عادت حدّة التصعيد والخروقات للارتفاع مجدداً شمال غرب سورية بعد الانخفاض الملحوظ الذي شهدته خلال شهر نوفمبر 2020؛ حيث تتعرّض منطقة خفض التصعيد إلى قصف مدفعي وصاروخي وجوي يستهدف منشآت مدنية وعسكرية واقتصادية.
فقد شنت مؤخراً الطائرات الحربية الروسية غارات على مناطق قرب الشريط الحدودي وفي جبل الزاوية جنوب إدلب، في حين نفّذت قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية ضربات مدفعيّة وصاروخيّة على نقاط عديدة غربي حلب، مما أسفر عن مقتل وجرح عدد من المدنيين.
وكردّ على التصعيد نفّذت القوات التركية المنتشرة في محيط مدينة أريحا جنوب غربي إدلب في 1 كانون الثاني/ يناير 2022، ضربات مدفعيّة مركّزة على أهداف عسكريّة تابعة لقوات النظام وحلفائها في منطقتَيْ "معرّة النعمان" و"سراقب".
وتتزامن عودة التصعيد هذه مع قرب انتهاء فترة التفويض لآلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية بموجب القرار 2585 2020 فيما يبدو أنّ روسيا تحاول الضغط على المجتمع الدولي من أجل قبول حصر الآلية بالمساعدات عبر خطوط التماس؛ لا سيما أنّ تقرير الأمين العام للأمم المتحدة شدّد على ذلك.
حيث إن روسيا تريد ضمان استمرار وتسريع العمل بموجب استثناءات التعافي المبكّر التي نصّ عليها القرار الأُممي. وبالتالي، تقليص حجم العقوبات على النظام، وهو ما أشار إليه بشكل غير مباشر مبعوث الرئيس الخاص ألكسندر لافرنتييف في 27 كانون الأوّل/ ديسمبر 2020.
ويعود سبب استمرار التصعيد الذي تشهده مناطق شمال غرب سورية إلى استياء روسيا من التباطؤ في تنفيذ خارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها مع تركيا خلال قمة "سوتشي" بين الرئيسين رجب طيّب أردوغان وفلاديمير بوتين في 30 أيلول/ سبتمبر 2020.
ولكنّ عدم إحراز أيّ تقدُّم في تنفيذ خارطة الطريق حول إدلب مرتبط بوجود خلافات وملفات عالقة بين تركيا وروسيا، أبرزها:
• مكافحة الإرهاب.
• الوجود العسكري التركي.
• تفعيل حركة التجارة والنقل.
• إعادة الاستقرار.
وفي ضوء ذلك، لا يبدو أنّ حدّة التصعيد قد تنخفض في الربع الأوّل من عام 2022 على أقل تقدير؛ لا سيما مع قرب مرور عامين على توقيع مذكّرة موسكو (2020) حول إدلب، بل من المتوقع استمرار تبادل رسائل الاستياء والتحذير بهدف الضغط، لكن دون أن يكون هناك بالضرورة أيّ تغيّر في خارطة السيطرة والنفوذ.