المصدر:دايلي صباح ترجمة: عبدالحميد فحام
اختار الرئيس الأمريكي أن يحذو حذو دونالد ترامب في مرتفعات الجولان، وبالتالي دمر سمعته الإقليمية وموثوقيته.
إسرائيل مصممة على الاحتفاظ بمنطقة مرتفعات الجولان التي احتلتها من سورية في حرب عام 1967، حتى لو تغيرت التصورات الدولية عن دمشق.
و قد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت مؤخرًا أثناء حديثه في مؤتمر حول مستقبل المنطقة: "مرتفعات الجولان إسرائيلية، نقطة انتهى".
و في خطابه، تعهد بينيت أيضًا بمضاعفة عدد السكان الإسرائيليين في الجولان، والذي يعد حاليًا مساويًا للطائفة الدرزية (مجموعة عرقية دينية ناطقة باللغة العربية أصلها من غرب آسيا) والتي غالبًا ما تعلن الولاء للدولة السورية.
و لقد استولت إسرائيل على مرتفعات الجولان من سورية في المراحل الأخيرة من حرب الأيام الستة عام 1967 وضمتها رسميًا في عام 1981، وهي خطوة غير مُعترف بها دولياً.
و قد غادر معظم السكان السوريين المنطقة (بعضهم بشكل طوعي، وبعضهم أجبرته القوات الإسرائيلية) وكان باقي السكان من الأقلية الدرزية.
المستوطنات الإسرائيلية
مباشرة بعد الاحتلال، بدأت الحكومة الإسرائيلية في بناء عدة مستوطنات في مرتفعات الجولان، حيث انتقل بعد ذلك جزء كبير من السكان اليهود إلى هناك.
تم إنشاء معظم هذه المستوطنات في المقام الأول عندما كان حزب العمل الإسرائيلي، المعروف باسم هافودا، في السلطة. وتم رعاية المستوطنات وتعزيزها من قِبل كل حكومة إسرائيلية منذ عام 1967.
هذه المستوطنات هي انعكاس لتصميم الحكومة على الاحتفاظ بالمنطقة. ففي مقابلة مع صحيفة دافار اليومية في عام 1974، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل اسحاق رابين عن أنه "حتى بموجب معاهدة السلام، يجب أن تكون مرتفعات الجولان ضمن سلطة إسرائيل. وأنا أؤكد: مرتفعات الجولان".
لقد جاء هذا التصريح في الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية الإسرائيلي موشيه ديان أنه يتعين على إسرائيل البقاء في مرتفعات الجولان و "يعني البقاء بما في ذلك المستوطنات الإسرائيلية هناك". اليوم، يعيش حوالي 21000 مستوطن إسرائيلي في 33 مستوطنة في الجولان السوري المحتل حيث تخطط إسرائيل لمضاعفة عدد السكان في المرتفعات الإستراتيجية، المنطقة الحدودية التي تمتد على حوالي 1800 كيلومتر مربع (695 ميل مربع).
و قد أعلن بينيت أنه يخطط لبناء مستوطنتين أخريين في المنطقة المتنازع عليها والتي تعتبرها الأمم المتحدة جزءًا من سورية. وقال "هضبة الجولان هدف استراتيجي ومضاعفة التجمعات فيها هدف للحكومة الاسرائيلية".
كما عبر بينيت عن أمله في طرح تل أبيب لخطة وطنية للمنطقة. وبحسب تقارير إعلامية، فمن المتوقع أن تتم الموافقة على الخطة في غضون ستة أسابيع على الأقل خلال اجتماع لمجلس الوزراء.
و قد صرح بينيت أنه يخطط لمضاعفة عدد المستوطنين الإسرائيليين في مرتفعات الجولان بمقدار أربعة أضعاف، من 27000 إلى 50000، ثم زيادتهم في النهاية إلى 100000 مستوطن.
ولقد شنت سورية محاولة فاشلة لاستعادة مرتفعات الجولان خلال حرب يوم الغفران، والمعروفة أيضًا باسم الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973، والتي انتهت باتفاقية هدنة وقعها البلدان في عام 1974. ولم يحدث أي اطلاق للنارمنذ ذلك الحين. تدابير غير قانونية
القرار 497 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في جلسته 2319 في 17 كانون الأول 1981 قرر أن "القرار الإسرائيلي بفرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها في مرتفعات الجولان السورية المحتلة باطل ولاغٍ وغير دولي ويحمل أثر رجعي. كما "أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مرارًا وتكرارًا أن "جميع الإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها أو ستتخذها إسرائيل، القوة المحتلة، والتي تهدف إلى تغيير الطابع والوضع القانوني للجولان السوري المُحتل هي لاغية وباطلة". وفي الآونة الأخيرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، طلبت سورية انسحابًا إسرائيليًا كاملًا إلى حدود ما قبل عام 1967 وعودة مرتفعات الجولان كجزء من أي اتفاق سلام. الأهمية الاستراتيجية
تعد مرتفعات الجولان واحدة من أكثر قطع الأراضي إستراتيجية في الشرق الأوسط. موقعها عند نقطة التقاء سورية وإسرائيل ولبنان والأردن يجعلها نقطة اشتعال طبيعية.
