منذ سبع سنوات والحرب في اليمن مشتعلة، سقطت فيها العديد من الأرواح، وفشلت خلالها العديد من المشاورات، ومحاولة الوصول إلى حل بين الأطراف المتنازعة في البلد.
على الرغم من انتشار المعارك في العديد من محافظات اليمن، إلا أن معركة مأرب شكلت أهمية بالنسبة لجميع الأطراف، فالقوات الحوثية رغم سيطرتها على العاصمة صنعاء، إلا أن مأرب أهم المعارك بالنسبة لها، فمدينة مأرب مليئة بآبار النفط، والسيطرة عليها تعني الحصول على قوة اقتصادية عالية، إلى جانب ذلك، فمأرب هي قلعة الحكومة الشرعية، والسيطرة عليها تعني السيطرة على زمام الحكم في البلد، وقوة بيد الحوثي في حال حصلت مشاورات بضغوط دولية.
أما الحكومة الشرعية، فتشكل مأرب بالنسبة لها أهمية قصوى، فمأرب هي مركز سيطرتها الفعلي، وما سوى ذلك إما تحت سيطرة المجلس الانتقالي، أو قوات طارق عفاش، أو النخب، وكلها مدعومة من الإمارات، ولهذا تحرص الحكومة على الدفاع عن مأرب، وتحشد إليها كل ما يمكن حشده من جنود ومعدات القتال.
أما القوات الإقليمية، فمن صالحها أن يبقى الوضع على ما هو عليه، فالسعودية لا تريد لذراع إيران أن يتقدم ويسيطر على مأرب، فهي تعي تماماً أنها الوجهة الثانية بعد سقوط المحافظة، في الوقت ذاته لا تجد في اليمن قوة ترضى عنها، فحزب علي صالح قد تقسم أشلاء، والأحزاب الأخرى صغيرة بشكل لا يؤهلها لتولي زمام الأمور، أما حزب الإصلاح، فهذا آخر خيار يمكن أن تقبل به السعودية، فموقفها واضح من الإسلام السياسي عموماً، ومن جماعة الإخوان المسلمين تحديداً. إضافة إلى ذلك، فإن الخيار الجمهوري غير مرغوب من دولة ملكية، كل هذه الأسباب تجعل دعم السعودية لمعركة مأرب فقط للحد من توسع الحوثي فيها، دون السماح للقوات الحكومية بالتقدم تجاه صنعاء والفوز بالمعركة.
وأما الإمارات، فتدعم مجموعات خارج إطار الشرعية (التي دخلت اليمن بحجة استعادتها)، مثل المجلس الانتقالي، والنخب، وقوات طارق عفاش، وتبسط نفوذها عبر هذه الأدوات على الخطوط الساحلية، مثل ميناء عدن، وميناء المخا، وجزيرة سقطرى، كما تتواجد عسكرياً في منشأة بلحاف، وجزيرة ميون، ولهذا فإن حالة الفوضى، إلى جانب شماعة استعادة الشرعية التي تستخدمها لشرعنة وجودها، كنزان لا يمكنها التفريط فيهما.
ويبقى القسم الأخير، وهم المقاتلون والمخلصون من أبناء الوطن، هم المتضررون من هذه الدوامة، فخلال السنوات السبع سقطت العديد من الأرواح، في حرب استنزاف، وانتصارات وهمية يروج لها من قبل الأطراف المستفيدة، فالخسارة ليست خياراً في هذه المعركة، لكن الفوز فيها مستحيل.