"نداء بوست" – درعا – ولاء الحوراني
لطالما تغنّى الناس بسهل حوران، نسبة إلى الخير والعطاء والغلال الوفيرة، وظلّ السهل مصدراً أساسياً للرزق والوفرة على طول السنين. كلّ ذلك كان قبل 10 سنوات، قبلَ أن يبدأ نظام الأسد بالانتقام من درعا بسبب انطلاق شرارة الثورة منها، ومن ثَمَّ الإجهاز عليها وتهجير وقتل واعتقال الآلاف من سكّانها.
كانت تحرص العائلة في حوران في مثل هذا الوقت من العام على تأمين المؤنة لادّخارها لفصل الشتاء، وهي عادة قديمة والأُسَر الحورانية على موعد سنوي معها، كما كلّ الأُسَر السورية.
فلا يكاد يخلو بيت من مؤنة الثوم والمربى والبامية وورق العنب والملوخية ودبس البندورة ودبس الفليفلة، ومواد أخرى اعتادت السيدات على تخزينها كمواد تشكل عامل أمان في المنازل، خصوصاً مع اقتراب فصل الشتاء وارتفاع أسعار المواد فيه وعدم توفر الحاجات الغذائية في الأسواق.
لكن هذا العام مختلف إلى حدّ كبير مقارنة بالأعوام السابقة، حيث إن الكثير من العائلات باتت عاجزة عن شراء المستلزمات، ولم تتمكن من وضع مؤنتها بسبب ارتفاع الأسعار وغياب بعض السلع في السوق وتدني الأوضاع المعيشية للمواطنين، وضعف القدرة الشرائية لدى العاملين والموظفين على حد سواء وباتت المؤنة تثقل كاهل الأسرة.
أم محمد، وهي ربة منزل تقول لـ"نداء بوست" إنها لم تستطع شراء الملوخية وتخزين البامية والبازلاء كعادتها كل عام بسبب ارتفاع سعرها وعدم قدرتها على شرائها".
وأشارت إلى أنها تسعى جاهدة لتوفير جزء من مصروف عائلتها الشهري والانتظار إلى نهاية موسمها لتصبح أقل سعراً حتى تستطيع شراء احتياجاتها من هذه المواد".
من جهتها ترى رانيا أن مؤنتها هذا العام اقتصرت على صنع المربى، مؤكّدة أن "هناك ارتفاعاً في أسعار الفاكهة والسكر معاً في موسم صنع المربيات"، إلا أنها فضلت صنعها على بقية المواد؛ لأنها الوجبة المفضلة لأولادها قبل ذهابهم إلى المدرسة صباحاً في فصل الشتاء".
أما عن موسم "المكدوس" الذي تشتهر المائدة الحورانية بوجوده ولا تكاد تخلو بيوتهم منه في كل عام، يقول أبو علاء وهو رب منزل إن: "ارتفاع تكلفة مستلزمات المكدوس جعل الكثير من العائلات عاجزة عن شرائه وحرمت من صنعه ككل عام".
كذلك يؤكد أحد الباعة أن أسعار المنتجات زادت بشكل مضاعف هذا العام بسبب صعوبة النقل وارتفاع أجور شراء المادة من مصدرها، كما أن الإقبال على شراء مستلزمات المؤنة ضعيف جداً مقارنة بالأعوام السابقة، والكميات التي بيعت منها قليلة واقتصرت على العائلات ميسورة الحال.
ويبدو أنّ تكاليف الحياة اليومية تكبر شيئاً فشيئاً، ويضيق معها الحال على الحورانيين، ما يجعل المؤنة رفاهية لبعض الأسر، وأمراً صعب التحقق لعامة الناس، بعدما كانت طقساً سنوياً حاضراً في جميع البيوت.