يستمر مسلسل "باب الحارة" في موسمه الحادي عشر بتقديم محتوى مشوّه عن البيئة الشامية، إضافة إلى توجيه رسائل سياسية وتزوير حقائق تاريخية تعود لسنوات كثيرة ماضية.
ويلاحظ المتابع لحلقات الجزء الحادي عشر، الذي أنتجته شركة "قبنّض" المملوكة من عضو برلمان النظام السوري السابق "محمد قبنّض"، التلميح لشخصية "أسماء الأسد"، من خلال إعطاء أهمية كبيرة لشخصية في المسلسل تؤدي دوراً مشابهاً للدور الذي تؤديه "أسماء الأسماء" لكسب شعبية لها، خصوصاً بعد ظهورها بشكل أوسع على الإعلام في سوريا، بالإضافة إلى توجيه رسائل سياسية ضد الدول التي يعتبرها النظام تقف ضده.
رسائل سياسية من منظور النظام السوري
بعيداً عن المحتوى الذي طالته أسهم النقد بسبب غياب القيمة الدرامية، بالإضافة الأخطاء، فإنّ الرسائل السياسية والمجتمعية التي يريد النظام السوري إيصالها من خلال العمل.
في المشهد الأول من الحلقة الأولى ضمن المسلسل، يحاول الممثل "باسل حيدر" قتل شقيقته، انتقاماً لشرفه، وفق اعتقاده، وبعد فشله في قتلها، يجتمع الممثلون في "باب الحارة" على أنّه بات من الضروري تغيير العادات "العثمانية البغيضة"، التي تسيطر على عقول السوريين، في إشارة إلى جريمة القتل التي تخصّ الشرف.
والمفارقة أنّ "جريمة الشرف" في تركيا يُعاقب مرتكبها بالسجن مدى الحياة، في حين أن النظام السوري بقي حتى عام 2020 يتيح لمرتكب جريمة القتل بدواعي الثأر للشرف الاستفادة من عذر مخفف أو محل من العقوبة، قبل أن يتم إلغاء العذر بموجب مرسوم رئاسي.
أسماء الأسد
يسلط المسلسل في جزئه الحادي عشر على شخصية "الآنسة جولي" التي تلعب دورها الممثلة "رنا أبيض" وهي سيدة مجتمع راقية، تهتم بأبناء وبنات قتلى البرلمان في حقبة الاحتلال الفرنسي لسوريا، وترعى تلك الشخصية أبناء وبنات قتلى البرلمان من قوى الأمن الداخلي، وذلك في نسخة كربونية لما تفعله "أسماء الأسد" في مشروعها "جريح وطن" الذي أطلقته لدعم الموالين وذوي المقاتلين التابعين للنظام.
وتظهر تلك السيدة في جميع حلقات المسلسل، آخذة دوراً ريادياً في اللقاءات والجلسات والمنتديات، في محاكاة واضحة لزوجة بشار الأسد التي يحرص النظام على تقديمها كوجه إصلاحي.
ممثلو باب الحارة ينتقدونه!
يعتبر الجزء الحادي عشر، استمراراً للجزء العاشر، الذي كان يتحدث عن قصف ونزوح، بسبب قصف فرنسا للأحياء السكنية إبان فترة احتلالها لسوريا، في تجاهل واضح وصريح لنزوح وتهجير ملايين السوريين على يد النظام السوري، وقتلهم بالبراميل المتفجرة والصواريخ.
ورغم مشاركته فيه، انتقد الممثل السوري "علي كريم" الذي يجسد شخصية "أبو النار" المسلسل، مؤكداً أن أغلب الأحداث لا علاقة لها بالبيئة الشامية ولا تمت للواقع بصلة.
ولم يخفِ "كريّم"، الذي يلعب شخصية "أبو النار" منذ الجزء الأول، أنه يشعر بالأسى لأنه شارك في المسلسل، موضحاً أنّه "يعكس فقط الأمور التي تحرض على الأعمال العدوانية".
وقال في هذا الصدد "بحياتي بالشام ما في حارة هجمت على حارة"، لافتاً إلى أنّ أغلب قصص المسلسل افتراضية ولا علاقة لها بالشام.
وأكّد "أبو النار" أنّه يشارك في العمل من أجل المال فقط، وأنه "لا يوجد منتج يعمل في الدراما السورية لديه عمل من أجل الفن نفسه، أو لديه قضية ما أو مشروع".
وتراجعت شعبية باب الحارة منذ نهاية جزءه الرابع، عقب رفض عدد من الممثلين متابعة المشاركة فيه، والخلاف الذي حصل بين "محمد قبنض" و"بسام الملا" بخصوص ملكية العمل، والذي انتهى باستحواذ "قبنّض" عليه، مع الإطاحة بالكثير من النجوم الذين ساهموا في نجاح الأدوار الأخرى مثل "سامر المصري" و"وائل شرف"، كما أن المسلسل ابتعد عن خطه الذي التزم به في الأجزاء الأولى المتضمن التركيز على القيم من إغاثة الملهوف ومساعدة المحتاجين والتكافل الاجتماعي.