المصدر: ذا ناشيونال نيوز
ترجمة: عبدالحميد فحام
يبدو أن أوروبا وأمريكا لديهما تفاهم. فالرئيس الأمريكي جو بايدن يضغط على القارة العجوز، وكذلك على الناتو، لدعم رؤيته للشراكة السياسية والأمنية عبر الأطلسي التي تركز على صعود الصين. وفي المقابل، يبدو أن أوروبا بشكل جماعي تقوم بتقديم العطاءات لايران في المفاوضات النووية التي تضم الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة – أي الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة – بالإضافة إلى ألمانيا.
وفيما يتعلق بإيران، فإن انحاز بايدن إلى زعماء أوروبا باتباع خطتهم، بدلاً من اتباعهم له، فإن هذا سيكون تحولاً غير عادي في الديناميكية الأوروبية الأمريكية. ومن المحتمل أن يكون هذا خطأ، وليس ميزة في العلاقات طويلة المدى بين هؤلاء الحلفاء، حيث سيكون من الصعب تخيل واشنطن جالسة في المقعد الخلفي لسيارة تقودها قارة لا تتحدث بصوت واحد على المسرح العالمي.
و لسوء الحظ، كانت أوروبا أقل التزامًا بالقيم الليبرالية التي تدّعي أنها تتبناها من خلال محاولة إخراج إيران من العزلة، بدءًا من المحادثات النووية. ولقد قررت القوى الرئيسية في القارة أن من مصلحتهم تقديم تنازلات لإيران في هذه المفاوضات، حتى لو كانت الأخيرة تقوّض سيادة وكرامة العديد من الدول العربية التي تدّعي الدول الأوروبية الأعضاء أنها تحافظ معها على علاقات قوية، مثل لبنان.
إنه من الواضح و منذ الآن أن دول مجموعة 5 + 1 قد وافقت تمامًا على مطلب إيران باستبعاد أي نقاش بشأن سلوكها الإقليمي من محادثات فيينا التي تُعقد بغرض إحياء الاتفاق النووي لعام 2015. و لا تزال القوى الأوروبية تأمل في إقناع النظام بإدراج جوانب برنامج الصواريخ الباليستية في المحادثات. ومن الواضح أنهم قلقون أكثر بشأن صواريخها بعيدة المدى، التي يمكن أن تتعرض لها القارة في حال تعرضها لهجوم من طهران، أكثر من قلقهم بشأن صواريخها قصيرة ومتوسطة المدى التي تهدد أمن الشرق الأوسط.
إن لبنان، على وجه الخصوص، يتحمّل العبء الأكبر من هذا النهج ، مع كون طهران القوة الأساسية وراء استيلاء وكيلها حزب الله على مقاليد الدولة والقضاء في البلاد. والاستسلام لإملاءات إيران يعني أن قلق الأوروبيين المعلن عن الوضع في لبنان لم يكن سوى تصريح أجوف.
و بفضل جهودهم، وافقت إدارة بايدن على إعادة إطلاق المحادثات مع إيران في فيينا في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر.
ويقال إن الرئيس الأمريكي ناقش المسألة الإيرانية مع نظرائه الأوروبيين في اجتماع مجموعة العشرين الأخير في روما وخلال مؤتمر قمة المناخ COP26 الجاري في غلاسكو.
و في جميع الاحتمالات، سيتم إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) – كما تُعرف صفقة 2015 التي ماتت بالكامل – قبل نهاية العام وستكون بمثابة هدية وداع للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، نظرًا لتصميمها على إبرام صفقة.
ومن المرجح أن تتكثف المفاوضات أيضًا بسبب حاجة طهران الملحة لرفع العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة واندفاع أوروبا للاستفادة من المكاسب غير المتوقعة.
كما يمكن اعتبار الانتخابات المحلية التي جرت هذا الأسبوع في الولايات المتحدة، ونتائجها استفتاء دامغًا على 10 أشهر من تولي بايدن منصبه، سببًا آخر للإلحاح المتجدد. حيث يحتاج الرئيس إلى انتصار في السياسة الخارجية، ولن يساعده إلا التنسيق المتزايد مع أوروبا، خاصة بعد انسحاب إدارته الفوضوي للقوات التي تقودها الولايات المتحدة من أفغانستان في شهر آب/أغسطس.
لقد بدأ البعض في واشنطن، بمن فيهم من داخل المؤسسة العسكرية والمعارضة، في مقاومة مزاودات أوروبا نيابة عن إيران بسبب مخاوف من تقويض المصالح الأمريكية وإعطاء طهران شيكًا على بياض لتصعيد سلوكها العدواني ضد لبنان والدول العربية الأخرى.
إن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، الذي وصل إلى السلطة في أيلول (سبتمبر) بدعم من حزب الله، سئم من العرقلة والأحادية التي تُطلق على حكومته من "الداخل". وهو يقاوم ذلك النوع من "تدخل مجلس الوزراء في عمل القضاء" الذي يتبعه حزب الله وحركة أمل.
فحكومة ميقاتي ضعيفة للغاية، فهو غير قادر على إقالة أو كبح جماح وزير الإعلام جورج قرداحي بسبب تصريحاته النارية بشأن الحرب في اليمن والتي أحدثت شرخًا دبلوماسيًا بين لبنان ودول الخليج. لكن، بعد ذلك، يمكن لـ قرداحي أن يبقى محتجزاً للمصالح الوطنية للبنان كرهينة لأنه يعرف أن لا الدول الأوربية ولا إدارة بايدن ستتدخل في هذا الشأن كما أن ما تفعله هذه القوى الغربية من خلال غض الطرف عن أنشطة إيران في لبنان وأماكن أخرى هو أنها تخون قيمها الخاصة.
و بسبب ازدواجية الغرب فإننا نطالب مدينة الفاتيكان مطالبة بالتدخل في شؤون لبنان والمساعدة في وقف السقوط الحر السياسي والإنساني والقانوني المرعب في البلاد.
و نظرًا لأن المسيحيين يشكلون ما يقرب من ثلث سكانها ، فإن لدى البابا سبب قوي بما يكفي للقيام بذلك. و بشكل حاسم، لديه أيضًا نفوذًا يجب عليه، بالتالي، استخدامه للضغط على القوى العالمية – لا سيما الولايات المتحدة وروسيا والدول الأوروبية الشقيقة – لإبقاء أقدام طهران في النار.