدرت كندا والدنمارك وفنلندا وآيسلندا والنرويج والسويد والولايات المتحدة في آذار الماضي بياناً أدانت فيه الغزو الروسي غير المبرَّر لأوكرانيا، محذِّرة من العوائق الخطيرة التي تعترض التعاون الدولي، بما في ذلك في القطب الشمالي.
وحمل هذا البيان وإشارته إلى القطب الشمالي أهميةً خاصةً، فالدول الموقِّعة عليه، هي الدول التي تتشارك مع روسيا عضوية “مجلس القطب الشمالي Arctic Council”، والذي يُعنى بإدارة وحماية مقدّرات القطب الشمالي.
وبحسب الدراسة فقد ترأست روسيا المجلس في دورته للفترة من 2021-2023. ويتضمن البرنامج الشامل للرئاسة الروسية تعاوُناً متعدد الأطراف في مجالات حماية البيئة والمناخ، والتنمية الاقتصادية، ودعم السكان الأصليين للقطب الشمالي، بالإضافة إلى رفع مستوى التنسيق بين أعضاء المجلس.
وأشارت الدراسة إلى أن البيان الذي أصدرته الدول الأعضاء في المجال أشار إلى صراع النفوذ غير المُعلَن في منطقة القطب الشمالي. والذي يمكن فهمه من خلال استعراض مصالح ومواقف الدول المعنية بالقطب الشمالي، من أعضاء المجلس ومن غير الأعضاء، على النحو التالي:
ولفتت الدراسة إلى أن روسيا اتخذت ردَّ فعلٍ استباقيّاً على أيّ تحرُّكات عسكرية أو أمنية من الممكن أن تنشأ في الطريق إلى القطب الشمالي من جهة Bering Sea، حيث أعلنت في أواخر آذار/ مارس عن تعليق المحادثات مع اليابان حول جزر الكوريل المتنازَع عليها والتي تحتلها روسيا الواقعة ما بين بحر Bering Sea و Sea of Okhotsk.
ونوّهت الدراسة بأن الصين تعتبر أن لها الأحقية بالمشاركة في عمليات إدارة القطب الشمالي، وقد اقترحت عام 2019 على موسكو رؤية للتعاون لاستثمار موارد القطب باسم “اقتصاد الجليد والثلج”. وبحسب ما ذكر كتاب أبيض نشرته الصين عام 2018 فإن مبادرة “الحزام والطريق” الصينية ستتيح فرصاً للأطراف المعنيين للاشتراك في بناء “طريق الحرير القطبي” وتسهيل الاتصال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المُستدامة للقطب الشمالي.
وأوضحت الدراسة أن الولايات المتحدة رفعت من أولوية ملفّ القطب الشمالي منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترامب الذي عرض على الدنمارك في 2019 شراء جزيرة غرينلاند القطبية، لزيادة الهيمنة الأمريكية على المياه الإقليمية القطبية وقطع الطريق أمام الصين وروسيا على إمكانية عبور (الخط القطبي) بين شرق الكرة الأرضية وغربها.
كما أعلنت إدارة بايدن في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 عن إجراءات رئيسية تجاه حماية وتعزيز مصالح الولايات المتحدة في منطقة القطب الشمالي من خلال إعادة تنشيط لجنة توجيهية مهمة؛ كي تُعزز هذه الإجراءات نهج الإدارة القائم على العلم لمعالجة تغيُّر المناخ، وتعزيز الأمن القومي والاقتصادي للولايات المتحدة، وتعزيز التنسيق لا سيما مع الشعوب الأصلية في المنطقة.
ووفقاً للمركز فإنه فيما يتعلق بكندا فقد أعلنت عام 2019، عن إطلاق إستراتيجية للتعامل مع القطب الشمالي تمتدّ حتى عام 2030، وتركز على تنمية وتطوير المناطق القطبية الشمالية الكندية ومحيطها.
وبالنسبة لحسابات كل من آيسلندا والسويد والدنمارك والنرويج، فمع اندلاع القضية الأوكرانية باتت هذه الدول أكثر قلقاً من فرضية استخدام روسيا لممر القطب الشمالي كوسيلة تهديد لأمن هذه الدول انطلاقاً من بحر Kara مروراً ببحر Barents ووصولاً إلى بحر النرويج، ولذلك اتجهت على سبيل المثال السويد إلى تعزيز قدرات الردع والدفاع، واتجهت إلى الانضمام إلى الناتو، ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى نشر قوات ردع بحرية قُبالة سواحل بحر Barents القريب من السويد والمطلّ على النرويج.
وأردفت الدراسة أنه بالنتيجة فإن عمليات الاستطلاع الأمنية على الأرجح لكل من الدول المعنية بملفّ القطب الشمالي أصبحت مرتفعة بشكل أكبر بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
ومن المحتمل أن الحسابات الإستراتيجية -لا سيما للصين والولايات المتحدة وروسيا- باتت أكثر إلحاحاً في التعاطي مع قضية القطب الشمالي بشكل مختلف، وهو ما يفسر إقدام دول مجلس القطب مع بداية الغزو الروسي لأوكرانيا على تعليق نشاط التعاوُن مع موسكو فيما يتعلق بالقطب الشمالي.
ومن جهة أخرى، هناك عدة سيناريوهات تُشكِّل ملامح لتحالُفات جديدة قد تظهر على أساس المصالح في القطب الشمالي، مثل حصول تحالُف “صيني-روسي”، أو عزل روسيا من مجلس القطب الشمالي، أو تشكيل تحالُف إسكندنافي بالتعاون مع كندا بعيداً عن الولايات المتحدة لعدم إثارة حفيظة روسيا والصين.