في سورية و قبل 2011 كانت الاجتماعات الكبيرة تحتاج إلى موافقة من فرع الأمن السياسي على أقل تقدير ولا نتحدث هنا عن الاجتماعات السياسية فهي ممنوعة على أي حال ولكن أي اجتماع بما في ذلك الأعراس، وفي السنوات العشرة الأخيرة أصبح السوريون أكثر اعتياداً على عقد الاجتماعات لمناقشة مسائل سياسية واقتصادية و اجتماعية وفي غالب الأحيان تجتمع أعداد كبيرة تقدر بالعشرات خلال هذه الجلسات وتستمر الجلسات لساعات طويلة، ولكن ما هي النتائج التي تخرج بها هذه الاجتماعات؟ قد يخطر في ذهنك إجابة أنه ما من شيء مفيد و هو أمر صحيح في معظم الحالات، بل قد يخرج المجتمعون نادمين على حضور الجلسة فغالباً ما يتداخل شخص يخلط الأوراق ويخرج الاجتماع عن مساره، والسؤال الذي يخطر على بالنا أنه لماذا يتم هدر كل هذا الوقت، وما الذي علينا أن نفعله لنجعل هذه الاجتماعات أكثر تأثيراً؟.
في الحقيقة قد لا يكون هناك أسلوب واحد وقالب جامد لتعزيز أداء الاجتماعات فقد قضيت سنوات طويلة في إدارة الحوارات و حضرت عدد واسع من النقاشات و الجلسات و المحاضرات التي استطيع أن أضع لكم من خلالها مجموعة من التوصيات التي تجعل الاجتماعات الكبيرة أكثر فعالية.
أرسل الدعوات بشكل مسبق وكافٍ مع جدول الأعمال وشرح واضح للمطلوب من المدعوين، فإذا كان الاجتماع لمراجعة نظام داخلي أو وثيقة أو بيان فعليك أن ترسل مسودة المستند قبل يومين على سبيل المثال مع جدول الأعمال و طلب بوضع ملاحظاته عليها، كما يمكن أن تطلب من المدعوين إرسال ملاحظاتهم قبل الاجتماع بغية تفريغها في ملف وذلك لجعلهم أكثر حرصاً على تنفيذ المطلوب، ويعد الوتس أب و برامج التواصل الاجتماعي الشائعة وسيلة جيدة و سريعة لإرسال و استقبال الردود.
اختر محاوراً قوياً لإدارة الاجتماع حيث أن المحاور الذي يمكن أن يلعب دور التنظيم و التنسيق سيكون له دور أساسي في تطور الاجتماع و سيكون صاحب الدور الأكبر في الخروج باجتماع ناجح أو فاشل، ويمكن أن يتم اختيار شخص متخصص ويعرف الأشخاص الحاضرين بشكل جيد ويعطيهم قدرهم وحقهم في الحديث مع ضرورة تمتعه بكامل الاحترام و أن يكون مطلع على ثقافة الحاضرين و أن لا يتجاوزها.
احرص على سرد جدول الأعمال منذ البداية ولا تسمح بالخروج عنه وإذا طلب أحد الحضور إضافة نقطة إلى جدول الأعمال فيجب أن تكون قبل الاجتماع وليس أثناءه، أخبره بلباقة أن الوقت المخصص لكل نقطة محددة ويمكن أن يتم تأجيلها لنهاية الجلسة في حال تبقى وقت أو إدراجها في محضر الاجتماع كنقطة للجلسة المقبلة، كذلك وضح أهداف الاجتماع و تأكد أن الجميع لديه فهم واضح لهذه الأهداف والتي تتمثل بسبب الاجتماع و المتوقع الخروج منه مع نهايته.
دون كل شيء على شكل محضر ثم لخص المحضر في نقاط أساسية مختصرة و احرص على أن تذكرها في النهاية سواء كانت نقاط توافق أو نقاط خلاف مرجئ نقاشها، و أرسل ملخص الجلسة مع تاريخها وذكر أسماء الحضور للمدعوين، وفي حال كان هناك نقاط تنفيذية تحتاج لمتابعة فاحرص على أن يذكر اسم المتابع و المدة الزمنية المتوقعة للمتابعة.
الضيوف غير المدعوين من الصعب أن يتم رفض إدخالهم في بيئة اجتماعية لا تقبل هذا الأمر، لذا رحب بهم ولكن احرص على أن تكون مشاركاتهم في حدود النظام الداخلي أو العرف فإذا كان لا يحق لهم التصويت على قرار فيجب أن يتم لحظ هذا وإذا كان لديهم مشاركة فيمكن أن تذكر الحضور أنهم ضيوف مع فلان.
تجنُّب المشاغبين: أحياناً يكون في الجمهور الحاضر بعض المشاغبين الذين يهدفون لتخريب الاجتماع حرفياً، سيساعد تحديد الدور و تحديد سقف زمني للمداخلة و منع السجال على تخفيف شغبهم وتقليل أثاره كما يمكن أن يعمل المنظم على مقاطعتهم بجرأة في حال خرجوا عن الموضوع.
يجب أن تكون آليات اتخاذ القرار واضحة كذلك وفي حال تاه البعض عنها فيجب إعادة التذكير بها فهل هي التوافق أم التصويت أم النقاش حتى التوصل لرأي استشاري يؤخذ به أو يرد، وفي حال كان الاجتماع مهماً فيمكن أن تجري جلسة محاكاة بزيارة مكان الاجتماع وترتيبه بشكل مسبق و تصور شكل الجلسة وكذلك وضع عدد من السيناريوهات المتوقعة للجلسة على صيغة أنه في حال حصل كذا يمكن التصرف بطريقة كذا، فكل هذا سيساعدك على أن تصل إلى النتائج المرجوة وأن توفر وقتك و جهدك و كذلك أوقات الآخرين.
ربما يتضايق البعض بداية من التنظيم الشديد للاجتماعات الكبيرة ولكنهم سرعان ما يعتادون الأمر وسيبدؤون بمطالبتك بالالتزام بالقواعد التي تم اعتادوا عليها لأنهم سيجدون أثرها الواضح في الحصول على النتائج.