”نداء بوست“ – مجدي الحلبي – القدس:
زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت إلى البيت الأبيض على درجة كبيرة من الأهمية إذ إن الحكومة الجديدة لا تسير بخطى حكومة نتانياهو في الملفات المهمة لا بل المصيرية لدولة إسرائيل، هذه الحكومة برئاسة بنيت ويائير لابيد تحاول أن تكون مغايرة لحكومات بنيامين نتانياهو التي استمرت لمدة قاربت ثلاثة عشرة عاما كانت تعمل على إدارة الأزمات وتكريس الوضع القائم لا حل الأزمات والمسائل الملحة ولا محاولة تغيير الوضع القائم لما هو في مصلحة المنطقة وبالتالي مصلحة إسرائيل.
بنيت يذهب لمقابلة جو بايدن وفي جعبته قضايا كثيرة منها ما يتفق فيها مع سياسة البيت الأبيض بإدارته الجديدة ومنها ما يختلف فيه" تقول المصادر المطلعة في القدس إن بنيت سيحاول طرح الإنجاز الكبير لحكومته بانضمام حزب عربي إليها لأول مرة في تاريخ إسرائيل والحزب هذا يعتمد بالأساس على الحركة الإسلامية الجنوبية والتي تعتبر جزءاً من حركة الإخوان المسلمين. بنيت سيحاول إقناع الرئيس الأميركي أنه عاد للتعامل مع السلطة الفلسطينية عبر لقاءات يجريها عدد من وزراء حكومته بعلمه وتعليماته مع وزراء وقيادات في السلطة الفلسطينية، وأن التنسيق الأمني والمدني عاد كما كان سابقا، وسيحاول التملص من أي إعلان أو تعهد بشأن حل الدولتين الذي يؤمن به بايدن وأركان إدارته حيث يرون الحل على أساس الدولتين والمبادرة العربية وليس عبر خطة ترامب وصفقته التي سميت في حينه صفقة القرن.
من ناحية أخرى سيطلع بنيت بايدن وإدارته على لقاءات يجريها رئيس القائمة العربية الموحدة منصور عباس وبعلم رئيس الحكومة والمجلس الأمني المصغر مع قيادات حماس في الدوحة وعن تطورات في مجال المساعدات لغزة وقرب التوصل لاتفاق تهدئة طويل الأمد وتبادل أسرى، بالإضافة إلى تعزيز دور مصر والسلطة الفلسطينية في غزة والتوصل لتفاهمات في هذا الملف، إذا نجح بنيت في تجاوز مطلب الإعلان عن التزامه بحل الدولتين يكون نجح في أول خطوة بملف شائك لطالما اختلفت فيه الإدارات الأميركية المتعاقبة مع إسرائيل.
ملف ساخن آخر هو الملف الإيراني بكل أجزائه من الملف النووي وإمكانية العودة للاتفاق الذي أبرم في عهد أوباما ومعارضة إسرائيل للعودة إليه كما كان والضغط لإجراء تعديلات عليه بما يخص برنامج الصواريخ طويلة المدى، حيث ترى حكومة بنيت أن الاتفاق مع إيران ومحاولة حصرها وكبح جماح برامجها العسكرية بعقوبات ومراقبة ضمن اتفاق مبرم أفضل من عدم اتفاق والبحث عن تجاوزاتها هنا وهناك وجعل الحل العسكري هو الأول والأخير على الطاولة، لكن قيادة إسرائيل الجديدة وبمشورة الأجهزة الأمنية ترى أن اتفاقاً مع إيران وإدخال تعديلات وبنود جديدة سيمنح إسرائيل مزيداً من الوقت وفرصة أكبر لملاحقة البرنامج النووي العسكري لإيران والتي لن يكون بمقدورها ضمن أي اتفاق أن تخصِّب اليورانيوم إلى نسبة 60 أو 90 % اللازمة لإنتاج قنبلة نووية بعدها يكون القطار فات الجميع وعلى العالم العيش مع إيران نووية، كما يقول مسؤول كبير في وزارة الدفاع الإسرائيلية. كما رشحت معلومات أن هذا الموقف الذي سيطرحه بنيت أمام الإدارة الأميركية بعد مباحثات جمة في المجلس الأمني المصغر مؤخرا إذ تم بحث هذا الملف مجددا وتمت فيه بعض التوافقات بين أطراف الحكومة وبين المستوى الأمني على عدم التصادم مع الأميركيين في هذا الملف كما فعل نتانياهو سابقاً بل دفع الأميركيين إلى التوصل لاتفاق مع بنود إسرائيلية وبما يضمن أمن إسرائيل.
