مترجم – فوربس
أدلى نائب رئيس المركز الروسي لـ"المصالحة" في سوريا، العميد البحري "فاديم كوليت"، ببعض التصريحات المثيرة للدهشة في وقت سابق من الشهر الماضي.
في 19 تموز/ يوليو، أطلقت أربع طائرات مقاتلة إسرائيلية من طراز F-16 ثمانية صواريخ موجهة على أهداف في محافظة حلب السورية وبحسب "كوليت"، اعترضت صواريخ "بانتسير وبوك-إم 2" للدفاع الجوي روسية الصنع سبعة منها.
في 22 تموز/ يوليو، أطلقت طائرتان من طراز F-16 أربعة صواريخ موجهة من المجال الجوي اللبناني على أهداف في محافظة حمص السورية، في تلك الحادثة، ادّعى "كوليت" أن الدفاعات الجوية السورية كانت ناجحة بنسبة 100٪. وقال: "تمّ تدمير جميع الصواريخ الأربعة من قبل منشآت الدفاع الجوي السورية، باستخدام أنظمة بوك-إم 2 (Buk-2ME) الروسية الصنع".
يزعم النظام السوري على الدوام بعد هذه الهجمات الإسرائيلية أن دفاعاته الجوية نجحت في إسقاط صواريخ العدو، ونادراً ما تدعم روسيا مثل هذه الادعاءات، إن حصلت.
في أوائل حزيران/ يونيو، على سبيل المثال، قال النظام إن دفاعاته الجوية اعترضت صواريخ إسرائيلية فوق دمشق، وعلى عكس الحادثين اللذين وقعا في شهر تموز/ يوليو، لم تقل روسيا شيئاً.
ومن ناحية أخرى، في نيسان/ أبريل من عام 2018، بعد أن أطلقت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا صواريخ "كروز" على سوريا رداً على هجوم بالأسلحة الكيماوية، ادّعت روسيا بشكل مشكوك فيه أن الدفاعات الجوية السورية أسقطت 71 من أصل 103 من تلك الصواريخ، في ذلك الوقت، قالت موسكو أيضاً إن مستشاريها أمضوا الأشهر الثمانية عشر الماضية في مساعدة النظام على إعادة بناء دفاعاته الجوية.
وتشير تصريحات "كوليت" على ما يبدو إلى تغيير محتمل في سياسة روسيا بشأن الضربات الجوية الإسرائيلية، أو على الأقل تعبيراً عن رفضها المتزايد لها.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية عن "مصدر روسي مطلع" زعم أن هذا "له علاقة مباشرة بالمحادثات" بين روسيا والولايات المتحدة، ووفقاً للمصدر، فقد أوضحت الولايات المتحدة لروسيا بأنها "لا ترحب بالغارات الإسرائيلية المستمرة" على سوريا.
(إسرائيل، وفقاً لوسائل الإعلام المحلية، ليست على علم بأي مناقشات أمريكية روسية حول هذا الموضوع).
كما زعم المصدر أن روسيا "عززت" الدفاعات الجوية السورية وزودت النظام بمعدات جديدة، رغم أنها لم تقدم أي تفاصيل أو أدلة محدّدة، (وتجدر الإشارة إلى أنه في العام الماضي، زعمت روسيا أنها سلمت مجموعة من طائرات ميغ-29 الحديثة إلى النظام، على الرغم من أن ذلك كان على الأرجح خدعة للتستر على تسليم طائرات ميغ -29 غير المميزة إلى شرقي ليبيا، والتي مرت بالمصادفة عبر قاعدتها الجوية في غربي سوريا).
وجاء في مقال "الشرق الأوسط" أن التطورات الأخيرة تعكس تحولاً في كيفية تعامل موسكو مع الهجمات الإسرائيلية، وتشير إلى أن موسكو "نفد صبرها" لأن تل أبيب تواصل تجاهل الدعوات الروسية لوضع قواعد واضحة".
وبعد أن تدخلت روسيا عسكرياً في سوريا في عام 2015، قامت إسرائيل على الفور بإنشاء آلية تفادي التضارب معها، وقام سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ مئات الضربات ضد أهداف مرتبطة بإيران في سوريا منذ 2013 وأعاد التأكيد مراراً وتكراراً على تصميمه على منع طهران أو ميليشياتها بالقوة من إقامة موطئ قدم هناك.