ومع ذلك، فإن ارتفاع المنطقة هو ما يجعلها مرغوبة للغاية. و يبلغ متوسط ارتفاع الهضبة الصخرية 1000 متر (3280 قدمًا). و أعلى نقطة في جبل حرمون تبلغ 2800 متر فوق سطح البحر. وتعد المنطقة أيضًا مصدرًا رئيسيًا للمياه في منطقة قاحلة. وتصب مياه الأمطار من مستجمعات الجولان في نهر الأردن.
قبل عام 1967، كان يعيش في الجولان أكثر من 140.000 سوري، لكن اليوم، يبلغ عدد السكان حوالي 22.000 درزي.
و لا يزال لدى الكثير منهم أقارب على الجانب السوري من الحدود المُحصنة. و تمنح المرتفعات إسرائيل موقعًا متميزًا لمراقبة التحركات السورية، وتوفر التضاريس حاجزًا طبيعيًا ضد أي توغل عسكري من سورية. كما أن الأرض الخصبة، والتربة البركانية تستخدم لزراعة الكروم والبساتين وتربية الماشية.
و الجولان هي أيضًا موطن منتجع التزلج الوحيد في إسرائيل.
ما هو موقف الولايات المتحدة؟
في حين أن الأمم المتحدة لم تعترف باحتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان السورية، فقد اعترف الرئيس الأمريكي السابق ترامب رسميًا بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وبالتالي انحرف عن جزء كبير من المجتمع الدولي فيما يتعلق بالسياسة.
من جانبه رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو بالقرار الأمريكي وأكد أن إسرائيل "لن تستسلم أبدا" لأنها "فازت بهضبة الجولان في حرب عادلة للدفاع عن النفس وتعود جذور الشعب اليهودي في الجولان إلى آلاف السنوات ".
وقد أدانت الغالبية العظمى من المجتمع الدولي القرار الأمريكي وأكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أن وضع مرتفعات الجولان لم يتغير.
و قد جاءت تصريحات بينيت الأخيرة في الوقت الذي تراجعت فيه الإدارة الأمريكية الحالية عن الوضع القانوني للجولان، وخففت بعض الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة من نبذها لبشار الأسد في سورية بسبب خوضه حرباً مستمرة منذ عقد من الزمن.
من ناحية أخرى، كانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حذرة بشكل متزايد بشأن قضية الجولان، واصفة سيطرة إسرائيل بحكم الأمر الواقع وليس بشروط قانونية.
وقد شكك وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين في اعتراف واشنطن بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، قائلاً إنه في ظل الظروف الحالية، يدعم سيطرة إسرائيل على مرتفعات الجولان، لكن يبدو أنه يشكك في شرعية قرار إدارة ترامب بشأن الهضبة الاستراتيجية.
وقال بلينكين في مقابلة مع شبكة سي إن إن في شهر شباط/ فبراير: "الجولان مهم للغاية لأمن إسرائيل, لكن الأسئلة القانونية شيء آخر. وبمرور الوقت ، إذا تغير الوضع في سورية، فهذا شيء سننظر إليه". وقد سُئل بلينكن خلال مقابلته، عما إذا كانت إدارة بايدن ستستمر في "النظر إلى مرتفعات الجولان كجزء من إسرائيل".
فقال في معرض اجابته: "طالما أن الأسد في السلطة في سورية، وطالما أن إيران موجودة في سورية ، فإن الجماعات المسلحة المدعومة من إيران ونظام الأسد نفسه موجودة هناك- كل هذا تشكل تهديدًا أمنيًا كبيرًا لإسرائيل، ومن الناحية العملية، فإن أمر السيطرة على الجولان في هذا الوضع أعتقد أنه لا يزال يمثل أهمية حقيقية لأمن إسرائيل." وقد أشارت كلماته إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تكون منفتحة على إعادة النظر في هذا الموقف في المستقبل.
كما ظهر الموقف الإقليمي للولايات المتحدة في وسائل الإعلام عدة مرات أخرى. فعلى سبيل المثال ، في شهر حزيران/ يونيو، قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، إن بايدن لم يغير قرار ترامب بشأن مرتفعات الجولان، لكنه لا يزال يعمل على هذه القضية. و عندما سئلت غرينفيلد عن تحرك ترامب، قال إن الاعتراف يظل سياسة أمريكية.
تعترف قرارات مجلس الأمن الدولي بالأرض على أنها سورية وتحتلها إسرائيل. فمنذ أن تولى بايدن منصبه في كانون الثاني (يناير)، لم يقم بالتراجع عن أي أمر قام به ترامب بما يتعلق بسياسات الولايات المتحدة طويلة الأمد في الشرق الأوسط.
إنه غير مستعد لإلغاء الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان. ليس لديه أي خطط لعقد أي نوع من مؤتمرات السلام، أو حتى عملية سلام في المنطقة في أي وقت قريب.
المسألة ببساطة ليست أولوية ولن تكون على جدول أعماله حيث تستمر إسرائيل في الاستيلاء بشكل غير قانوني على المزيد من الأراضي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والسيطرة على مرتفعات الجولان وتصميم حدودها الخاصة وفقًا لمصالحها الخاصة باسم الأمن، متجاهلة الأمم المتحدة والولايات المتحدة والمجتمع الدولي بأسره.