الملف الآخر هو الملف السوري والمتعلق بملف إيران وتموضعها في المنطقة ويبدو أن تغيير ما حصل على مواقف الحكومة الإسرائيلية في هذا الملف حيث تزداد القناعة أن سياسة الحكومة السابقة بمحاولة ضرب الأهداف الإيرانية في سوريا مع الإبقاء على نظام بشار الأسد فشلت بشكل كبير إذ إن رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت كان قال إن الفشل كبير إلى حد استحالة إخراج إيران من سورية مع بقاء نظام الأسد وأشار مسؤولون كبار إلى أن دخول روسيا لمساندة الأسد أوصل إسرائيل إلى مرحلة يستحيل فيها العمل على إنهاء حكم النظام الحالي لارتباطها بتفاهمات مع القيادة الروسية حول عدم الاحتكاك في الأجواء السورية أو بكلمات أخرى روسيا تغض الطرف عن استهداف إسرائيل لمواقع إيران وميلشياتها في سوريا ولكن يقول مقربون من حكومة إسرائيل الجديدة إن هذا الأمر لن يستمر كثيراً وروسيا بدأت تغير بعض التصرفات والتحركات المتعلقة بهذا الأمر ورصدت إسرائيل خبراء روساً يساندون قوات الدفاع الجوي السوري في استهداف الصواريخ الإسرائيلية وأيضاً سمحت روسيا لسورية باستخدام إس 300 لمواجهة الطائرات الحربية الإسرائيلية الأمر الذي جعل نفتالي بنيت يوفد مسؤولاً عسكريّاً كبيراً إلى روسيا لاستطلاع الأمر واتخاذ الخطوات.
إلى ذلك تشير المعطيات من المؤسسة السياسية في إسرائيل إلى أنّ بنيت لا يتصرف مثل نتانياهو ولا يعتبر نفسه صديقاً حميماً لبوتين الرئيس الروسي، لذلك فإن سياسة إسرائيل تجاه النظام السوري تتغير وأن هناك محاولات لإقناع الروس بضرورة تغيير التكتيك مع إيران من أجل إخراجها، ذلك بتغيير هذا النظام بأشخاص لا يوالون إيران.
بنيت سيطرح على بايدن تصوراً جديداً بشأن سوريا وسيعمل على إقناع الإدارة الأميركية بضرورة الضغط على روسيا لاستبدال النظام وتشكيل مجلس عسكري مؤقت وحكومة مؤقتة تعمل على فرض النظام والأمن واستعادة السيادة في الأماكن التي يمكن فيها ذلك كما يقول مستشارون كبار في مكتب نفتالي بنيت.
ملف شائك آخر هو ملف حزب الله ولبنان حيث سيطرح بنيت ذات الطروحات الإسرائيلية لتنفيذ قرار 1701 وأيضاً العودة لترسيم الحدود المائية والبرية بين البلدين مع الإبقاء على قوة حزب الله في الداخل اللبناني وعدم الوصول إلى أزمة تشعل حرباً مع حزب الله لأن داخل إسرائيل لا يتحمل أعداد الصواريخ الهائلة المتواجدة لدى حزب الله وأن القبة الحديدية ومدافع الليزر الجديدة لن تستطيع صدّ كل الصواريخ ناهيك عن أن البنية التحتية اللبنانية شبه منهارة وأنه لا جدوى من تهديد إسرائيلي بهذا المجال علماً أنّ حزب الله قد يتم تحجيمه مع تحجيم إيران ولا توجد نية إسرائيلية أو أميركية لخوض حرب مع الحزب بمعزل عن تحجيم دور إيران على حدود إسرائيل فبنيت وفريقه على غير نتانياهو وتفكيره بصدد ربط موضوع حزب الله بسوريا ومشروع إيران في المنطقة وسيحاول إقناع الولايات المتحدة تضمين هذا الأمر في إطار مقترحات الاتفاق المستقبلي مع إيران لضمان الهدوء على الحدود الشمالية لإسرائيل في مرحلة الاتفاق على الأقل.
اليمن والحوثيون وداعش سيناء لن يغيبوا عن مباحثات بنيت ـ بايدن وسيكون لهم جزء مهم خاصة أن الملفات الأخرى متعلقة بذلك علماً أن إيران يدها في كل الملفات تقريبا.
أخيراً سيتباحث الجانبان في توسيع اتفاقيات السلام مع دول الخليج وسيحث بنيت بايدن على الحديث مع الكويت والسعودية ومحاولة ضمهما إلى معاهدة إبراهيم وعقد اتفاقيات سلام على غرار اتفاقيات الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.