لا تسعى إسرائيل للحصول على إذن من روسيا قبل تنفيذ ضرباتها، وغالباً ما تعطيها القليل من التحذير المسبق حول متى وأين تهاجم، في أيلول/ سبتمبر من عام 2018، تمّ إطلاق صاروخ سوري قديم مضاد للطائرات من طراز S-200 ردّاً على غارة إسرائيلية على أهداف في محافظة اللاذقية الساحلية الغربية، وأصاب طائرة روسية من طراز Il-20، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً كانوا على متنها.
وألقت روسيا باللوم على إسرائيل في الحادث، مدعية أنها حذرتها فقط قبل دقيقة واحدة من شن الهجوم، كما انتقدت موسكو إسرائيل بعد بضعة أشهر لشنها ضربات "استفزازية".
ولكن حتى خلال تلك الفترة المتوترة بشكل ملحوظ، لم تظهر روسيا أي مؤشر حقيقي على أنها ستتحرك لردع الضربات الجوية الإسرائيلية في البلاد ولا تقوم بتزويد النظام السوري بنوع الأنظمة المتقدمة التي سيحتاجها لمحاربة الضربات الجوية والصاروخية الإسرائيلية بشكل مستقل.
رداً على حادثة شهر أيلول/ سبتمبر من عام 2018، قامت روسيا على الفور بشحن صواريخ الدفاع الجوي إس-300 المتقدمة إلى سوريا، حيث تعتبر إس -300 أكثر تطوراً وفتكاً من أي نظام دفاع جوي آخر في الترسانة السورية.
ومع ذلك، يتم تشغيل صواريخ إس-300 حصرياً من قبل العسكريين الروس، على الرغم من أن المنظومة أصبحت ملك "سوريا"، إلا أنهم لا يسمحون لقوات النظام بإطلاقها.
وحتى إذا قامت روسيا مؤخراً بتحديث صواريخ بانتسير وبوك السورية، فمن المحتمل أنها فعلت ذلك بعد أن خلصت إلى أن النظام السوري لن يستخدمها، أو يمكنه استخدامها، لاستهداف الصواريخ الإسرائيلية القادمة من إسرائيل وليس الطائرات.
على كل حال، عادة ما تطلق الطائرات الحربية الإسرائيلية أسلحتها البعيدة المدى، على الأرجح صواريخ بوباي كروز، بينما تبقى داخل المجال الجوي اللبناني، حيث تقل فرصة إسقاطها.
إذا زودت موسكو النظام السوري بدفاعات جوية أكثر تطوراً، فإن سمعة تلك الأنظمة، التي تريد روسيا تصديرها إلى المزيد من الدول، قد تتقوض بشكل قاتل إذا تم تدميرها في جولة أخرى من الاشتباكات بين إسرائيل والنظام.
بين عامي 2018 و2020 فقط، دمرت إسرائيل ثلث الدفاعات الجوية السورية.
وفي العام الماضي، دمرت طائرات تركية بدون طيار بانتسير-S1s روسية الصنع في ليبيا، ودمرت الذخائر الإسرائيلية الصنع التي تشغلها أذربيجان أنظمة إس-300 الأرمينية خلال حرب ناغورنو كاراباخ، لا شك أن موسكو لا تريد أن ترى أنظمتها الصاروخية الحديثة مدمرة في ساحة المعركة السورية.
وتكهن أحد الصحفيين الإسرائيليين بأن موسكو مترددة في السماح للنظام السوري باستخدام صواريخ إس -300 الخاصة بها لأسباب مماثلة لأنها تخشى "أنه إذا تم تفعيلها بالفعل وأخطأت هدفها – فإن ذلك سيظهر التفوق التكنولوجي والتشغيلي لإسرائيل والغرب، الأمر الذي من شأنه أن يضر بفخر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالصناعات الدفاعية لبلاده".
تصريحات "كوليت" الأخيرة لا تعني بالضرورة أن روسيا تعمل بنشاط لمساعدة النظام على منع الضربات الصاروخية الإسرائيلية، بل يمكن أن تكون طريقة موسكو للإشارة، الآن بعد أن ظهرت حكومتان جديدتان في كل من إسرائيل والولايات المتحدة، بأنها تريد التفاوض على معايير جديدة وأكثر وضوحاً لعدم التضارب مع الجيش الإسرائيلي في سوريا.